المسلمون یرفضون الاساءة.. لا فرق بين الأزهر وحوزة قم
اذا كان البابا حر في الادلاء بتصريحات تحريضية فهل يسمح الغرب بأن ينبري أحد علماء المسلمين بدعوة الجاليات الاسلامية في الدول الغربية الى السعي نحو الانفصال وتشكيل دولة أو حكم ذاتي خاص بهم نتيجة سياسة التمييز التي تمارسها بعض الدول الغربية تجاه المسلمين،
اتخذ الأزهر الشريف أمس الأول الخميس قرارا بوقف الحوار مع الفاتيكان نتيجة التصريحات المتكررة للبابا بنديكت المسيئة للاسلام، وكذلك لتدخله في شؤون البلدان الاسلامية، وذكرت وسائل الاعلام أن الكاردينال بيتر توركسون رئيس المجلس المسكوني للعدالة والسلام رد قرار الأزهر بالقول "لا احد يمنع البابا من التعبير عن رأيه"، وذلك وقال توركسون لوكالة الانباء الايطالية (انسا) "لكل بلد الحق في الادلاء برأيه كما يريد ولكن لا احد يمكنه منع البابا من التعبير عن رأيه في ما يتصل بابنائه"، واضاف توركسون ان "الحوار مع الاسلام لن يتوقف"، مشددا على انه "غير محصور بمصر" ولافتا خصوصا الى ايران.
ويلاحظ على رد الفاتيكان على قرار الأزهر عدة أمور أبرزها: أن الفاتيكان برر تدخل البابا في شؤون الدول الاسلامية بأن البابا حر في قول ما يشاء، ولا أحد يعترض على حرية البابا ولكن هل يجوز للبابا أن يقول ما يشاء خاصة اذا فسرت تصريحاته على أنها تدفع المسيحيين على التمرد على البلدان التي يقطنون بها والسعي الى الانفصال عنها فضلا عما اذا كان كلامه يصرح بذلك؟ واذا كان البابا لا يقصد شيئا من تصريحاته وأنه لا يميز بين الأبرياء سواء كانوا مسيحيين أو غيرهم فلماذا انتفض للتفجير الذي وقع أمام كنيسة القديسين في مصر ولم يرف له جفن للتفجيرات التي تحصد يوميا العشرات من المسلمين؟
اذا كان البابا حر في الادلاء بتصريحات تحريضية فهل يسمح الغرب بأن ينبري أحد علماء المسلمين بدعوة الجاليات الاسلامية في الدول الغربية الى السعي نحو الانفصال وتشكيل دولة أو حكم ذاتي خاص بهم نتيجة سياسة التمييز التي تمارسها بعض الدول الغربية تجاه المسلمين، أو نتيجة القرارات المجحفة التي تصدر ضد المسلمين كمنع ارتداء الحجاب في المدارس أو الدوائر الحكومية؟
كما أن التهديد المبطن بنقل الحوار من الفاتيكان الى ايران يحمل في طياته العديد الاحتمالات في مقدمتها أن الفاتيكان يريد دفع الأزهر الى الغاء قراره بسرعة والعودة بسرعة ايضا الى الحوار قبل أن يقرر الفاتيكان بنقل الحوار، ومن الطبيعي أن الأزهر لو سارع في الغاء قراره فانه سيسجل نقطة لصالح الخصم ويوحي بأنه اتخذ قرارا خاطئا، كما انه ليس من المستبعد أن يكون الفاتيكان يسعى الى اثارة الخلاف بين ايران ومصر، وفي نفس الوقت ليس من المستبعد أنه يريد الايحاء للمتلقي وكأن ايران ليس لديها مانع في الاساءة للاسلام وبذلك يشوه صورة ايران امام المسلمين.
وبكلمة فان الاساءة للاسلام سواء لتعاليمه أو لرموزه يرفضها المسلمون جميعا سواء صدرت من المسيحيين أو غيرهم، بل صدرت مواقف من شخصيات وأوساط اسلامية تحتج على اساءة بعض المسلمين لرموز أو تقاليد مسلمين آخرين فما بالك اذا صدرت من غير المسلمين، وان انعكاسات وتبعات هذه الاساءات لا تتوقف عند حد جرح مشاعر الآخرين بل تتجاوز الى حد التحريض واشعال فتيل الفتنة وربما تتطور الى حد القتال والحرب الأهلية والطائفية، من هنا فان الاساءة للاسلام أو الاساءة لتقاليد المسلمين أمر مرفوض ليس من قبل الأزهر باعتباره احد منائر الاسلام وحسب وانما من الحوزة العلمية في قم أيضا باعتبارها منارا اسلاميا آخرا.
ويعتقد أغلب المسلمين أن وراء الاساءة للاسلام والمسلمين ايادي خبيثة حتى لو صدرت من بعض المسلمين، ويعتقدون ايضا أن هذه الاساءات لا تخرج من أحد أمرين، أما أن يكون المسيء (سواء مسلما أو غير مسلم) جاهلا أو أنه يسعى الى تحقيق بعض المآرب وبالتالي يكون عميلا لطرف ما.