>> السيد جمال الدين الأسدآبادي رائد من رواد التقريب و المصلح الديني خلال القرن المنصرم | وكالة أنباء التقريب (TNA)
تاريخ النشر2021 8 March ساعة 22:02
رقم : 495848
في ذكرى السنوية لرحيل السید جمال الدین الأسد آبادی "نموذج ورمز للوحدة بین المسلمین"

السيد جمال الدين الأسدآبادي رائد من رواد التقريب و المصلح الديني خلال القرن المنصرم

تنا- خاص
السید جمال الدین الأسد آبادی " نموذج ورمز للوحدة بین المسلمین " و أن شعار الوحدة الإسلامیة کان من إبداعات السید جمال الدین، مما أدی إلی أن تجمتع فئات مختلفة حول هذه الشخصیة وتتأثر بأفکاره المؤثرة والعمیقة.
السيد جمال الدين الأسدآبادي رائد من رواد التقريب و المصلح الديني خلال القرن المنصرم
السيد جمال الدين الأسدآبادي رائد من رواد التقريب و المصلح الديني خلال القرن المنصرم
یصادف الیوم الثامن من مارس( سنة ١٨٩٧م) یوم وفاة السيد جمال الدين الأسدآبادي رائد من رواد التقريب و المصلح الديني خلال القرن المنصرم . ترجع الدعوة الى الوحدة الاسلامية و نهضة الأمم والدول إلى جهود المصلحين المخلصين من أبنائها منهم" السيد جمال الدين الاسداباى " الذي سعى دائمًا إلى توحيد أبناء الأمة الاسلامية، وکانت خطبه تتمحور حول الوحدة الاسلامیة والقضاء علی شبکات التجسس والمکر الانجلیزي وتأمین الحریة والاستقلال الواقعي للشعوب الاسلامیة.

وإيقاظ وعيهم بقضايا ومشكلات أمتهم، وتحريك همتهم نحو الإصلاح والتجديد، والوقوف صفًا واحدًا في وجه أطماع المستعمرين والطامعين.

وفي أواسط القرن التاسع عشر قام رجال مصلحون من أبناء الشرق الإسلامي، دقّوا ناقوس الخطر لأمتهم، وحذّروا ملوكهم وحكامهم من الخطر الوشيك الذي يتربص بالأمة الإسلامية، وتعالت أصواتهم للتوحيد الامة الاسلامية و التعجيل بالإصلاح قبل وقوع الخطر، وكان من بين هؤلاء الرواد: السيد جمال الدين الاسدابادي  أحد هؤلاء الرواد المصلحين الذين وقفوا حياتهم كلها على الدعوة إلى توحيد العالم الإسلامي، وتحرير شعوبه من الاستعمار والاستغلال.

جوانب من السيرة الذاتية للسيد جمال الدین الاسد ابادي

شهد العالم الإسلامي قبل السيد حركات إصلاحية في الجزائر على يدعبدالقادر الجزائري (1832ــ1847) وفي السودان على شكل حركة المهدية (1881ــ 1898) وفي ليبيا بصورة الحركة السنوسية (1912ــ 1925) وتميزت جميعًا بالمقاومة والرجعة إلى الأصول.

وإذا كانت هذه الحركات قد استطاعت أن تحقّق بعض النجاح في مقاومة الاستعمار ومكافحة البدع فإنها فشلت تمامًا في تحقيق «نهضة» شاملة بسبب عدم قدرتها على استيعاب مستجدات العصر، أي إنها كانت تفتقد المعاصرة.

والحملة الفرنسية فشلت أيضًا أن تحقق نهضة في مصر، رغم كل الجهود التي بذلتها، لأنها لم تكن تنتمي إلى جذور الأمة، فأخفقت في التفاعل، واستثارت الناس ضدّها، وعادت من حيث أتت بعد حين.

أما السيد جمال الدين الأسد آبادي المعروف بالأفغاني فقد جمع بين الأصالة والمعاصرة في دعوته، وهذا هو سرّ كل ما حققه من نجاح.

