لنعترف أن ما يمنع قيام الدولة هو التمسك بالامتيازات
وكالة انباء التقريب تنا
لا يجوز ان يبقى لبنان معلقا على صليب الريح على هذا النحو.
شارک :
شدد رئيس مجلس النواب نبيه بري على الإسراع في تشكيل حكومة مسؤولة ومتكاملة، مؤكدا الوحدة الوطنية والخروج من الإصطفافات التي أدت إلى تقسيم قوة لبنان السياسية عموديا وأفقيا، واعتبر أن ما منع قيام الدولة هو التمسك بالإمتيازات وعدم السير باتفاق الطائف وليس السلاح المقاوم، داعيا إلى الكف عن التذرع بالسلاح والزعم أنه مصوب إلى رؤوسنا. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها خلال العشاء الخيري السنوي الذي أقامته الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين في البيال تكريما له هذا العام، وحضرته إلى جانب رئيسة الجمعية السيدة رندى بري السيدة منى الياس الهراوي ووزير الصحة محمد جواد خليفة ووزير الشباب والرياضة علي عبدالله وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وممثل قائد الجيش العقيد ابو مرعي وعدد من النواب وحشد من المسؤولين ورجال الدولة والأعمال والإغتراب ورؤساء هيئات إجتماعية وصحية وأهلية. بداية ألقى بري كلمة قال فيها: للوجع الآدمي الذي يقيم في الاحزان والذي يقيم منتظرا في خراب النفوس والمنازل، والذي كان يوغل في الداء من دون اهتمام، والذي كنا نحن الاصحاء نراكم عليه المزيد من الوجع في حروبنا الأهلية فيما كانت اسرائيل تريد ان تجعل من كل بلادنا من الناقورة الى النهر الكبير الجنوبي مشوه حرب ومعاقا اجتماعيا واقتصاديا. ولهذا الوجع المقيم على جبال الروح دمعة في العين وحسرة في القلب الذي يرسم خطا فاصلا بين الحزن الاصيل والحزن العابر. أضاف: للابناء الذين ولدوا ولم يتمكنوا من ان يثاغوا بالكلمات الاولى ولا ان يحبوا على مصطبة الدار ولم يتمكنوا من العبور الى الفجر الناهض بأنفسهم. للابناء الذين سكنوا في انفسهم واحتاروا في نظراتنا اليهم خوفا من ان تكون شفقة وليس عطفا. للابناء الذين فتشوا عن انفسهم في اعماق حدقاتنا وعاشوا وحدتهم في ليلهم السحيق وعاشوا توحدهم في سلام الاشياء. لكل هؤلاء الابناء المتوجعين والمتألمين المتوحدين والمحكومين لوقع العيون العمياء والاصوات الخرساء والاحاسيس المصلوبة تحيتي ومحبتي ورعايتي، حيث قصر الآخرون في إبراز محبتهم وحيث لا يجرؤ الاخرون، وقد اقدمنا نحن عندما كانت الحرب تأكل الاخضر واليابس على مفارق الوطن على تبني فكرة مشروع لرعاية المعوقين تقدمت به السيدة رنده بري وكان السبب الموجب الاصابات الناتجة من حروبنا ومن حروب اسرائيل ضد وطننا، ثم توسعت الفكرة لتشمل المعوقين بسبب الحوادث وبالولادة. وتابع: اقول ان الكثيرين افترضوا في ذلك الوقت وحتى وقت متقدم اننا نفسر كابوسا، وأننا نحاول المستحيل وسألوا من الذي يستطيع ان يحول الاعاقة الى حركة والاعاقة الى طاقة؟ لقد شكك وسأل الكثيرون، ولكن سرعان ما بدأ الطابق الارضي من المبنى السكني في بربور الذي كنت اقيم فيه يتحول الى خلية نحل، إذ افتتحت الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين مركزا لها، وبدأت رئيسة الجمعية ومن يعاونها باستقدام المهارات والاختصاصات وبناء ادارة للمشروع، ثم كان حلم الصرفند: بناء مجمع انموذجي لرعاية المعوقين، هذا الحلم الذي جرى تفسيره في عام قانا بمواجهة مجزرة قانا وعناقيد الغضب والحقد الاسرائيلية ثم بدأ يتسع ليتحول الى مؤسسة تربوية ومهنية بالاضافة الى الاستشفاء. وقال: هنا أتذكر في هذا المكان الصديق المرحوم ناصر الخرافي رجل الاعمال الكويتي وهو يقف مكرما لتقديماته الانسانية لقضية المعوقين وكذلك تقديماته في اعادة اعمار بلدة مارون الرأس التي انتقمت منها اسرائيل مرتين على التوالي الاولى خلال اجتياح اذار ۱۹۷۸ والثانية في حرب صيف ۲۰۰۶. إني أحي الروح الطاهرة لهذا الاخ العزيز العربي بامتياز والمقاوم بامتياز والذي كان يقول كلمة الحق امام سلطان القوة الجائر. أضاف: بالعودة الى الجمعية ومراحل تأسيسها فإني من موقع الرعاية اتذكر ان مراكز الجمعية وأقسام العلاج الانشغالي والاستشفاء والتربية المتخصصة انتشرت باتجاهات مختلفة ونجحت المغامرة، ولا تزال الجمعية تسعى الى الكمال في مشاريعها وخدماتها وصولا الى ما نحن بصدده اليوم، وهو إنشاء صفوف خاصة بالاطفال المصابين بالتوحد ومتلازمة (Down symdnome) الخاصة بحساسية ودقة الحالات. هنا لا بد لي وبإسم كل الذين كانوا محرومين من العلاج ولم تكن تتوفر لهم المؤسسات المناسبة ان احيي هذا التصميم على النجاح وإثبات ان بذرة الفكرة، فكرة رعاية المعوقين، قد ألقيت في الارض الصالحة، وان صرحها الذي ارتفع على تلال الصرفند كان بقوة المحبة التي لا تزال تمشي على الماء مقابل ميناء سربيتيا، وبقوة الايمان المجتمعة التي لا تنفصم عراها بين السيد المسيح عليه السلام والساكن الى تلال الصرفند ابي ذر الغفاري رضي الله عنه. وتابع: انني اذ اقدم التهاني الى الجمعية ورئيستها السيدة رنده بري على مفاجآتها السنوية في اطار تحقيق الهدف الاسمى وهو رعاية المعوقين وتحويلهم الى قوة عمل وانتاج، وزيادة مشاركتهم وتمكينهم، فإنه يسعدني الليلة ان اتمتع بهذا التكريم ليس لأنه ينقصني الضوء او الصوت او التذكارات أو كما يكرم نفسه بل لأنني اريد من صميم قلبي ان اكرم الجمعية بنجاحاتها. وقال بري: لن اقلب الاحتفال الى مساحة للهموم المحلية والعربية ولكن لا بد ونحن نقف على منبر انساني من ان نعرض لبعض الوقائع الانسانية المتصلة بالسياسية وبالمسؤولية. أبدأ من لبنان لأقول للجميع أنه لا يجوز ان يبقى لبنان معلقا على صليب الريح على هذا النحو، وان نمشي في كل استحقاق طريق جلجلة طويل لننجز انتخابات الرئاسة او الانتخابات النيابية او لنشكل حكومة في وقت يتآكل فيه اقتصادنا ونتحول الى الاستعطاء على قارعة الدول، ونواصل رهن ممتلكاتنا والاستدانة على مستقبل أجيالنا. لقد غابت المسؤولية الوطنية الرسمية في اللحظة الاغترابية الضرورية ووقفنا اضافة الى نكبة ابيدجان ضحايا تصريف الاعمال وتصريف الافعال فيما كان لبنان في هذه اللحظة يحتاج الى حكومة مسؤولة ومتكاملة. أضاف: إن لبنان في هذه اللحظة العربية الضاغطة بالتحولات والتحديات ، وفي غياب شبكة أمان عربية من فوقه بسبب انصراف الاشقاء الى همومهم، وفي غياب اعتبار استقرار لبنان اولوية دولية نظرا لجدول الاعمال الدولي المزدحم، ان لبنان يحتاج الى تأكيد ابنائه انه يمثل ضرورة لبنانية قصوى، وهو الامر الذي يستدعي كل عناصر الوحدة الوطنية والخروج من الاصطفافات التي ادت الى تقسيم قوة لبنان السياسية عموديا وافقيا. اننا جميعا يجب ان نعترف ان ما يمنع قيام الدولة هو التمسك بالامتيازات وعدم السير بالعقد الاجتماعي الوطني الذي يمثله اتفاق الطائف وليس السلاح المقاوم. ونقول كفى التذرع بالسلاح والزعم انه مصوب الى رؤوسنا. ان ما يحكم حياتنا هو الاحتكار والفئوية وبالاساس الطائفية، ومع الاسف الآن المذهبية أيضا. وتابع: إن الحفاظ على ضرورة لبنان بات في هذه الظروف السياسية مسألة لبنانية. وإنني أدعو الجميع إلى ترتيب الأولويات من هذا المنطلق. يبقى أن أشير إلى أن إسرائيل هي من يكسب الوقت لزيادة حمى الإستيطان وتهويد القدس وإسقاط الرمزية الخاصة للقدس. وإنها تضع أولوية أخرى هي تصعيد التوتر الداخلي لخلق جبهة في أعالي النيل عبر تهديد مصادر هذا النهر العظيم، وبالتالي تهديد الأمن القومي والغذائي لمصر. في كل الحالات فإننا من المحيط الى الخليج نقول ليس بالحديد والنار تسوى المشكلات الداخلية بل بإنتاج ديموقراطية من صنع وطني، وحرية من صنع وطني، وعدالة من صنع وطني، ومشاركة من صنع وطني. وختم بري: أخيرا أجدد شكري للجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين ولرئيستها على كل اسهاماتهم في مواجهة تحدي الاعاقة والتوحد، فإننا معا سنواصل العمل من أجل ازدهار الانسان في لبنان.