في ذكرى استشهاد كريمة أهل البيت السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام
تنا
أصبحت قم بعد أن تشرفت بعطر النبوة ونفحة الإمامة وقداسة الوحي من أهم الحواضر الشيعية في العالم، ولم يخل هذا المرقد الطاهر من الزائرين منذ أن حلت فيه (عليها السلام)، وها هو الضريح المقدس يشخص في قم كالشمس تحيط به هالات القداسة وتشمخ فيه المنائر والقبب.
شارک :
يا بنتَ موسى وابنةَ الأطهارِ * أختَ الرضا وحبيبةَ الجبّارِ
أنتِ الوديعةُ للإمام على الورى * فخرُ الكريمِ وصاحبُ الأسرارِ
لا زلتِ يا بنت الهدى معصومةً * مِن كلّ ما لا يَرتـضيه الباري
مَن زار قبرَكِ في الجِنان جزاؤهُ * هذا هو المنصوصُ في الأخبارِ
في بيت يشعّ في أرجائه العلم نشأت السيدة فاطمة المعصومة وهي تقتبس من علوم أبيها وأخيها (عليهما السلام) فكانت العالمة والعابدة والمحدِّثة, سمعت الحديث وروته عن آبائها المعصومين (عليهم السلام), ومن الأحاديث التي روتها حديث الغدير الذي ذكره عنها الحافظ شمس الدين الجَزري الشافعي المتوفّى سنة (833هـ) في كتابه (أسنى المطالب) وهو عن سلسلة من بنات الأئمة الطاهرات تنتهي بسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام), كما روت السيدة فاطمة حديث النبي (صلى الله عليه وآله) عن نفس السلسلة: (يا علي أنتَ منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) وروى لها أيضاً الصدوق والمجلسي في بحار الأنوار عدة أحاديث .
وأخيرا آن لهذه الروح الطاهرة أن تستقر عند بارئها في روح وريحان وجنة نعيم بعد عمر مليء بالأحزان والآلام, حيث فاضت روحها الطاهرة إلى ربها راضية مرضية ولما تكمل العقد الثالث من عمرها, فقد توفيت في اليوم العاشر من شهر ربيع الثاني سنة (201هـ) في مدينة قم المقدسة ولها من العمر (28) سنة.
بُني على قبرها الشريف سقيفة من البواري أول وفاتها ثم بَنَت السيّدة زينب بنت الإمام محمّد الجواد (عليه السلام).عليه قبّة, ثم توسّع البناء شيئاً فشيئاً عبر التأريخ ليصبح على ما هو عليه الآن من الجلال والعز الإلهي, وليكون هذا القبر الملجأ والملاذ لقلوب ألهبها الشوق إلى جنة المأوى، فهو الكوثر للظامئ, وهو الدليل للتائه, وهو النور للضال, وهو الواحة للتَعِب, وهو القدس والفردوس, وهو الروض السرمدي الذي حوى شذى النبوة وكنه الإمامة, جعله الله مهوى الأفئدة ومقصد الأرواح, ففيه الجنة كما قال الامام محمد الجواد عليه السلام (من زار عمتي فاطمة المعصومة بقُم عارفاً بحقها فله الجنة).
أصبحت قم بعد أن تشرفت بعطر النبوة ونفحة الإمامة وقداسة الوحي من أهم الحواضر الشيعية في العالم، ولم يخل هذا المرقد الطاهر من الزائرين منذ أن حلت فيه (عليها السلام)، وها هو الضريح المقدس يشخص في قم كالشمس تحيط به هالات القداسة وتشمخ فيه المنائر والقبب.
وقد أصبحت قم بفضل هذا المرقد الشريف من أهم مراكز العلم وأصبحت في فترة من الفترات مرجعاً عاماً للمذهب الشيعي ومقراً لكبار علمائهم عندما سكنها الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي مؤسس حوزتها العلمية المتوفى سنة (1355هـ) والمدفون فيها، والسيد حسين الطباطبائي البروجردي المتوفى سنة (1380هـ).