سيرتكز على البحث في الاستراتيجية الوطنية للدفاع عن لبنان، وأيضا في موضوع السلاح، حيث سيقارب من زاوية نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، ومعالجة السلاح الفردي المنتشر بين أيدي المواطنين. والبحث في سلاح المقاومة على قاعدة الافادة منه بصورة إيجابية
شارک :
غدا، يطل لبنان على سنة جديدة، ويغلق الباب على سنة تنقلت فيها الأزمات على طول البلد وعرضه، ولم تفرّق بين مواطن وآخر على ضفاف الصراع السياسي واصطفاف القوى السياسية في خطين متوازيين، من الصعب الرهان على انهما قد يلتقيان حتى على البديهيات.
وما بين الانتقال من سنة آفلة بأزماتها وأعبائها الى سنة ضبابية بكل المعاني، ليس على اللبنانيين الطامحين لما يحمي أمنهم واستقرارهم السياسي والامني والاقتصادي والاجتماعي، سوى ان يتمنوا ان يشهدوا سنة بأقل الأضرار والأعباء، وهي كثيرة وباتت تفوق قدرتهم على التحمل، وأن يتلمسوا ولو بصيص أمل يرشدهم الى بر الامان.
وإذا كان مشهودا للسنة التي يسدل ستارها اعتبارا من منتصف ليل اليوم، بأنها سنة التحولات الكبرى وفي مقدمها انتقال السلطة السياسية من ضفة الى أخرى وخفوت نجم سعد الحريري حكوميا وسطوع نجم نجيب ميقاتي، فإن السنة الجديدة، وعلى ضبابيتها، تعد نظريا سنة الملفات الكبرى التي رحل اليها جدول اعمال افتراضي، بدءا بملف الأجور الذي قد يكون أول ما يطرح على بساط البحث مع الصدور المرتقب لرأي مجلس شورى الدولة في ما خص قرار الحكومة بزيادة الاجور، خلال الاسبوع المقبل، والذي يشهد عودة رئيس الجمهورية ميشال سليمان من زيارة خاصة بدأها امس، الى دبي، وكذلك عودة رئيس الحكومة الذي بدأ زيارة مماثلة الى ألمانيا.
ويلي الاجور الملف النفطي، اذا ما صدقت الوعود الحكومية، عبر اصدار المراسيم التطبيقية للقانون النفطي في الرابع من كانون الثاني المقبل، لجهة وضع لبنان عمليا على سكة الاستفادة العملية من ثروته النفطية والغازية في البحر كما في البر، فضلا عن ملف التعيينات الموعودة منذ سنوات، الذي قد يفرض نفسه بندا مطاردا للحكومة لعلها تستجيب وتنجز ولو الجزء اليسير منها وإنعاش الادارة اللبنانية بما يطلقها الى حيّز الفعالية والإنتاجية، وهذا بالتأكيد رهن بالقدرة على سحب هذا الملف من ساحة المكايدة ومحاولات الاستئثار.
وتكمن المهمة الشاقة في مقاربة الملف الانتخابي وإعداد القانون التي ستجرى على أساسه الانتخابات النيابية صيف العام ٢٠١٣، خاصة أن رسم الدوائر والتقسيمات دونه تباين جوهري بين القوى المشكلة للحكومة الميقاتية. ولعل ملف المحكمة الدولية سيشكل عنوانا اساسيا خلال الفصل الأول من السنة الجديدة، ولبنان امام موعد دقيق في شهر آذار، قد لا يخلو من صخب سجالات حادة في السياسة وغير السياسة، ربطا ببروتوكول المحكمة والخطوة التي سيقدم عليها لبنان..
على أن الأهم قبل ذلك، هو ان السنة الجديدة ستشكل، ومن بدايتها، سنة الاختبار لمجلس النواب كي يثبت نفسه فاعلا تشريعيا لا ساحة لافتعال المشكلات وعرض العضلات، وللحكومة لإثبات قدرتها على الخروج من التذبذب الذي غرقت فيه، وعلى تقديم نفسها حكومة مؤتلفة للعمل، لا حكومة مربعات سياسية جمعتها الضرورة وقابلة للاهتزاز عند كل مفترق، كما حصل مع ملف الأجور والفرز الذي شاب الحكومة بين أكثرية متحكمة وأقلية وسطية محكومة.
ملف الحوار الوطني بات يشكل مطلبا رئاسيا بامتياز، ورئيس الجمهورية ميشال سليمان وضعه هدفا مركزيا للسنة الجديدة، ومن هنا تستمر تحضيراته لملاقاة السنة الجديدة، بجولة جديدة من الحوار الوطني تضخ الحيوية في القصر الرئاسي قبل أي شيء آخر.
ويقرن سليمان استعجاله العودة الى طاولة الحوار، بدعوته جميع الاطراف «الى مغادرة الاعتبارات الشخصية والجهوية، وفتح صفحة جديدة من التفهـُّم والتفاهم المشترك، لأن ما يحصل على الصعيد العربي والاقليمي يستدعي وقفة مسؤولة، تجنب لبنان الاختبارات المرّة».
وينقل زوار سليمان عنه قوله ان الحوار المقبل سيرتكز على البحث في الاستراتيجية الوطنية للدفاع عن لبنان، وأيضا في موضوع السلاح، حيث سيقارب من زاوية نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، ومعالجة السلاح الفردي المنتشر بين أيدي المواطنين. والبحث في سلاح المقاومة على قاعدة الافادة منه بصورة إيجابية، اي لجهة استفادة الدولة من هذا السلاح للدفاع عن لبنان، وهناك أسئلة تتمحور حول كيفية استخدام هذا السلاح ومتى يستخدم وأين يستخدم، اي وضع آلية عمل تنطلق من مواجهة العديسة كأمثولة.
وقالت اوساط رئيس الجمهورية لـ«السفير» إن سليمان جمع الفريق الرئاسي المعني بملف الحوار، حيث تم تحديد المواضيع التي تم التوافق عليها خلال اجتماعات هيئة الحوار الوطني والمواضيع التي لم تبت بعد، والاسباب التي تمنع حتى الآن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وتحديدا ما خص السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، بالاضافة الى المراحل التي قطعها النقاش حول الاستراتيجية الوطنية للدفاع.
وأضافت الأوساط أن سليمان الذي ينطلق من امثولة مواجهة العديسة ـ حيث تصدى الجيش اللبناني للخرق الاسرائيلي، في حين كانت المقاومة على جهوزية للتدخل اذا ما طلب الجيش ذلك ـ كنموذج للاستراتيجية المرجوة، ووفق صيغة الاستثمار الايجابي لسلاح المقاومة، فإنه ينتظر الفرصة السانحة التي تتبلور خلالها قناعة ما لدى جميع الفرقاء لكي يدعو هيئة الحوار الى الانعقاد مجددا، ولهذه الغاية سيكثف رئيس الجمهورية مطلع العام المقبل اتصالاته ولقاءاته لتوفير القاعدة التي تؤمن نجاح أي دعوة لانعقاد الهيئة مجددا للبحث في الاستراتيجية الوطنية للدفاع.
ولفتت المصادر الرئاسية الى انه «حتى الآن ما زالت مواقف الفرقاء متباعدة، والقاسم المشترك الوحيد هو قبول مبدأ الحوار، انما الخلاف هو حول ما ستتم مناقشته على الطاولة، علما ان الاحداث المتسارعة في المحيط العربي، والتي يتأثر لبنان بتداعياتها توجب الاسراع في التئام طاولة الحوار في أسرع وقت ممكن».
وقالت مصادر مطلعة إن سليمان سبق له ان استمزج آراء العديد من القوى، وقد لاقى توجهه الحواري تشجيع وتأييد الرئيس نبيه بري والرئيس ميقاتي ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، انما العقدة في هذا الطريق ما زالت ماثلة في موقف تيار المستقبل وحلفائه الذين يصرون على ادراج سلاح المقاومة بندا اساسيا ووحيدا على طاولة الحوار.
من جهة ثانية، جدد وزير الداخلية مروان شربل نفيه وجود تنظيم «القاعدة» في لبنان، وأوضح في مؤتمر صحافي عقده في الوزارة امس، أنه «تم تفسير تصريح وزير الدفاع فايز غصن بطريقة سياسية». إلا انه وفي إشارة لافتة للانتباه قال «إن لبنان يمكن ان يكون ممرا للقاعدة ولكن ليس مقراً لها»، وأشار الى «أن غصن أوضح أنه لم يقصد في كلامه أن هناك وجوداً لـ«القاعدة» بل لعناصر يتسللون عبر الحدود.
ورداً على سؤال حول عدم توقيف المتهمين الأربعة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قال شربل: «قمنا بواجبنا ووصلنا الى جونية ولم نجدهم، هم هربوا من الأجهزة الأمنية ونحن في إطار البحث عنهم»، مؤكدًا أن «الوزارة تنفّذ كل ما تطلبه المحكمة الدولية خلال ثمان وأربعين ساعة»