نبي الإسلام في مرآة الفكر الغربي.. شهادات علماء ومبدعين
تنا
تخرج لنا دور النشر والصحافة في الشرق كل يوم صوراً متباينة عن عظمة نبينا الكريم وسيرته العطرة، بأقلام شرقية، وعقليات إسلامية، لكن الشئ الذي تتوق إليه عقولنا بين حين وآخر، هو أن نعرف كيف صور قادة الفكر الغربي عظمة هذا الرسول، فشهادة هؤلاء معين لا ينضب، للرد على افتراءات الجهلاء الذين احترفوا ازدراء الإسلام ورسوله ومقدساته.
شارک :
رباب يحيى
الكتاب: نبي الإسلام في مرآة الفكر الغربي
الكاتب: د.عزالدين فراج
تقديم المفكر الإسلامي: محمد عمارة
الناشر: دار المعارف، القاهرة
تخرج لنا دور النشر والصحافة في الشرق كل يوم صوراً متباينة عن عظمة نبينا الكريم وسيرته العطرة، بأقلام شرقية، وعقليات إسلامية، لكن الشئ الذي تتوق إليه عقولنا بين حين وآخر، هو أن نعرف كيف صور قادة الفكر الغربي عظمة هذا الرسول، فشهادة هؤلاء معين لا ينضب، للرد على افتراءات الجهلاء الذين احترفوا ازدراء الإسلام ورسوله ومقدساته.
قدّم الدكتور عزالدين فراج للمكتبة الإسلامية هذا الكتاب، الذي يضم نماذجاً من شهادات كوكبة من العلماء العظماء لنبي الإسلام ورسول الإنسانية، ورحمة الله للعالمين.
هؤلاء المفكرين الغربيين يخلعون على حياة هذا الرسول ألواناً جديدة من الإجلال والإكبار، ويضيفون إلى سيرته صوراً رائعة من العظمة والعبقرية، وهذه الصور ليست منبعثة من مكان واحد، بل هي صيحات تجاوبت أصداؤها بين لندن وباريس ونيويورك وموسكو.
فهذه صيحة أرسلها الكاتب الإنجليزي الكبير "توماس كارليل" (1795 ـ 1881) يقول فيها: "لقد ظلت الرسالة التي دعا إليها هذا النبي سراجاً منيراً مدة إثنى عشر قرناً من الزمان لملايين كثيرة من الناس.. وهل من المعقول أن تكون هذه الرسالة التي عاشت عليها هذه الملايين وماتت عليها أكذوبة كاذب أو خديعة مخادع؟!".
وهذه صيحة ثانية أرسلها "لامرتين" شاعر فرنسا الشهير والكبير (1790ـ 1869) يقول فيها: "إن حياة محمد وقوة تأمله وتفكيره وجهاده ووثبته على خرافات أمته، وجاهلية شعبه وخزعبلات قبيلته، وثباته ثلاثة عشر عاماً يدعو دعوته وسط أعدائه، وتقبله سخرية الساخرين والهازئين، وحميته في نشر دينه، وإيمانه بالفوز، ورباطة جأشه، وتطلعه إلى إعلاء كلمة الله، كل ذلك يدل على أنه لم يكن يضمر خداعاً أو يعيش باطلاً، وهذا اليقين الذي ملأ روحه هو الذي وهبه القوة على أن يرد إلى الحياة فكرة عظيمة وحجة قائمة ومبدأ مزدوجاً، وهو وحدانية الله وتجرد ذاته عن المادة، الأولى حطمت آلهة كاذبة، والأخرى فتحت طريقاً إلى الفكر والتأمل".
وهذه صيحة ثالثة أرسلها تولستوي (1828 ـ 1910) أكبر كاتب قصصي في روسيا، يقول فيها: ".. ويكفي محمد فخراً أن هدى أمة برمتها إلى نور الحق وجعلها تجنح للسلام وتكف عن سفك الدماء، ويكفيه فخراً أنه فتح لها طريق الرقي والتقدم، وهذا عمل عظيم لا يفوز به إلا من أوتي قوة وحكمة وعلماً".
