مسيرة الاربعين هي ثورة عقائدية واخلاقية ناعمة، کما انها حرکة نهضوية وتضحوية في ان معا، وهي منظومة جهادية واعية قوامها الارادة الحرة لأبناء الامة الاسلامية على البذل والعطاء والصبر وتحمل والشدائد والصعاب ومقاومة الطغاة والمستکبرين والغاصبين...
شارک :
مسيرة الاربعين الكبرى بدأت وستستمر حتى 20 صفر، ولإرتباطها بوحدة الأمة واستنهاضها الحضاري، نختار مقالا منشورا على شبكات التواصل الاجتماعي، لنؤكد أن أعطاء هذه المسيرة أصبح يشغل حيزا مهم من أفكار المسلمين ومثقفيهم وعلمائهم.
التضحية الحسينية هي اعظم المآثر الاسلامية والانسانية عطاء وعاطفة وإحساسا، وازاء ذلك فانها کانت ومافتئت تلتحم بشکل مباشر بالضمائر الحية والاهداف العادلة والتطلعات المصيرية لبني البشر کافة على مر العصور.
في هذا السياق تعتبر "مسيرة الاربعين" مشيا على الاقدام من انحاء العراق صوب مدينة کربلاء المقدسة حيث مرقد الامام الحسين بن علي (عليهما السلام) والثلة الطاهرة من اهل بيته واصحابه الکرام الذين استشهدوا في يوم العاشرمن محرم عام 61 للهجرة (عاشوراء)، محطة خالدة في التاريخ الاسلامي جديرة بالکثير من الاهتمام والتأمل والدراسة، باعتبارها حرکة جماهيرية هائلة تکتسب ميزاتها الاساسية من العفوية والبساطة والزهد والتواضع والتعاون والتکاتف، وهي المعاني النبيلة التي يتنافس المحتفون بهذه الذکرى علي تجسيدها قولا وعملا، وهم بالملايين نساء ورجالا وشيوخا واطفالا، علماء ومفکرين وساسة، اغنياء وفقراء، مسؤولين وکسبة وعمالا وفلاحين ،اصحاء ومرضى ومعوقين، يحدوهم الامل جميعا بأن تدون اسماؤهم في سجل المناصرين لثورة حفيد الرسول الاکرم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، على الطغيان والانحراف والردة يوم تحکم «ابناء الطلقاء» برقاب المسلمين، واخذوا يسوقون الامة نحو مسالك المعاصي والهلکة وسوء العاقبة.
وبما ان الاعمال تعبر عن ادق الاحاسيس، فانه من المفيد القول بأن "مسيرة الاربعين" هي ثورة اسلامية ناعمة تحمل رسائل معنوية هائلة الى شعوب العالم اجمع؛ اهمها :
اولا) ان التضحية من اجل العقيدة والمبدأ يهون دونها الغالي والنفيس، والاموال والارواح والابناء والأحباء والاخلاء.
ثانيا) ان هذه المسيرة الملايينية مظهرعظيم للطاقات والقدرات الايمانية الصادقة لعموم الامة، باعتبار ان المشارکين فيها-عدا ابناء البلد - جاؤوا الى العراق من شتى انحاء الارض، وقد يمموا وجوههم سيرا ، لمئات الکيلومترات وبعضهم حفاة ، صوب تلك البقعة الطاهرة التي تضم في طياتها جثمان اعظم بني البشر من آل البيت النبوي الشريف (عليهم السلام)، واجساد المجاهدين الکبار الذين واسوا سيد شباب اهل الجنة الامام الحسين (عليه السلام) بأرواحهم واغلي ما عندهم دفاعا عن الاسلام المحمدي الاصيل.
ثالثا) يعتبر المراقبون ان (المسيرة) تجسد حالة تعبوية موًاجة، وهي في خدمة حماية العملية السياسية العراقية بقدرات لا حدود لها، وصيانة منجزاتها التغييرية على مستوى تحريرالشعب من قيود الافکار الشوفينية والعنصرية والمادية البائدة، وتخليص البلاد والعباد من العصابات الارهابية والمجموعات المتطرفة، ومکافحة المشاريع الطائفية الخارجية الساعية الى اعادة ارض وادي الرافدين الى المربع الاول.
رابعا) انها تمثل تحديا شعبيا سلميا للغة «القتل» و«الرعب» و«التطرف المذهبي» و«الابجديات التکفيرية» التي ينفر المسلمون ويبرأون منها ، لاسيما بعدما تحولت هذه اللغة الى استراتيجية (صهيوغربية ــ سعودية ـــ قطرية) لاغراق العالم الاسلامي بشلالات الدم والفوضى والاضطرابات والتناحرات بين ابناء الوطن الواحد من جهة، وفي اوساط الامة بأسرها من جهة اخرى.
خامسا) ان الطبيعة الجوهرية لمسيرة الاربعين وزيارة ضريح الامام الحسين(ع) يوم العشرين من صفر من کل عام تقضي بان تکون الشمولية الجماهيرية، هي سيد الموقف والغاية الاساسية لهذه (الثورة الناعمة)، ومن هذا المنطلق المبدئي ترسم هذه المسيرة (لوحة فسيفسائية رائعة) لا نظير لها في العالم علي صعيد التنوع البشري والمذهبي والفکري والاجتماعي.
مما مضي يتضح ان مسيرة الاربعين هي ثورة عقائدية واخلاقية ناعمة، کما انها حرکة نهضوية وتضحوية في ان معا، وهي منظومة جهادية واعية قوامها الارادة الحرة لأبناء الامة الاسلامية على البذل والعطاء والصبر وتحمل والشدائد والصعاب ومقاومة الطغاة والمستکبرين والغاصبين والمنحرفين، مثلما صنع سيد الشهداء الحسين بن علي (عليهما السلام) في ثورته الخالدة التي انطلقت من اجل الاصلاح في امة جده المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيادة قيم الحرية والعدالة والمساواة والخيروالفضيلة، والامر بالمعروف والنهي عن المنکر.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية/
الشؤون الدولية