رئيس جامعة قم الاسلامية : كما تعود ابناء المذاهب الاسلامية العمل على تنمية المشتركات والتمحور حولها وصولا الى التقريب، يجب على اتباع الديانات الابراهيمية ايضا ان يبحثوا عن مشتركاتهم الفكرية والعقائدية من اجل التقريب والتناسق المنشود في حواراتهم الدينية.
شارک :
وكالـة أنبـاء التقريـب(تنـا) تعقيبا على الجلسة التمهيدية لاجتماعات الدورة الثالثة لحوار الاديان والتي اقيمت امس الاول الاحد بمركز حوار الاديان بطهران، افاد مراسل وكالة انباء التقريب (تنـا) ان الجلسة الاولى لهذه الاجتماعات عقدت صباح الاثنين بجامعة قم، وشارك فيها الوفد الأسقفي من مركز حوار الأديان بسويسرا وعدد من العلماء والمفكرين واصحاب المؤسسات العلمية والدينية المعنية في مدينة قم المقدسة.
وجرت مراسم افتتاح الندوة بتلاوة عطرة للقرآن الكريم ثم قراءة مقتطفات من كتاب الانجيل باللغة العربية. وتناول المشاركون المحور الرئيسي لهذه الجولة من الاجتماعات وهو "كرامة الانسان من المنظور الديني".
وتقدم المحاضرين، الدكتور مصطفى فضائلي مساعد الشؤون التعليمية في جامعة قم، مرحبا بالوفد السويسري والحضور واصفا هذه الاجتماعات بأنها مفيدة جدا من اجل التنسيق والتقارب بين رجال الدين وعلماء كافة الديانات السماوية. كما قدم نبذة عن تاريخ وثقافة البلدين العريقين ايران وسويسرا.
ثم تحدث الدكتور حسين مظفري ممثلا عن مركز حوار الاديان في رابطة الثقافة والعلاقات الاسلامية، وقد اشار في حديثه الى الجولات الماضية لهذه الحوارات التي انعقدت في طهران وسويسرا وصولا الى الدورة الثالثة الحالية والتي تمحورت حول كرامة الانسان من المنظور الديني.
وحول اسباب اختيار الكرامة الانسانية محورا لهذه الدورة قال مظفري: قبل اثنين وستين عاما نشر مقال في احدى الصحف الأمريكية تحت عنوان كرامة الانسان، اشار مؤلفها الى ان المجتمعات التي تاسست انظمتها على الديمقراطية جعلت من الكرامة الانسانية اهم المبادئ في قوانينها واعرافها.
وتابع مظفري : كما ان كافة الوثائق والمستندات الخاصة بحقوق الانسان والتي دونت في تلك السنوات تشير وتؤكد على اهمية الكرامة ومكانتها الرفيعة في المجتمعات الاوربية انذك؛ لكن مع الاسف نلاحظ تضاءل هذا الاهتمام من قبل الخطاب الغربي شيئا فشيئا حتى قوبل بالتشكيك من قبل بعض المنظرين واصحاب الرأي في هذه المجتمعات، وكان الناتج لهذه الكارثة وقوع عدد كبير من الحروب والاعتداءات بحق الشعوب والدول ارتكبها الاستكبار العالمي الذي تناسى قيمة الانسان وكرامته كما هو الحال في دول العراق وافغانستان وفلسطين. وايضا العمليات الارهابية والجرائم التي ارتكبتها الفئات الارهابية والعميلة للاستعمار في المساجد والكنائس دون الفصل بين العسكريين والمدنيين.
وخلص مدير مركز حوار الاديان الى ان " في هذه الاجواء يتوجب على كل اصحاب الضمائر والنوايا الحسنة في جميع الديانات ان يبذلوا جهودهم من اجل احياء الكرامة الانسانية المنتهكة بكل ما يملكونه من قوى وامكانات؛ وانطلاقا من هذا المفهوم ارتأينا في مركز حوار الاديان ان نقيم الدورة الثالثة لحواراتنا حول هذا الموضوع المهم".
وبدوره تحدث الدكتور بهشتي رئيس جامعة قم الى المشاركين في الندوة وأشاد باقامة مثل هذه الاجتماعات. ودعا المجتمعين الى ضرورة التركيز على المشتركات في الاديان الابراهيمية والسعي لتنمية هذه المساحات المشتركة لتكون الموضوع الرئيسي في حواراتهم الدينية.
وفي هذا السياق قال: كما تعود ابناء المذاهب الاسلامية العمل على تنمية المشتركات والتمحور حولها وصولا الى التقريب، يجب على اتباع الديانات الابراهيمية ايضا ان يبحثوا عن مشتركاتهم الفكرية والعقائدية من اجل التقريب والتناسق المنشود في حواراتهم الدينية.