السيد جمال الدين ولد عام 1254 هـ/ 1838م، في قرية أسد آباد من مدينة همدان. درس في قزوين وطهران وبروجرد والنجف. سافر إلى البلاد الإسلامية وأوربا. وفي سنة 1290هـ / 1873م رحل إلى مصر واستقرّ في القاهرة، وفي سنة 1296/ 1879م أُبعد السيدجمال الدين عن مصر بسبب مواقفه الإحيائية، وتنقّل بين حواضر العالم الإسلامي وأوربا.


من مظاهر أصالة السيد ارتباطه بالتراث الإسلامي وتمكّنه من العلوم الإسلامية مما جعل النابهين من الأزهريين في مصر يلتفّون حوله ويتلقّون دروسه من أمثال: محمد عبده، وعبدالكريم سلمان، وابراهيم اللقاني، وسعد زغلول، وإبراهيم طلباوي.

ومن مظاهر أصالته أيضا اهتمامه بوحدة المسلمين بكافة قومياتهم ومذاهبهم: «يدعو إلى نبذ الخصومة بين السنة والشيعة، ليؤلف بين سلطتين قويتين في رقعة العالم الإسلامي إذ ذاك: بين إيران وسلطة القسطنطينية، بعد ذهاب دولة الهند الإسلامية».

وكان يغتنم كل فرصة للدعوة إلى وحدة المسلمين مستشعرًا الخطر من تفرّقهم، ومهيبًا رجال الأمة أن يبذلوا الجهد من أجل تحقيق هذه الوحدة. يقول في مؤتمر دعا له السلطان عبدالحميد في الآستانه:

«الديانة الإسلامية في الوقت الحاضر هي بمثابة سفينة ربانها محمد بن عبدالله(ص) وركّاب هذه السفينة المقدسة كافة المسلمين خاصتهم وعامتهم.

وفي الوقت الحاضر أشرفت هذه السفينة على الغرق في بحر السياسة العالمية، كما تعرضت لخطر الطوفان.
ولعل الحوادث الدبلوماسية، والدسائس الدولية، تؤدي إلى إغراق هذه السفينة وتحطيمها، فما حيلة ركابها وهي مشرفة على الغرق وماهو تدبيرهم؟ فهل يجب على ركاب هذه السفينة أن يبذلوا جهدهم لحراستها وإنقاذها من الطوفان والغرق؟ أم يظلوا مختلفين فيما بينهم، متبعين أغراضهم الشخصية وأهواءهم الدنيئة»

ودفعت هذه الدعوة إلى توحيد كلمة المؤتمرين على العمل من أجل الوحدة الإسلامية.

ومن مظاهر أصالته الدفاع عن الدين أمام التيارات الفكرية المنحرفة مثل رده على المذهب الدهري (المادي) الذي انتشر في الهند في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وفيه يقاوم الإلحاد الديني بشكل عام ويوضح ضرورة الدين للمجتمع الإنساني، ثم يذكر مزايا الإسلام التي تكفل للإنسان متعة في هذه الحياة أرفع بكثير من تلك المتعة التي يهيؤها له اعتناق المذهب الطبيعي(المادي) .

أما طابع المعاصرة فيه فهو أبين وأوضح، أهم معالمه دخوله ساحة الكفاح السياسي لمقارعة الاستبداد الداخلي والاستعمار الأجنبي. لقد ظهرت دعوة السيد في عصر كان العالم الإسلامي يعاني من الحكام المستبدين الذين يمهّدون باستبدادهم وطغيانهم لسقوط العالم الإسلامي بيد المستعمرين الطامعين.

وكانت العقلية العامة السائدة هي الاستسلام لهؤلاء الطغاة باعتبارهم أولياء أمور، وباعتبارهم قضاءًا مقدرًا من السماء، ولذلك سادت حالة الذل والخضوع والملق بين الناس، وعمّ الظلم والفساد والطغيان. وفي هذا الجوّ ارتفع صوت السيد ليقول للمصريين :
«إنكم معاشر المصريين قد نشأتم في الاستعباد، وربيتم في حِجر الاستبداد، وتوالت عليكم قرون منذ زمن الملوك الرعاة حتى اليوم، وأنتم تحملون عبء نير الفاتحين، وتعنون لوطأة الغزاة الظالمين، تسومكم حكوماتهم الحيف والجور، وتنزل بكم الخسف والذل وأنتم صابرون بل راضون، وتستنزف قوام حياتكم ومواد غذائكم التي تجمعت بما يتحلّب من عرق جباهكم بالعصا والمقرعة والسوط، وأنتم معرضون. فلو كان في عروقكم دم فيه كريات حيوية، وفي رؤوسكم أعصاب تتأثر فتثير النخوة والحمية لما رضيتم بهذا الذل وهذه المسكنة. تناوبتكم أيدي الرعاة ثم اليونان والرومان، والفرس، ثم العرب والأكراد والمماليك، وكلهم يشق جلودكم بمبضع نهمه، وأنتم كالصخرة الملقاة في الفلاة لا حس لكم ولا صوت.
انظروا أهرام مصر، وهياكل ممفيس، وآثار طيبة، ومشاهد سيوة، وحصون دمياط، فهي شاهدة بمنعة آبائكم وعزة أجدادكم.
هبّوا من غفلتكم...! اصحوا من سكرتكم...! عيشوا كباقي الأمم أحرارًا سعداء» .


وليقول لكل أبناء العالم العربي والإسلامي وهو في فرنسا:

«وأنا تحت سماء الإنصاف على أرض الراحة، بين أهل الحرية أسمع ألحانًا في مجالس العدل، فأذكر أنين قومي في مجالس الظلمة، وتحت سياط الجلادين، فأنوح نوح الثاكلات، وأرى علائم النعمة في معاهد المساواة، فأذكر شقاء سربي في ربوع الظلمة، فأذرف الدمع ممتزجًا بسواد القلب فأكتب إليهم:
يا قوم ظُلمتم غير معذورين، وصبرتم غير مأجورين، وسعيتم غير مشكورين، فهلكتم غير مأسوف عليكم، تصبرون على الظلم حتى يحسبه الناظر عدلاً، وتبتسمون للقيد حتى يظنه الناقد حليًا، وتخفضون للظالمين جناح الذل حيث يقول من يراكم ما هؤلاء بشر، إن هم إلا آلة سُخّرت للناس، يفلحون بها الأرض ويزرعون. يقلب الجائرون عليكم أنواع المكايد وأصناف الحيل وألوان الخداع فيما يختلسون، كما تقلّب المشعوذة لدى الأطفال أوجه الوَدَعات في استخراج ما يضمرون.

رأيت فلاحهم (فلاّح الغربيين) في حقله الصغير يتناول الطعام أكلاً مريئًا، وينام القيلولة نومًا هنيئًا، ويأوي إلى البيت فيأكل بين عياله ، ثم ينام ملء عينيه، لا يحلم بسوط المأمور ولا يتصور عصا " شيخ العشيرة"، ولا يتذكر حبس المدير، فتخيّلتكم بين السواقي والأنهار تشتغلون سحابة اليوم لتجتمعوا على القصعة السوداء فتلتهموا فتات الشعير، وتتنكبّوا على الترعة فتشربوا الماء الكدر. تعودون إلى الأرض المريعة تزرعونها، والغلّة الوفيرة تحصدونها لتنصرفوا إلى أكواخ تشبه قبورًا توالت عليها السنون، فيجتمع من حولكم صغار لا تعرف أبدانهم الوقاء، ونساء تعوّضن الأقذار عن الكساء، ثم يأتيكم المأمور سالبًا، والشيخ العشيرة غاضبًا، والمدير ناهبًا، فأنتم في بلاء مستقر، وعناء مستمر، تحصدون البُرّ ولا تأكلون، وتملكون الأرض ولا تسكنون».

