لو قام كل مسلم والقى دلوا من الماء على اسرائيل لجرفتها السيول.
شارک :
عندما بدأت معاناة العرب التي لم تنته حتى اليوم، لم يكن أولها وأيضاً آخرها الوعد الذي أنشأ وطن قومي لليهود على الأراضي العربية. وعدٌ لعبت بريطانيا من خلاله على وتر الحرب والسلم، لتأييد اليهود وجلبهم الى صفها من جهة، ولتنتصر في الحرب من جهة أخرى. وكما كل الأمور الغربية لكل شيء ثمن يدفع، لكن الذي يدفعه هم العرب أو من مثلهم في العالم.
وعدٌ أو وثيقة عبارة عن رسالة أرسلها آرثر جيمس بلفور إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد بتاريخ ٢ نوفمبر ١٩١٧ يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. يجب التنويه أن الرسالة قد أرسلت قبل أن يحتل الجيش البريطاني فلسطين.
إن وعد بلفور بدأ بفكرة كان هدفها إرضاء اليهود وإيجاد مأوىً لهم، حيث كان هم بريطانيا وحلفائها من القوى العالمية في ذالك الوقت أيواء اليهود والاستراحة من "همهم" من جهة، وتفتيت العرب والمنطقة لابقاء سيطرتهم عليها وابقائها مستعمرات لهم بعد الرحيل عسكرياً عنها من جهة أخرى.
الفكرة التي تحولت حقيقة، ينعم بها اليهود في العالم، وينقم منها الفلسطينيين في فلسطين المحتلة. بعد التوقيع على الوعد بين الآطراف، أنشأ الكيان الصهيوني، وبدأت الدعوات منذ ٩٥ عاماً ليهود العالم بأنه أصبح لهم موطن ليأتوا إليه، فكانت الهجرة المعاكسة، من الدول نحو فلسطين المحتلة.
هذا هو واقع دولة"إسرائيل"، حيث مضى ٩٥ عاماً على وعد "بلفور" الذي كرس لفكرة وجود وطن قومي لليهود في فلسطين، وهو الوعد الذي يرى فيه العرب ذكرى شتاتهم، ولكن ماذا يرى الغرب في هذا الوعد ؟! .
الى ذلك، يعتبر وعد "بلفور" أول بيان من قوى دولية تعترف بوجود وطن قومي لليهود في فلسطين، حين أرسل "آرثر جيمس بلفور" خطابا إلى اللورد، ليونيل وولتر دي روتشيلد، في ٢ نوفمبر ١٩١٧ يشير إلى تأييد الحكومة البريطانية لوجود وطن قومي لليهود في فلسطين، وكان "بلفور" يعمل في وزارة الخارجية البريطانية آنذاك.
من جهته، يقول الدكتور جوهانثان شينر، صاحب كتاب "وعد بلفور.. أصل الصراع العربي الإسرائيلي"، والذي حصل على جائزة الكتاب اليهودي القومي لعام ٢٠١٠، وعد "بلفور " ينظر إليه البعض باعتباره حجر الأساس لـ "إسرائيل"، وهو الشيء الذي يستحق أن يحتفى به، في حين يراه البعض الآخر بداية لمأساة العرب، وهو الشيء الذي يستحق الاستنكار، ولكن الجميع يرى أنه نتيجة لا مفر منها للعلاقة "الأنجلو صهيونية" الجيدة أثناء الحرب العالمية الأولى.
ولأن العلاقات بين الدول قائم على المصالح المشتركة، يقول البعض أن سبب الوعد الشؤوم هو الحملة التي نظمها التي نظمها "حاييم وايزمان" الصهيوني البريطاني ذو الأصول الروسية، والذي استطاع من خلالها زرع مبادئ حركته داخل النخبة السياسية البريطانية، مشيرين الى أن العالم "وايزمان" كان قد اكتشف مادة "النيتروجليسرين" شديدة التفجير، وأعطى بريطانيا حق التركيب العلمية، لتستخدمها أثناء الحرب العالمية الأولى، وقد كان رئيسا للمنظمة الصهيونية العالمية، وهوأصبح فيما بعد أول رئيس "لإسرائيل" عام ١٩٤٩.
الى ذلك، أشار شينر في مقال له بعنوان "معاداة السامية ساعدت في خلق إسرائيل" إلى أن هدف بريطانيا أثناء الحرب العالمية الأولى لم يكن سوى النصر، وحينما فشلت المحاولات في توجيه الدولة العثمانية نحو التخلي عن حليفتها ألمانيا، وقتها قررت بريطانيا الاستعانة باليهود، مؤكداً أن بريطانيا قد بدأت فى جذب دعم يهودي في الفترة السابقة لوعد "بلفور"، و كان هذا الوعد هو "خاتم الخطبة" الذي تقدمه الحكومة البريطانية، وتوقعت بريطانيا بذلك أن اليهود الأمريكان سوف يجعلون أمريكا تدخل الحرب، كما كانوا يغازلوا الأموال اليهودية معتقدين أن كل اليهود صهاينة، الأمر الذي ثبت عدم صحته.
كما أن التعاون لم يتوقف على ذلك فقط بل إنه امتد لداخل الدولة العثمانية؛ حيث وعد اليهود و"الدونمة" - وهم هؤلاء الذين تحول أجدادهم من اليهودية للمسيحية ولكنهم ظلوا مؤمنين باليهودية من داخلهم - بالتوقف عن دعمهم للسلطان العثماني الذي كان سقوطه لا مفر منه، في مقابل أن تعدهم بريطانيا بإنشاء وطن لهم في فلسطين.
بالمقابل، ووسط كل هذا الدعم عارض العضو اليهودي في الحكومة البريطانية "إدوين مونتاجو" وبشدة "وعد بلفور" لأنه رأى أنه تشجيع على معاداة السامية من خلال طرد اليهود من بلادهم، وقال محذراً "فلسطين ستصبح جيتو اليهود في العالم"، ويرى المؤرخين أن نقد "مونتاجو" أدى إلى تغيير مهم في مسودة الوعد، حيث تغيرت جملة "دعم جعل فلسطين وطن قومي لليهود" إلى "إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين".
ولكن، وبعد مرور هذه الأعوام الكثيرة التي قاربت الوصول الى قرن من الزمن، هنا القول، ما هي الدلالات على نتائج هذا الوعد؟ أهو انتصار دائم وأزلي للغرب على العرب؟ أم هو تخاذل العرب فيما بينهم؟ أم إنه الضعف والتشرذم في حل القضايا المشتركة؟
التفوق للغرب دائماً وخدمة للصهاينة معادلة كسرت منذ انتصار تموز. أما فيما يخص التخاذل العربي والختلاف الطاغي على حل مشاكل الأمة أمر لا مفر منه، حيث أن العرب لو توحدوا لمرة واحدة فيما بينهم لانتصروا منذ زمن بعيد، ولأوقفوا معاناة الشعب الفلسطيني، ولأزالوا الكيان الصهيوني وجعلوه لم يكن أصلاً. وكما قال الإمام الخميني الامام الخميني(قدس) "انه لو قام كل مسلم والقى دلوا من الماء على اسرائيل لجرفتها السيول".
تجدر الاشارة الى أن مناصري القضية الفلسطينية أطلقوا عبارة "وعد من لا يملك لمن لا يستحق" لوصفهم الوعد المشؤوم.
الى ذلك، من الضروري التذكير، بأنه عندما صدر الوعد كان تعداد اليهود في فلسطين لا يزيد عن ٥% من مجموع عدد السكانفي فلسطين، ولكن اليوم التبجح الصهيوني يملأ اركان فلسطين كلها، بعد اغتصابهم للأرض وطرد أهلها منها، يعملون لجعل فلسطين كلها لهم.