واستدل رئيس جامعة قم في حديثه بالاية ٦٤ من سورة ال عمران [قل یا اهل الکتاب تعالوا الی کلمة سواء بیننا و بینکم ان لا نعبد الا الله و لا نشرک به شیئا و لایتخذ بعضنا بعضاً ارباباً من دون الله] بان الله تعالى يدعو اتباع الديانات السماوية الى الالتزام بمشتركاتهم العقائدية وهي عبادة الله ونبذ الشرك.
وتطرق الدكتور بهشتي الى الموضوع الرئيسي للاجتماع معتبرا ان الكرامة الانسانية على نوعين، القسم الأول الكرامة الذاتية وهي تكريم الله للانسان في بدء خلقه، كما في الاية (٧٠ سورة من سورة الإسراء) [ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ]. والقسم الثاني، الكرامة المكتسبة والمكملة للكرامة الذاتية وهي التي تتحقق من خلال رسالة الانبياء.
وتابع بهشتي : ان جميع الانبياء والرسل (ع) بعثوا لتنمية الكرامة الانسانية وقد أكد ذلك نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: اني بعثت لأتمم مكارم الاخلاق.
وفي الختام ناشد رئيس جامعة قم الاسلامية رجال الدين والعلماء من المسلمين والمسيحيين الى التعامل والتنسيق لازالة الانحرافات الدينية التي تقع الكثير من الصراعات بين اتباع الديانات السماوية في عصرنا الحاضر نتيجتها.
وتحدث الاسقف كرامبا رئيس لجنة حوار الأديان في الكنيسة السويسرية الذي شارك في الندوة في مقدمة خطابه عن ضرورة الحوار بين اتباع الديانات السماوية وخاصة المسلمين والمسيحيين وأكد في كلمته على ان الكنيسة يجب ان تكون على تواصل مع العالم الخارجي وان يهتم ابناء الديانة المسيحية بالحوار مع كافة الناس واصحاب النوايا الحسنة.
وعبر رئيس مركز حوار الاديان السويسري عن اسفه لما يعتقده البعض في الوقت الراهن بانه لايمكن الحوار مع الديانات الاخرى ولاطائل منه في ظل الاجواء والمشاحنات الجارية على الصعيد الدولي، مؤكدا على بطلان هذه الاقاويل "بل العكس ان الحوار بين الاديان مفيد جدا لازالة تلك المشاحنات".
وراى كرامبا ان اهم المشاكل والتحديات التي تواجه الاديان في الحوار فيما بينها هو عدم وجود صيغة محددة ومناسبة للحوار وهو ما يؤكد على ضرورة معرفة اطراف الحوار على خصائص مخاطبيهم وان يسمح للراي الاخر بالتعبير عن ما يحتويه من عقائد واراء.
وفي الفترة المسائية للندوة شارك العديد من الشخصيات الاسلامية والمسيحية من ايران وخارجها وقدموا مقالاتهم في اطار موضوع الدورة الثالثة وكان في مقدمتهم المستشار السياسي الاعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد السويسري " فرانسيس بيكاند" والذي اشار في كلمته الى ضرورة اهتمام اتباع الديانات السماوية بموضوع الحوار البناء فيما بينهم تحقيقا للسلام والمودة في العالم.
وتابع بيكاند : ينبغي على ابناء الديانات الابراهيمية ان يبحثوا عن الاليات التي تمكنهم من العيش بسلام مع الاخرين وذلك من خلال استماع وفهم الرأي الاخر.
وفي الوقت الذي اكد بيكاند على ضرورة الحوار البناء بين ابناء الديانات السماوية شدد على ان الحوار لايعني ان يتخلى المتحاور عن عقيدته الدينية لصالح الطرف الآخر بل المطلوب هو احترام مقدسات الاخرين وعدم التعرض لها.
وفي ذات السياق اشار بيكاند الى احداث العام ٢٠٠١ م التي وقعت في سويسرا ومنها منع بناء المنائر على مساجد المسلمين والتحريض ضد الجاليات المسلمة عبر الشائعات والاكاذيب، واصفا اياها بالمؤسفة ودعا الى عدم تكرارها والعمل على تاصيل مبدأ الحوار والتاسيس له في المجتمع السويسري.
وواصلت الدورة الثالثة لحوار الاديان اجتماعاتها اليوم الثلاثاء حيث عقدت الجلسة الختامية لها في جامعة قم الاسلامية، بحضور الوفد السويسري وممثلين عن المؤسسات الدينية الاسلامية والمسيحية في ايران وسويسرا.