«قد بليتم بما يذيب الشحم ويفري اللحم، وينقي العظم وأنتم صابرون، ومنيتم بما وفّر النقم وغيّر النِّعم وأهلك النَّعم وأنتم صامتون، ورُزئتم بما جلب المصاب، وهتك الحجاب، وأبرز الكعاب وأنتم خاشعون، فما الذي تخافون؟
تقولون لا نرضى بهذا الخسف، ولا نقوى على احتمال الذل، فقد صار تاجرنا عاملاً، ونبيهنا خاملاً، وعالمنا سائلاً، فلم يبق فينا غير الأجير والتابع والشحاذ، والجندي منخفض الجانب، والشرطي منقطع الراتب، بل زارعنا الذي يدفن مع الحبة قوة يمينه، ويسقي الغرس بماء جبينه، نزيل في دار أبيه، وغريب في أرض ذويه، يحصد مما زرع ولكن لسواه، ويجتني مما غرس ولا يذوق جناه.

وكأني بكم عصابة، من أهل الهمة والإصابة، ترفعون الأصوات في طلب الحق المسلوب، وتمدون الأكف لالتماس المال المنهوب، وتجعلون الأبدان للوطن سورًا يرد عنه العدو مذعورًا، وأنتم الكلمة المتحدة والقوة المتجمعة هي أقوى من العدد الكثير إلا أنكم تترددون.
فيا حليف الصبر ويا نضو العناء، نداء مشارك في بلواك، وسامع لنجواك، دع التردد إن أردت النجاح والنجاة، وأقدم، فرب حياة تكون في طلب الموت، ورب موت يجيء من طلب الحياة» .

و مما قالوا  في السيد جمال الدين الاسدابادي :

و منهم اقول قائد الثورة الاسلامية سماحة الامام الخامنئي  :

جوانب من كلمة قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي إلى المؤتمر العالمي لعلماء الدين والصحوة الإسلامية  (  29 /Apr/ 2013  ) :

الأمواج الأولى للصحوة في بلدان هذه المنطقة، والتي اقترنت ببدايات دخول الغزو الاستعماري، قد انطلقت غالباً على يد علماء الدين والمصلحين الدينيين. لقد خلدت صفحات التاريخ وللأبد أسماء قادة وشخصيات بارزة من أمثال السيد جمال الدين الأسدآبادي.

ومحمد عبده والميرزا الشيرازي والآخوند الخراساني ومحمود الحسن ومحمد علي والشيخ فضل الله النوري والحاج آقا نور الله وأبي الأعلى المودودي وعشرات من كبار علماء الدين والمجاهدين والمتنفذين من إيران ومصروالهند والعراق .

و يبرز في عصرنا الراهن اسم الإمام الخميني العظيم مثل كوكب ساطع على جبين الثورة الإسلامية في إيران .

وكان لمئات العلماء المعروفين وآلاف العلماء غير المعروفين في الحاضر والماضي دور في المشاريع الإصلاحية الكبيرة والصغيرة على ساحة مختلف البلدان. وقائمة المصلحين الدينيين من غير علماء الدين كحسن البنا وإقبال اللاهوري هي طويلة أيضاً وتثير الإعجاب.

وكانت المرجعيّة الفكريّة لعلماء الدين ورجال الفكر الديني بدرجة وأخرى، وفي كل مكان. إنهم كانوا سنداً روحياً قوياً للجماهير، وحيثما قامت قيامة التحولات الكبرى ظهروا في دور المرشد والهادي، وتقدموا لمواجهة الخطر في مقدمة صفوف الحراك الشعبي، وازداد الارتباط الفكري بينهم وبين الناس ، وازداد معه تأثيرهم في دفع الناس نحو الطريق الصحيح.

وهذا له من الفائدة والبركة لنهضة الصحوة الإسلامية بمقدار ما يجرّ على أعداء الأمة والحاقدين على الإسلام والمعارضين لسيادة القيم الإسلامية من انزعاج وامتعاض ما يدفعهم إلى محاولة إلغاء هذه المرجعية الفكرية للمؤسسات الدينية واستحداث أقطاب جديدة عرفوا بالتجربة أنها يمكن المساومة معها بسهولة على حساب المبادئ والقيم الدينية. وهذا ما
لا يحدث إطلاقاً مع العلماء الأتقياء ورجال الدين الملتزمين.   