وهذه صيحة رابعة أرسلها برناردشو (1856 ـ 1950) أكبر فلاسفة الإنجليز في العصر الحديث، يقول فيها: "إنني أعتقد أن رجلاً كمحمد لو تسلم زمام الحكم في العالم كله لتم النجاح في حكمه ولقاده إلى الخير، وحل مشكلاته حلاً يكفل للعالم السلام والطمأنينة والسعادة المنشودة".
هذه صيحات صادقة انبعثت من الغرب، تحمل ألواناً جديدة من المنطق والبحث والتفكير، وتخلع على سيرة نبينا الكريم صوراً جديدة من العظمة والعبقرية، فجدير بنا إذن أن نستمع بين حين وآخر إلى صيحات الغرب وتأملاته وفلسفاته.
برناردشو (1856 ـ 1910) يكرم نبي الإسلام:
لا نعد برناردشو كاتباً وفيلسوفاً عظيماً فحسب، بل هو في طليعة المفكرين والفلاسفة في العالم أجمع. وفي أثناء سياحته في بومباي بالهند، كتب رسالة أوضح فيها رأيه في صلاحية الدين المحمدي لجميع الأمم، في كل زمان ومكان، قائلاً: "لقد وضعت دائماً دين محمد موضع الاعتبار السامي بسبب حيويته العظيمة، فهو الدين الوحيد الذي يلوح لي أنه حائز أهلية العيش لأطوار الحياة المختلفة، بحيث يستطيع أن يكون جذاباً لكل زمان ومكان".
ثم استطرد يقول: ".. لقد تنبأت بأن دين محمد سيكون مقبولاً لدى أوروبا في الغد القريب، وقد بدأ يكون مقبولاً لديها اليوم.. وإني لأعتقد بأنه لو تولى رجل مثله حكم العالم الحديث لنجح في حل مشكلاته بطريقة تجلب إلى العالم السلام والسعادة اللذين هو في أشد الحاجة إليهما".
هكذا وصف أكبر كاتب إنجليزي الإسلام ونبيه الكريم، وهكذا شهد له أكبر فلاسفة أوروبا. درس برناردشو الحياة الإسلامية، وأدرك أنها قائمة على التكافل والتضامن والتعاون بين الأفراد والشعوب، ورأى في ذلك سر النجاح. فللفقير حق معلوم من مال الغني، وفي ذلك تدعيم للمجتمع، وأكبر الكبائر في الإسلام أن يبيت الرجل شبعاناً وجاره جائع، وأجر العامل حق مكفول، ومن ظلمه إياه أو أخره عنه فقد أثم إثماً عظيماً، وتعرض لعقاب الدنيا وخزي الآخرة.
نبي الإسلام كما يصوره بوسورث سميث:
تناول بوسورث سميث (1784 ـ 1884)، في كتابه "محمد والدين المحمدي"، حياة محمد بالبحث والتحليل فقال: "وكما كان محمد رئيساً للدولة، كان رئيساً للدين أيضاً، أي أنه كان قيصراً وبابا في شخص واحد، لكنه كان بابا من غير مزاعم البابا، وقيصراً دون أن يكون له جيوش قيصر، كان محمد في وقت واحد مؤسساً لأمة، ومقيماً لإمبراطورية، وبانياً لدين، وهو إن كان أمياً فقد أتى بكتاب يحوي أدباً وقانوناً وأخلاقاً عامة، وكتباً مقدسة في كتاب واحد، وهو كتاب يقدسه إلى يومنا هذا سدس مجموع النوع البشري، لأنه معجزة في دقة الأسلوب وسمو الحكمة وجلال الحق".
ثم استطرد سميث يقول: "إن أعجب العجائب في حياة محمد، أنه لم يدع قط القدرة على إتيان المعجزات، فأيما شئ قال إنه يستطيع أن يفعله رآه أتباعه وهو يفعله، ولم ينسب أحد منهم إليه معجزة من المعجزات، بل إن محمداً نفسه حرص دائماً على أن ينكر قدرته على إتيانها، أي دليل له مثل هذه القوة على الإخلاص يمكن أن يسوقه إنسان، لقد ظل محمد إلى آخر حياته ليس له لقب يعتز به إلا أنه نبي مرسل من عند الله، دون أن يكون له جيش قائم ولا دخل ثابت، وإنه لحدث فريد في التاريخ أن يؤسس محمد شعباً وإمبراطورية وديناً".
وفي موضع آخر كتب يقول: "لقد كان محمد موفقاً كل التوفيق، ولم يحدثنا التاريخ عن مثله، لقد جمع بين زعامات ثلاث، هي زعامة الشعب، وزعامة الدين، وزعامة الحكم والسلطان، ومع أنه كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، فقد جاء بكتاب جمع بين البلاغة والتشريع والعبادة، أليس في هذا كله معجزة؟، إنها معجزة المعجزات".
نبي الإسلام في مرآة الفكر الفرنسي:
"لامارتين" شاعر فرنسا الكبير (1790 ـ 1869):
لامارتين نابغة شعراء فرنسا، بدأ اسمه يلمع في عام 1820، عندما أسست الجمهورية الثانية، كان عضواً في الهيئة الحاكمة المؤقتة ووزيراً للخارجية، أما مؤلفاته فهي عديدة، نذكر منها "التأملات الجديدة"، "موت سقراط"، "رحلة الشرق".
درس لامارتين حياة نبينا الكريم دراسة وافية، وأدرك ما فيها من عظمة وخلود، وهذا هو الدافع إلى أن يسجل ويقول: "إن حياة محمد وقوة تأمله وتفكيره وجهاده، ووثبته على خرافات أمته، وجاهلية شعبه وخزعبلات قبيلته، وشهامته وجرأته وبأسه، وثباته ثلاثة عشر عاماً يدعو دعوته وسط أعدائه، وتقبله سخرية الساخرين والهازئين، وحميته في نشر رسالته، وتوافره على السعي في إظهار دعوته، وإيمانه بالفوز، ورباطة جأشه في الهزائم، وتطلعه إلى إعلاء كلمة الله وتأسيس العقيدة الإسلامية، ونجاح دينه بعد موته، كل ذلك أدلة على أنه لم يكن يضمر خداعاً أو يعيش على باطل، وهذا اليقين الذي ملأ روحه هو الذي وهبه القوة على أن يرد إلى الحياة فكرة عظيمة وحجة قائمة ومبدأ مزدوجاً، وهو وحدانية الله وتجرد ذاته عن المادة، الأولى حطمت آلهة كاذبة، والأخرى فتحت طريقاً إلى الفكر والتأمل".
وفي موضع آخر يقول: "لقد كان محمد فيلسوفاً وخطيباً ومشرعاً وقائداً، وفاتح فكر وناشر عقائد تتفق مع الذهن، ومنشئ عشرين دولة في الأرض، وفاتح دولة في السماء من الناحية الروحية، أي رجل قيس بجميع هذه المقاييس التي وضعت لوزن العظمة الإنسانية كان أعظم منه؟، ولو كان مقياس العظمة هو إصلاح شعب متدهور، فمن ذا يطاول مكان محمد؟، لقد سما بأمة متدهورة ورفعها إلى قمة المجد، وجعلها مشعلاً للمدنية، ومورداً للعلم والعرفان، ولو كان مقياس العظمة في توحيد البشرية المفككة الأوصال فمن أجدر بهذه العظمة من محمد الذي جمع شمل العرب وجعلهم أمة عظيمة وإمبراطورية شاسعة؟، ولو كان مقياس العظمة هو إقامة حكم السماء على الأرض فمن ذا الذي ينافس محمداً وقد محا مظاهر الوثنية ليقيم عبادة الخالق وحده؟، ولو قسنا العظمة بالنصر الحربي والنفوذ والسلطان فمن يدانيه في هذا المضمار؟، لقد كان يتيماً لا حول له ولا قوة، فأصبح ملكاً عظيماً ومؤسساً لإمبراطورية دامت ثلاثة عشر قرناً من الزمان، ولو كان مقياس العظمة هو الأثر الذي يخلده في النفوس على مر الأجيال فها هو محمد يمجده أربعمائة مليون ـ تعداد المسلمين اليوم مليار وسبعمائة مليون ـ من الناس في مختلف البقاع، مع تباين أوطانهم وألوانهم وطبقاتهم".
وعلى درب هذه الشهادة التي تقطر كلماتها الذهبية بالمحبة، ويشيع المنطق العقلي في سطورها وعباراتها، يسير المستشرق الفرنسي "إميل درمنجم" الذي تحدث عن رسول الله بعد دراسة لآثاره وتاريخه، فقال: "لقد جاء نبي الإسلام يدعو العلماء ليفقهوا ما يقولون، وليقوم ما يتيه فيه الحكماء من الطرق المعوجة، فالناس حين يستمعون لكلامه الموحى إليه به يعود إليهم سابق اتصالهم بالسر المحيط بهم، مهتدين إلى مبدأ حي لا يجدون مثله في نصائح الفلاسفة وأقطاب السياسة والاجتماع.. ويكفي أن نشير إلى أن نبي الإسلام قد ظهر في وقت من أشد أوقات التاريخ ظلاماً، وفي وقت كانت فيه الحضارة مضطربة متداعية.. ولقد كان القرآن هو معجزة محمد الوحيدة، فأسلوبه المعجز، وقوة إيحائه التي لاتزال لغزاً إلى يومنا هذا، يثيران ساكن من يتلونه، ولو لم يكونوا من الأنقياء العابدين، وكان محمد يتحدى الإنس والجن أن يأتوا بمثله، وكان هذا التحدي أقوى دليل على صدق رسالته، ولاريب في أن كل آية منه، ولو أشارت إلى أدق حادثة في حياته الخاصة، تأتيه بما يهز الروح بأسرها من المعجزة العقلية".
نبي الإسلام في مرآة الفكر الأمريكي
نبي الإسلام كما يصوره ر.ف. بودلي (1545ـ 1613):
في حين زعم بعض الغربيين انتفاء تميز الإسلام عن الشرائع الدينية السابقة، لمح الكاتب الأمريكي الجنرال "ر.ف. بودلي" امتياز الإسلام بجمعه بين الروح والمادة، بين الدين والدنيا، وجمعه كذلك بين قوة الدولة وبساطة أهل القلوب، فقال: "لقد كان محمد على نقيض من سبقه من الأنبياء، فإنه لم يكتف بالمسائل الإلهية، بل تكشفت له الدنيا ومشكلاتها، فلم يغفل الناحية العملية الدنيوية في دينه، فوفق بين دنيا الناس ودينهم، وبذلك تفادى أخطاء من سبقوه من المصلحين الذين حاولوا خلاص الناس عن طريق غير عملي، لقد شبه الحياة بقافلة مسافرة يرعاها إله، وأن الجنة نهاية المطاف.. ولقد أوضح محمد، منذ اللحظة الأولى، أن الإسلام يقوم على البساطة، وقد اعتنق أصحابه تلك المبادئ حتى بعد موته.. وحتى عندما حقق النبي انتصاره الأكبر، ودخل مكة، وحطم أصنام الكعبة، وأتم فيها أهم جزء من رسالته بتطهير بيت الله من الأوثان، نام على قطعة من الحصير، كما كان ينام وهو أجير يقود القوافل للقرشيين ولخديجة بنت خويلد، فلا غرور ولا أبهة.. وعندما كان صوت المؤذن يدعو الناس إلى الصلاة خمس مرات في كل يوم مناديا: "الله أكبر، الله أكبر.. أشهد أن لا إله إلا الله.. وأشهد أن محمداً رسول الله"، كان هذا الرنين الحلو ينساب من فوق مآذن المساجد في أنحاء العالم، وأنه لرنين يهز قلوب الناس ومشاعرهم أياً كانت عقيدتهم".
نبي الإسلام في مرآة الفكر الروسي
تولستوي يتحدث عن نبي الإسلام (1828ـ 1910):
عندما رأى ليو تولستوي تحامل أهل الأديان الأخرى على الدين الإسلامي، كتب عن نبي الإسلام يقول: "لقد كان محمد من كبار الرجال المصلحين الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمة جليلة ويكفيه فخراً أنه هدى أمته برمتها إلى نور الحق وجعلها تجنح للسلام وتكف عن سفك الدماء، ويكفيه فخراً أنه فتح لها طريق الرقي والتقدم، وهذا عمل عظيم لا يفوز به إلا من أوتي قوة وحكمة وعلماً، ورجل مثله جدير بالإجلال والاحترام".
كتب المؤلف في (صفحة 69) يقول: كانت آراء تولستوي موضع تقدير الإمام محمد عبده، فكتب لهذا الفيلسوف ـ الذي تصدى لقادة الأديان وصاح بهم صيحات انتقاد وسخرية حتى اضطروا إلى الحكم بإلحاده ـ يقول: "أيها الحكيم الجليل مسيو تولستوي.. لم نحظ بمعرفة شخصك ولكننا لم نحرم التعارف مع روحك، سطع علينا نور أفكارك.. نظرت نظرة في الدين مزقت حجب التقاليد، ووصلت بها إلى حقيقة التوحيد، ورفعت صوتك تدعو الناس إلى ما هداك الله إليه، وتقدمت أمامهم بالعمل لتحمل نفوسهم عليه، فكما كنت بقولك هادياً للعقول كنت بعلمك حاثاً للعزائم والهمم، وكما كانت آراؤك ضياء يهتدي به الضالون كان مثالك في العمل إمام يقتدي به المسترشدون، وكما كان وجودك توبيخاً من الله للأغنياء كان مدداً من عنايته للضعفاء الفقراء، وإن أرفع مجد بلغته، وأكبر جزاء نلته على متاعبك في النصح والإرشاد، هو هذا الذي سماه الغافلون بالحرمان والإبعاد، فليس ما حصل لك من رؤساء الدين سوى اعتراف منهم أعلنوه للناس أنك لست من القوم الضالين، فاحمد الله على أن فارقوك في أقوالهم كما كنت فارقتهم في عقائدهم".
نبي الإسلام في مرآة الفكر الهندي:
كانت حياة محمد صلى الله عليه وسلم موضع بحث وتحليل عند قادة الهند وكتابها وكبار مفكريها، وكان غاندي في طليعة هؤلاء القادة والكتاب والمفكرين، فعندما احتفل الهنود بمولد الرسول في بونا بالهند حضر غاندي هذا الحفل، وألقى فيه كلمة خالدة تحمل إعجاب غاندي بنبي الإسلام ورسالته وعظمته، قال فيه: "لعلاقتي الوثيقة بالمسلمين، وللألفة والصداقة التي جمعت بيني وبين كثيرين منهم، والتي لم تتراخ على مر السنين، فقد شعرت برغبة في دراسة حياة الرسول الكريم، وشرعت بذلك في أفريقيا الجنوبية، إلا أنني لم أكن في ذلك الحين ملماً باللغة الأوردية إلماماً كافياً، وقد أتاح لي سجني المتتابع فرصة قراءة سيرة هذا النبي الكريم، وما كتبه عنه حكيم صاحب أحمد خان، تلك الكتب التي طلبتها وجاءتني إلى السجن، وقرأت أيضاً أحاديث صحابة الرسول، وكانت هذه مترجمة إلى اللغة الإنجليزية، وقد أدت بي هذه الدراسات إلى الاعتقاد بأن القرآن والتوراة كتابان مقدسان، فقدستهما أنا بنفسي كما أقدس كتابينا "الويدا" و"غيتا"، لقد كان محمد نبياً عظيماً وكذلك كان المسيح، وقد أصبحت أعتقد أنهما كانا لا ينشدان إلا الحق، ولا أجد جديداً فيما أقوله الآن، وكان يخافان الله.. وإنما أصف فقط ما يخامر نفسي، لقد لاقى محمد كثيراً من الاضطهادات ولكنه كان شجاعاً لم يخف غير الله ولم يرهب أي إنسان. كان النبي العظيم فقيراً زاهداً في متاع الدنيا في الوقت الذي كان يستطيع فيه أن يكون ثرياً كبيراً لو أراد. لقد ذرفت الدموع وأنا أقرأ تاريخ ذلك الرجل العظيم، إذ كيف يستطيع باحث عن الحقيقة مثلي، أن لا يطأطئ الرأس أمام هذه الشخصية التي لم تعمل إلا من أجل مصلحة البشرية كلها".
تلك نماذج من شهادات كوكبة من العلماء العظماء لنبي الإسلام ورسول الإنسانية ورحمة الله للعالمين، يستطيع العقل المسلم أن يرد بها على الافتراء والإزدراء الذي يصدر من الجهلاء ضد الإسلام ورسوله ورموزه ومقدساته، ذلك أن منهاج "وشهد شاهد من أهلها"، والإيمان بأن "الآخرين ليسوا سواء"، هما منهاجان أصيلان في حضارة الإسلام.