"إن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها ولا تعرضوا عنها"
خاص تنا-بيروت
إن كل وقت صلاة هو محطة عبادية، وليلة الجمعة هي محطة الأسبوع، ويوم الجمعة محطة أطول وهي أيضًا أسبوعية، وهناك الأيام والليالي البيض-١٣-١٤-١٥ من كل شهر وهي أيضًا محطة, ولكل شهر أيضًا أعماله الخاصة... وكذلك، إجمالاً آخر كل شهر، وعلى مدار السنة نجد أعمالاً ومحطات تصب جميعها في المحطة الكبرى، الموسم الثلاثي المميز، رجب وشعبان وشهر رمضان.. بل إذا نظرنا بدقة أكثر نجد أن الموسم هو شهر الله تعالى، وشهرا رجب وشعبان يشكلان المدة اللازمة للدورة التدريبية المهمة التي تمكن الإنسان من استقبال شهر الله تعالى متأدبًا بآداب ضيافة الله عز وجل.
شارک :
إذا كان المسلم على مدار السنة يتأدب بآداب الإسلام ويلتزم بالمستحبات التي وردت، فيأتي ببعضها، فهو إذًا يستعد على مدار السنة لمسابقة شهر رمضان المميزة، أما اذا لم يستعد أبدًا وأطل شهرا رجب وشعبان فسيرى أن وتيرة المستحبات ارتفعت أي أنها تقول له: انتبه! شهر رجب مهم، وشعبان أهم.. إن هذين الشهرين يهيئانك للدخول إلى شهر رمضان وأنت مستحق لضيافة الله تعالى، فإذا ضيع الإنسان هذه الفرصة وفاجأه شهر رمضان، فلن يكون باستطاعته الاستفادة من بركاته من أول لحظة من لحظاته بنسبة عالية. في أول الشهر، في اليوم الثاني، والثالث... يقول بأنه يجب أن أستعد وأهيىء نفسي، لكنه يبدأ بالتسويف. وإلى أن يتمكن من انتشال نفسه من أسر عاداته ومن التسويف يكون قد ذهب شطرمن الشهر، وبذلك يخسر في أن يكون من المبادرين الذين هم في طليعة المتبارين في هذا الشهر، بل قد يخسر الاشتراك في هذه المسابقة نهائيًا والعياذ بالله تعالى.
يتضح مما تقدم، أن الاستعداد لشهر الله تعالى، يتم في شهري رجب وشعبان؛ فهما يتيحان فرصة الاستعداد المثلى لاستثمار كل دقيقة من دقائق شهر الله تعالى، حيث يكثف المؤمن فيهما عبادته وأوراده، ليصبح مهيئًا لعبادة مكثفة أكثر طيلة الشهر المبارك الذي هو نهائية هذا الموسم الثلاثي، وتشكل ذروته ليلة القدر والعشر الأواخر عمومًا، وليلة العيد بشكل خاص...
١. شهر رجب حول فضيلة شهر رجب قال السيد ابن طاوس عليه الرحمة: "إعلم أن الشهور كالمراحل إلى الموت و(إلى) ما بعد الموت من المنازل، وأن كل منزلٍ ينزله العبد ينبغي أن يكون محله على قدر ما يتفضل الله جلّ جلاله فيه من إكرامه وإنعامه". إن في كل محطة نكون فيها، ضيافة خاصة لله عز وجل، والمفروض أن ندرك أهمية المحطة من خلال إدراك أهمية الضيافة الإلهية فيها، وأن نتعامل معها بما يجعلنا أهلاً لها. ويقول الله تعالى: أنا جليس من جالسني ومطيع من أطاعني وغافر من استغفرني، الشهر شهري والعبد عبدي والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته وجعلت هذا الشهر حبلاً بيني وبين عبادي فمن اعتصم به وصل إليّ". ولو لم يكن حول أهمية شهر رجب إلا هذه الرواية لكان ذلك كافيًا.
-العمرة الرجبيّة: -زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) : -دعاء شهر رجب: -الصوم: -أول خميس من رجب وأول ليلة جمعة هي ليلة الرغائب: -الليلة السابعة والعشرون:
٢. شهر شعبان:
إن شهر شعبان يمثل استمرارًا لبرنامج عبادي مكثف يستمر ثلاثة أشهر، يبدأ من شهر رجب وينتهي بشهر رمضان.هذا البرنامج ليس من اختيار إنسان يقصر عن معرفة حاجة البشر، فالبرنامج العبادي لهذا الشهر وللشهرين الآخرين قد ورد عن المعصومين من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) و أهل بيته الأطهار. فعندما يؤدي الإنسان الطاعات من صوم ودعاء واستغفار وزيارات في شهر رجب، ويعيش فيها الأجواء الروحية في ليلة النصف و يومه وليلة المبعث ويومه، فإنه يصل إلى مرحلة معينة من التكامل النفسي والروحي لها أثرها التربوي والسلوكي، هذه الحالة التي وصل إليها الإنسان في شهر رجب؛ ينبغي له أن يحافظ عليها.
ومن بعض مستحبات هذا الشهر: - أن يقول في كل يوم سبعين مرة (أستغفر الله وأسأله التوبة). - أن يتصدق في هذا الشهر ولو بنصف تمرة ليحرم الله تعالى جسده على النار . - أن يقول في شعبان ألف مرة (لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون). ولهذا العمل الشريف أجر عظيم ويكتب لمن أتى به عبادة ألف سنة . - الإكثار في هذا الشهر الشريف من الصلاة على محمد وآله . - الصوم: - الحث على الحفاظ على أدعية ومناجاة وأوراد في شهر شعبان، ولتلك الأدعية والمناجاة أثر كبير جدًا في تهيئة القلب وتصفيته من الأكدار التي لحقت به أثناء السنة من ذنوب ومعاصٍ، فهذه الأدعية والأوراد كأنها مفاتيح لمغاليق القلب الذي (ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون). فالعبد عندما يردد أدعية لمدة ثلاثين يومًا أو أقل كأنه أب يعلّم ابنه الحروف لينطق هو بعدئذ، فاللسان يكرر لينطق القلب ويكون هو الناطق والمتصل بالله سبحانه، ولا سيما المناجاة الشعبانية فهي مناجاة جليلة القدر مشتملة على مضامين عالية. - ليلة النصف من شعبان :
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنّ من عرف حرمة رجب وشعبان، ووصلهما بشهر رمضان شهر الله الأعظم شهدت له هذه الشهور يوم القيامة، وكان رجب وشعبان وشهر رمضان شهوده بتعظيمه لها، وينادي مناد: "يا رجب يا شعبان ويا شهر رمضان كيف عمل هذا العبد فيكم وكيف كانت طاعته لله عزوجل؟".