و كذالك قال سماحة الامام الخامنئي:

في خطبة له قبيل صلاة الجمعة في تاريخ 4 فبراير 2011 هكذا يصفه: «السيد جمال الدين الكبير، ذلك الرجل الداعي للإسلام والهمام والمناهض، الكبير، أفضل مكان وجده مناسباً لنهضته، هي مصر، ومن ثم تلامذته محمد عبده والآخرين، هكذا سوابق الحركات الإسلامية في مصر».

و مما قال الامام الخميني ( قدس سره)  حول السيد جمال الدين الاسد ابادي  :

وفي عصرنا الحاضر شهد العالم الإسلامي العديد من الاختلافات المدمرة نتيجة لمؤامرات الأجانب وعوامل عديدة أخرى، مما مهّد الأرضية لهجوم الغرب واعداء الأمة الإسلامية. حيث شكّلت الاختلافات والتفرقة تهديداً حقيقياً للعالم الإسلامي ولكل مجتمع من مجتمعاته.

بيد أن ثمة جهود قيمة بذلت خلال القرون الأخيرة على طريق وحدة المسلمين، اضطلع بها مفكرون كبار أمثال السيد جمال الدين الاسد آبادي ومحمد عبده.
كما نهض رجال كبار في العديد من المجتمعات الإسلامية على خطى هذين الرجلين، رافعين نداء (الوحدة)، وبادروا إلى تأسيس (دار التقريب بين المذاهب الإسلامية)، واستطاعوا أن يحققوا انجازات قيمة في هذا المجال.


(من كلام الإمام محمد عبده عن السيد) :

ومن مظاهر معاصرته أيضا ارتباطه بالنخب المثقفة في مصر من المثقفين والأدباء والشعراء خلافًا لما كان عليه عامة الأزهريين من انغلاق. فقد كانت له إلى جانب دروسه العلمية المنظمة جلسات مستمرة في أحد مقاهي القاهرة قرب حديقة الازبكية، يلتف حوله أنماط شتى من الراغبين في التزود من علمه وفكره، وهو يجيب على الاسئلة «لا يسأم من الكلام فيما ينير العقل، أو يطهر العقيدة، أو يذهب بالنفس إلى معالي الأمور أو يستلفت الفكر إلى النظر في الشؤون العامة مما يمس مصلحة البلاد وسكانها، وكان طلبة العلم ينتقلون بما يكتبونه من تلك المعارف إلى بلادهم أيام البطالة، والزائرون يذهبون بما ينالونه إلى إحيائهم، فاستيقظت مشاعر، وتنهبت عقول، وخف حجاب الغفلة في أطراف متعددة من البلاد خصوصًا في القاهرة»  .

يقول عمر الدسوقي: «في هذه الحلقة أُنشئت مدرسة غير مقيدة بمنهج أو كتاب، ولكنها كانت روحًا مشعة تبدد دياجير الغفلة، وتحيي العزائم الميتة، وتلهب الإرادات الخامدة وتفتح الأذهان المغلقة، وفيها تخرج محمود سامي البارودي، وعبدالسلام المويلحي، وأخوه إبراهيم المويلحي، ومحمد عبده، وإبراهيم اللقاني، وسعد زغلول، وعلي مظهر، وسليم نقاش، وأديب إسحق وغيرهم. وفي هذه المدرسة العامة، استُعرضت حال الأمة الاجتماعية والسياسية، وحقوقها وواجباتها، وأدواؤها ودواؤها، وانتُقد الحكام، وبُثت التعاليم، وفشت روح التذمر من الأجانب وتدخلهم في شؤون البلاد مما كان له أبلغ الأثر فيما بعد.

(عمر الدسوقي،في الأدب الحديث 1/328):

كان جمال الدين يقضي بياض نهاره في بيته يختلف إليه أعضاء تلاميذه، وما إن يقبل الليل حتى يخرج متوكئًا على عصاه إلى هذا المقهى، فيجد في انتظاره الطبيب والمهندس والأديب والشاعر والمعلم والكيمياوي وغيرهم، ويظل يحدثهم بشغف وقوة حتى يمضي جزء كبير من الليل».


و مما قال الفيلسوف الاسلامي الكبير الشهيد مرتضى المطهري:

«إن السيد جمال الدين الأسد آبادي، هو الرائد في الحركاة الإصلاحية خلال القرن المنصرم. هو أول من بدأ بتحريك الصحوات الإسلامية وكشف برؤية موضوعية عن هموم المجتمعات الإسلامية وقدّم الحلول للإصلاح والقضاء عليها...

كانت حركته ذات طابع فكري واجتماعي في آن واحد... قد حظي السيد جمال الدين – بفضل حركته وحيويته - بمعرفة دقيقة للزمان والعالم المعاصرَين له وبمعضلات البلدان الإسلامية المطلوبة علاجها عنده. حسب تشخيصه يتصدر الإستبداد الداخلي في الحكم والاستعمار الخارجي قائمة أهمّ المشكلات المتجذرة في المجتمعات الإسلامية فقام بالتصدي لهما، وأخيراً بذل حياته في هذا السبيل».


فتح باب الاجتهاد :

ومن مظاهر معاصرته أيضا دعوته إلى فتح باب الاجتهاد، لكي تواكب الشريعة المقدسة تطورات الظروف يقول:

«ما معنى أن باب الاجتهاد مسدود؟ وبأي نص سُدّ؟ ومن قال لا يصح لمن بعدي أن يجتهد ليتفقه في الدين ويهتدي بهدي القرآن وصحيح الحديث والاستنتاج بالقياس على ما ينطبق على العلوم العصرية وحاجات الزمن وأحكامه؟ إن الفحول من الأئمة اجتهدوا وأحسنوا، ولكن لا يصح أن نعتقد أنهم أحاطوا بكل أسرار القرآن، واجتهادهم فيما حواه القرآن ليس إلا قطرة، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء من عباده» (من خاطرات محمد باشا المخزومي).

هذا الجمع بين الأصالة والمعاصرة هو الذي خلق النهضة الحديثة في مصر وانتشرت منها إلى سائر أرجاء العالم العربي، وأثرت على الأدب العربي فطوّرته ودفعت به إلى عصر جديد.

كما كان يقوم مشروع السيد جمال الدين الاسد ابادي  على أساس إيقاظ الشعور، وأوضح أعماله في عملية الإيقاظ اهتمامه بالأدب ليخرج به من عصر الانحطاط إلى عصر النهضة الادبية الحديثة، وليشارك الأدب في معركة الحياة واستنهاض الشعور.و من اهم اهتمامه  " وحدة المسلمين " و الدعوة الى توحيد صفوف الامة الاسلامية .

مفهوم الوحدة الاسلامية عند السيد جمال الدين الاسد ابادي مكانة متميزة في المستويين الدخلي و الخارجي، في فكرة الاسلام السياسي. يكشف الوضع الحالي للعالم الاسلامي و المؤامرات الشيطانية المتعددة لخلق الخلافات و العداوة بين المسلمين عن هذه الضرورة.

كان ينظر السيد جمال الدين اسد آبادي كقائد إسلامي إلي قضية الوحدة الاسلامية كهدف قيم لا كوسيلة سياسية بحتة.

و قد قيل تُوُفِّيَ الاسد ابادي سنة ١٨٩٧م وفاةً أُشِيع بأنها مدبرة، وأمرت الحكومة العثمانية بضبط أوراقه ودفنه بلا مراسم جنائزية، ثم نُقِلَ جثمانه عام ١٩٤٤م في موكب إلى أفغانستان، حيث دُفن في «كابل».



اعداد وتدوين
علي اكبر بامشاد


 
https://taghribnews.com/vdchkmnk623nw6d.4tt2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز