>> سورية.. حلفاء في الميدان | وكالة أنباء التقريب (TNA)
تاريخ النشر2012 30 July ساعة 15:43
رقم : 103937

سورية.. حلفاء في الميدان

تنا - بيروت
سورية.. حلفاء في الميدان
لا يتوهم أحد أن الدول الحليفة لسورية والتي تخوض معركتها السياسية في كل المحافل وتتبنى موقفها السياسي والعسكري في الداخل والخارج يمكن أن تتخلى عنها في مواجهة الحرب الدولية التي تواجهها تحت أي ظرف من الظروف، أو ضمن أية مشاريع للتسوية لا تتناسب عناوينها مع الاستراتيجيات المتبعة لتلك الدول في التعاطي مع مجمل الملفات المعنية بها في المنطقة والتي بالتالي تشكل قضية واحدة.

تقول مصادر دبلوماسية في محور الممانعة إن الحرب في سورية لم تكن يوماً احتجاجا لمعارضة في وجه سلطة وإن ظهرت في بدايات التحرك على أنها كذلك، إذ أن ما تكشفه العمليات العسكرية للجيش تؤكد وجود أعداد كبيرة من المسلحين من جنسيات مختلفة، فيما الملاحظ أن عددهم من السوريين هو اقل نسبياً ما يشير الى أن غرف العمليات التي أنشئت في أكثر من دولة من دول الجوار السوري وتحديداً في تركيا والأردن وتالياً لبنان تعمل
بشكل وثيق ومنظم وضمن آليات دقيقة على تأمين العديد والعتاد لاستمرار الحرب التي لم تكن لتستمر على هذا النحو لو أن الجيش السوري يواجه مسلحين محليين، لا سيما وأن الدولة في سورية ما زالت تحظى بتأييد نصف الشعب السوري على الأقل وهي اكتسبت مزيداً من التأييد بعدما ثبت للنصف الآخر أن من يقاتلون في سورية ليسوا من السوريين ما يضع مستقبل البلاد بيد مجهولين.

وتضيف المصادر، أن غرف العمليات تلك تقودها أجهزة استخباراتية وعسكرية بريطانية وقطرية وتركية وأردنية مع تنسيق كامل مع جهازي الاستخبارات في السعودية والولايات المتحدة، وهي توزع المهام في ما بينها على صعد عدة فمنها من يوفر الأموال وأخرى تهتم بالدعم اللوجستي لناحية تأمين السلاح والذخائر، ومنها من يعمل على استئجار المرتزقة وتوفير المقاتلين عبر إقامة جسور لنقلهم من أماكن وجودهم في المغرب العربي وشمال إفريقيا، حيث استطاعت تلك الأجهزة أن تتفادى مفاعيل ما يسمى بـ»الربيع العربي».

وتكشف المصادر الدبلوماسية أن كل تلك التحركات ترصدها أجهزة استخبارات الدول الحليفة لسورية وفي طليعتها روسيا والصين اللتين لم تكتفيا بمتابعة الحرب الدبلوماسية عبر أروقة مجلس الأمن وممارسة صلاحيتهما باستخدام حق النقض الفيتو ضد مشاريع قرارات استهداف سورية، بل إن عملهما الميداني لم يكن اقل مما قاما به على ذلك الصعيد
لا سيما في الفترة الأخيرة التي أعقبت اجتماع مجموعة العمل الدولية في جنيف والذي لم ترق نتائجه لدول التحالف الغربي ـ العربي لناحية عدم تمكنه من إقناع روسيا بتغيير موقفها أو حتى تليينه خاصة لجهة القبول على الأقل بأن ترضى بتنحي الرئيس الاسد وفق اية شروط تراها موسكو مناسبة لها ولحلفائها، وتحفظ الرئيس السوري كمخرج متكافئ للجميع، إلا أن الموقف الروسي جاء صادماً ما خلق جواً من التوتر مع الولايات المتحدة التي ذهبت بالنقاش بعيداً حول ضرورة التدخل العسكري في سورية من خارج مجلس الأمن.

وتقول المصادر إن ذلك بدأ بالفعل بعد اجتماع جنيف وأن غرف العمليات تلك أنشئت بعده ايضاً لتكون خطوة أولى غير رسمية قبل إعلان تدخل رسمي اي عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو إعلان تحالف دولي «محوري» لا يتطلب إجماعاً، مشيرة الى أن أولى خطوات التدخل تنفيذياً جاءت من خلال تفجير مبنى الأمن القومي لتشكل ضربة موجعة اعتقد من خطط لها أنها ستشكل نقطة التحول باتجاه اسقاط الدولة في سورية، لكن النتائج جاءت مغايرة لذلك تماما، وفي هذا السياق تلفت المصادر الى ما سربته بعض وسائل الإعلام عن أن التحقيقات الجارية حول التفجير تشارك فيها أجهزة روسية، في رسالة واضحة على أن الانتقال الى «الميدان» ليس صعباً وهو ما تحرص موسكو دائماً على إظهاره من خلال تحريك قطعها العسكرية البحرية في البحر البيض المتوسط وفي المياه الدولية، والذي يأتي
على خلفية مجمل التحركات العسكرية للدول التي باتت تعتبر أن المنطقة دخلت في نطاق «العمليات العسكرية».

وليس بعيداً عن روسيا التي تعمل على استعادة ما خسره الاتحاد السوفياتي السابق كاملا، ولا عن الصين التي ترى أن ماردها الاقتصادي صار هدفاً للتدمير في صراع النفوذ والثروات في لعبة الأمم، فإن دول «المحور الممانع» الذي نشأ على امتداد سنوات شكلت فيه الحروب ضد «إسرائيل» ونتائجها المحققة العمود الفقري بإنشائه، يبقى الحليف الأقوى لسورية في قدرته على التحرك عندما يقتضي الأمر ذلك، وهو ما جهز نفسه له لحظة تفجير مبنى الأمن القومي في ١٨ تموز الجاري.

محصلة الموقف كما تشير المصادر نفسها هي انه لا يمكن تمرير توجيه ضربة عسكرية لسورية من دون احتساب أن هذه الضربة ربما تكون أو هي ستكون فعلاً فاتحة حرب واسعة في المنطقة ضمن التوازنات القائمة فيها حالياً، فيما المعطيات تؤكد أن ما تخوضه سورية هو حرب دولية واضحة لأن الذي يقاتل فيها ضد الدولة تديره غرف عمليات أجنبية في وجه من وجوه «مشروع الشرق الأوسط الجديد» الذي بات معروف الأهداف.

كل الأطراف بانتظار ما ستؤول اليه معركة حلب التي بدأت بالأمس وما إذا كانت نتائجها ستشبه تلك التي حققها الجيش السوري في دمشق ونواحيها ليبدأ فصل جديد من الحرب.. المستمرة.



المصدر: البناء - محمد شمس الدين
https://taghribnews.com/vdcc11qsm2bqxo8.caa2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز