إذا اخطأ الاطراف اللبنانيون في التعامل مع الازمة سنواجه خطر الفتنة , ولهذا يجب انقاذ الاولويات وهي سلاح المقاومة والوحدة الوطنية .
شارک :
وكالة انباء التقريب (تنا) : بدأ القرار الاتهامي لـ«حزب الله» يؤدي مفاعيله قبل أن يصدر رسمياً. الحصار السياسي إذا أمكن، والفتنة إذا أخطأ الأطراف اللبنانيون في التعامل مع الأزمة. في مثل هذه الحال يجب احتواء المخاطر وتحديد الخسائر وانقاذ الأولويات والأساسيات وهي سلاح المقاومة والوحدة الوطنية. لا قيمة لهاتين المهمتين الواحدة من دون الأخرى. الحسابات الخاطئة اليوم قاتلة. إذا بالغ أي فريق في استشعار القوة أو في السعي الى قلب المعادلات يأخذ البلد الى المجهول. لا حاجة لتكرار القول إن المحكمة هي احدى الأدوات السياسية التي انتزعها التحالف الغربي من إرادتنا ومن سيادتنا ليستخدمها في محاولات التدخل والسيطرة. هي جزء من القرار الدولي، من القرار ١٥٥٩ و١٧٠١ ومجموعة وسائل التأثير الأخرى. لكن علينا ان نفهم كيف أن دور المقاومة قد فاض عن النظام الطائفي وصار التعايش بينهما حالة مأزق دائم. إن دور المقاومة فاض أيضاً عن سقف النظام الرسمي العربي وصار في حال من التناقض الفعلي معه. هاتان الاشكاليتان تكرران تجربة المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية ومن الضروري عدم تكرار كامل المشهد السابق والوصول الى النتيجة نفسها. لا شك ان المشروع الغربي والإسرائيلي هو مشروع جذري ولن يتوقف عند التسوية التي يمكن أن يصل إليها اللبنانيون برعاية عربية كما كل مرَّة. لكن المهم الآن في هذه اللحظة من انتعاش بعض الأوهام عن حلول سياسية خصوصاً على المسار الفلسطيني ان لا نقع نحن في هذا الوهم. إذا كنا ندرك ان إسرائيل ليست جاهزة لحلول سياسية مقبولة عربياً رغم كل التنازلات العربية. ليست هذه اللحظة ملائمة لمواجهة الموقف العربي الاجمالي الذي يريد اختبار احتمالات التسوية، طالما انه يزعم تمسكه بالمبادرة العربية و«متطلبات السلام»، كما أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية. «متطلبات السلام» أو «مرجعيته» كما يقول الفلسطينيون ليستا في جدول أعمال حكومة نتنياهو وليستا في خطة أميركا والغرب. يترتب على هذا التشخيص نتائج عملية عدة في ضوء «الظروف الدقيقة والحساسة والخطيرة» كما وصفها الأمين العام لـ«حزب الله»: ان نتمسك بمبدأ الوحدة الوطنية والسلم الأهلي كضمانة لحماية مشروع المقاومة لاحقاً. كما نتمسك بمبدأ عدم محاولة اختراق السقف العربي الذي قد يرسمه التفاهم السوري السعودي ونعطيه الفرصة الكافية إذا حصل. هناك محاولات خبيثة، وهي جزء من المواجهة تعتبر ان اتساع دائرة النفوذ السوري أو اتساع دائرة التفويض له عربياً هو مدخل للتصادم مع المقاومة. هذه فكرة يجب التعامل معها بحذر شديد وبتفهّم لكون أي دور عربي يؤدي الى الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي والاستقرار ويحفظ سلاح المقاومة هو دور مطلوب. ومن الخطأ الوقوع في فخ الاستنتاج ان التسوية الاقليمية حاصلة وان ما يطلب من سوريا دولياً سيتحقق، خاصة لجهة تخليها عن دعم المقاومة والقطيعة مع إيران. فلننتبه الى ان جذرية المشروع الإسرائيلي لن تسمح بالاغراءات لأي طرف عربي بمن في ذلك الفلسطيني السلطوي ان يعقد صفقة من دون الحقوق الأساسية. وهو لن يقدم لسوريا ما تعتبره مطالب ثابتة لا تتنازل عنها. لا مكان الآن لهذه التخيّلات ولهذه الفرضيات التي تهدف الى خلق الشكوك والتناقضات في جبهة الممانعة. إذا صح هذا الاستنتاج فإن التمسك بحكومة الوحدة الوطنية أو بحكومة أوسع تمثيلاً لمعالجة تداعيات القرار الاتهامي ضرورة. والتمسك بالدور العربي وتحديداً التفاهم السوري السعودي ضرورة. نعتقد ان المقاومة واعية تماماً وانها رفضت وترفض نموذج «غزة» في التصدي للضغوط الدولية. وهي قبلت وتقبل بعدم تضخيم دورها السياسي الداخلي بقوتها على حساب التوازنات الطائفية. وهي أكثر مراعاة لمقتضيات اللبننة والتعريب حين يحتاج الوضع الاقليمي لذلك. من أجل المقاومة ومشروع المقاومة مطلوب الكثير من الحكمة والصبر وسياسة الاحتواء ريثما يتبدّل هذا المناخ الاقليمي مع افتضاح المشروع الإسرائيلي والغربي وتداعي مقوماته من فلسطين الى العراق. سليمان تقي الدين - السفير