تاريخ النشر2016 23 February ساعة 12:23
رقم : 222683

حــزب الله.. من الجهــاد الأصغــر إلـى الجهــاد الأكبــر

تنا
حزب الله مدرك لأبعاد لعبة القرار السعودي الغاء الهبة العسكرية للجيش اللبناني وحدودها وتداعياتها المحتملة، ويعرف أنه لم يعد بمقدور عملاء السعودية فعل شيئ غير تجرع كأس المرارة، وكل تجاوز للحدود الحمر سيقابله الحزب وحلفائه الأوفياء بما يستحق من رد، وبما يفوق ما خبروه من قبل، لأنه لم يعد مقبولا الاستمرار في هذا العهر، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمخطط إلحاق لبنان بمعسكر "السعودية" خدمة لأمريكا و "إسرائيل"، هذا لن يكون حتى لو أدى الأمر لمعركة وجود ومصير جديدة على غرار ما حدث في سورية.
حــزب الله.. من الجهــاد الأصغــر إلـى الجهــاد الأكبــر
أحمد الشرقاوي
الحـزب ليس شمـاعـة يعلـق عليهـا الأقـزام فشلهـم
هناك نظرية في علم النفس تقول، أن تحميل الآخر مسؤولية الفشل والهزيمة هو سلاح الضعيف الذي لا يملك قوة ولا حيلة لتغيير الأوضاع بما يتناسب وأوهامه، وكلما كان الآخر قويا كلما شعر الضعيف بنوع من الانتشاء الذي يعوضه عن عقدة النقص، اعتقادا منه أن الناس ستنظر إليه باحترام، في حين أن الشفقة هي كل ما يستحق.

يصدق هذا الحال حد التطابق على فريق المهزومين في لبنان، والذي يبدو أنه تلقى التعليمات بقلب الطاولة على حزب الله من أسياده في الرياض، بعد أن استفاقوا على انتصارات حزب الله ومحور المقاومة في المنطقة تحت وقع الصدمة، نتيجة فداحة هزائمهم، برغم تجهيزهم لجيوش الإرهابيين والمرتزقة ليحاربوا نيابة عنهم في سورية والعراق دون جدوى، وبرغم عواصف الحقد والإجرام والانتقام المباشر من الشعب اليمني الفقير والمظلوم بغربان الحديد كجبناء دون نتيجة، وبرغم استثمار عشرات المليارات من الدولارات في شراء الذمم والضمائر والسلاح والمواقف التي ذهبت سدى، وإقامة الأحلاف التي لم تكتمل، وإجراء مناورات البرق والرعد التي لم تأتي بغيث يذكر.

وبدل أن يقفوا وقفة شجاعة مع الذات، ويستفيدوا من فشلهم، ويعيدوا تقييم أسباب هزيمتهم، ويغيروا رؤيتهم وولائهم ومسارهم وأسلوب تعاطيهم مع الواقع كما هو بنتائجه المريرة كما يفعل أصحاب النفوس السليمة والعقول الكبيرة.. نراهم اليوم مصرين على التمادي في جهلهم وغيهم، بتلبيس حزب الله مسؤولية ما حل بهم من فشل وهزيمة في سورية، خصوصا بعد توصل الروسي والأمريكي لاتفاق مبدئي بوقف العمليات القتالية إيذانا بانطلاق المسار السياسي، في معركة جديدة يبدو أنها ستكون أكثر حدة وضراوة من السابق، لكنها أشبه بمعركة دون كيشوط في مواجهة طواحين الهواء بسلاح من خشب.

لا أريد النزول عند مستوى هؤلاء الأقزام المرضى نفسيا، الذين آثروا الخيانة نهجا على حساب الحس الوطني والوعي القومي والعقيدة الدينية والأخلاق الإنسانية، وفضلوا العمالة كوسيلة للارتزاق على حساب فقراء الوطن الذين أغرقوهم في الزبالة، ثم وبدون حياء أو خجل، نراهم يتشدقون بشعارات أكبر من حجمهم لا يصدقها إلا غبي أو جاهل أو منافق.. كالعبور إلى الدولة لسرقتها كتعويض على ما ألم بهم من خسائر في الساحات العربية، وتقديمها قربان محبة لـ”السعودية” و”إسرائيل”..

بدليل، أنهم لا يرون سبيلا لهذا العبور المزعوم إلا بعيون "إسرائيل" من خلال المطالبة بنزع سلاح حزب الله، وعيون ‘آل سعود’ من خلال مطالبة الحزب بالتزام سياسة النأي بالنفس والانسحاب من القتال في سورية، لأنهم يحملونه مسؤولية فشل مشروع مملكة الشر والإرهاب لإسقاط الأسد وتقسيم سورية كي يسود الظلام كل بلاد الشام، ولا يفهمون من معنى للتضامن العربي الذي يزعمونه إلا إذا كان هذا التضامن سيؤدي لأسوء من سايكس وبيكو..

لأنه إذا كان الاستعمار البريطاني والفرنسي قسم جغرافية العالم العربي بما يخدم مصالحه قبل مئة عام، فإن مهلكة الشر والظلام تسعى إلى تفتيت الجيوش العربية وتمزيق المجتمعات المتجانسة وإعادة تشكيلها إلى كيانات طائفية وإثنية ومذهبية بما يضمن أمن واستقرار وازدهار “إسرائيل”، فعن أي تضامن عربي يتحدث المجرمون؟..

هؤلاء السفهاء عملاء "آل سعود" اليهود في لبنان، تقمصوا اليوم دور العاهرة التي تغطي رأسها من العفة بنصف فستانها السفلي من دون أن تدرك أنها بذلك تعرض مؤخرتها للعراء، وشحذوا ألسنتهم بمقدمات تسخينية للنيل من المقاومة الشريفة بالكذب والتلفيق والتضليل وتحميلها كل الشرور والكوارث التي حلت بلبنان والمنطقة، ظنا منهم أنه لا يزال في مقدورهم تأليب الرأي العام اللبناني والعربي ضد حزب الله، وهو الذي خبرهم في الماضي، وعرف خستهم وتآمرهم وزيف ادعاءاتهم، وصنفهم في خانة اللصوص العملاء أعداء لبنان والأمة، بدليل تآمرهم على حزب الله مع "إسرائيل" في حرب تموز 2006 التي ساهمت مملكة الشر والظلام في تمويلها كي تموت روح المقاومة في الأمة.

والحقيقة أنه لو كان الأمر يتعلق بشتيمة عابرة من سفيه عابر، لقلنا ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله قديما: (إذا نطق السفيه فلا تجبه * فخير من إجابته السكوت.. فإن كلمته فرّجت عنه * وإن سكتت كمدا يموت) إلى أن قال: (يخاطبني السفيه بكل قبح * فأكره أن أكون له مجيبا.. يزيد سفاهة فأزيد حلما * كعود زاده الاحتراق طيبا)..

لكن ويا للأسف، الأمر يبدو هذا المرة أكبر وأخطر من ذلك بكثير، لأن الفشل في سورية والعراق واليمن سيفتح على التفجير في لبنان، وهذا ما لا يمكن المرور عليه مرور الكرام لسبب جوهري مفاده، أن خسارة "ل سعود" في سورية ستعرض مصداقيتهم للاهتزاز، وحكمهم لخطر عظيم يبشر بقرب نهاية عهدهم، لذلك لا مناص من التصعيد في لبنان للتعويض عن بعض ماء الوجه من خلال سرقة لبنان من محور المقاومة وضمه لنفوذ "السعودية".

"السعوديـة" تقـرر مقاومــة المقاومــة..
وفي هذا السياق تفهم عودة المراهق سعد الحريري إلى لبنان، بأجندة محددة عنوانها “انتزاع لبنان من إيران” من خلال قلب الطاولة على حزب الله في لبنان، وفق مخطط مدروس أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق عن معالمه الأساسية بقوله “ما حدث بداية الغيث.. والآتي أعظم”..

ما يعني، أن قرار إلغاء المساعدة العسكرية للجيش اللبناني هي فقط رأس جبل الجليد العائم تحت الماء، لأن الجميع يعرف أن المساعدة كانت مجرد "حبر على ورق" كما قال قائد الجيش جون قهوجي قبل مدة، وجاء مقال لوموند الأخير ليفضح حقيقة الكذبة وخفايا اللعبة، وأوضح حزب الله أن للأمر علاقة بالأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي تمر منها “السعودية” نتيجة تكاليف حروبها العبثية في المنطقة ومؤامرتها على روسيا وإيران من خلال سلاح النفط الذي انقلب ضدها قبل أن يؤثر على أعدائها.

لكن وبعيدا عن الرئية التحليلية الاقتصادية، كل المؤشرات تقول أن للقضية أبعاد سياسية خطيرة، وأن لبنان دخل اليوم مرحلة التفجير الناعم من خلال خطوات تصعيدية مدروسة، بدأت بفزاعة بإلغاء المساعدة العسكرية للجيش اللبناني بسبب رفضه التموقع في مواجهة المقاومة.. قد يليها تفجير الحكومة باستقالة كتلة 14 آذار منها، حيث جاءت استقالة أشرف ريفي كمقدمة، وهدد سمير جعجع باستقالات ستتبعها.. وتصاعد الحديث عن إمكانية سحب الوديعة “السعودية” المقدرة بـ 800 مليون دولار من الأبناك اللبنانية لإدخال لبنان في أزمة مالية بسبب اعتماده على تسول مال الريع بدل الإنتاج.. وصولا إلى طرد الجالية اللبنانية من الخليج لزيادة حجم الضغط وتأليب الرأي العام اللبناني ضد حزب الله.. وانتهاءا بتحريك المليشيات التكفيرية التي يديرها أشرف ريفي تحت عنوان “مقاومة المقاومة” لزعزعة الاستقرار بإشغال فتنة طائفية بين السنة والشيعة، ودفع حزب الله لرد عسكري يستدعي إدانة دولية وتدخلا أمميا لوضع مسار جديد للحل السياسي في لبنان يصب في مصلحة “السعودية”.

مـن الجهــاد الأصغــر إلـى الجهــاد الأكبــر..
حزب الله مدرك لأبعاد اللعبة وحدودها وتداعياتها المحتملة، ويعرف أنه لم يعد بمقدور عملاء السعودية فعل شيئ غير تجرع كأس المرارة، وكل تجاوز للحدود الحمر سيقابله الحزب وحلفائه الأوفياء بما يستحق من رد، وبما يفوق ما خبروه من قبل، لأنه لم يعد مقبولا الاستمرار في هذا العهر، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمخطط إلحاق لبنان بمعسكر "السعودية" خدمة لأمريكا و "إسرائيل"، هذا لن يكون حتى لو أدى الأمر لمعركة وجود ومصير جديدة على غرار ما حدث في سورية.

الجميع في لبنان والمنطقة يتابع هذا الجنون الذي تجاوز كل الحدود، ويعرف أن حزب الله كان دائما حريصا على الشراكة مع الآخر برغم الخلاف والاختلاف، ومارس صبر أيوب في ضبط النفس، وعض على الجرح أكثر من مرة وهو يرى أنه كلما وقع شيئ في ملك الله لا يعجب الفاشلين والمهزومين إلا وحمّلوه مسؤوليته ظلما وعدوانا..

لذلك، جاء الوقت ليفهم هؤلاء العملاء، أن حزب الله شجرة طيبة أصلها ثابت في الأرض وفرعها في السماء، لا تهزها عواصف التنابل والبؤساء، ولا تحرق أوراقها المزاعم الكاذبة والأضاليل الزائفة التي يكذبها الواقع كلما اصطدمت بالحق..

لقد آن الأوان لفهم كل من يهمه الأمر، أن حزب الله قاب قوسين أو أدنى ليخرج منتصرا من الجهاد الأصغر ضد التكفيريين في سورية كما خرج منتصرا من الجهاد الأصغر ضد “إسرائيل في حرب تموز 2006، واقترب الوقت ليبدأ الجهاد الأكبر في الداخل..

والجهاد الأكبر يعني معركة بناء الدولة القوية القادرة العادلة، وهي معركة صعبة، طويلة ومعقدة، لا يمكن الانتصار فيها إلا بهزيمة الطابور الخامس في الداخل، طابور العملاء والخونة والتجار والسماسرة، لصوص المال العام ومصاصي دماء الشعب عبيد ‘آل سعود’ اليهود، ليعيش لبنان حرا قويا عزيزا كريما وسيدا.. بالشرفاء من أهله.خاص بانوراما الشرق الاوسط - نسمح باعادة النشر شرط ذكر المصدر تحت طائلة الملاحقة القانونية

المصدر : بانوراما الشرق الاوسط

 
https://taghribnews.com/vdcc4iqi12bqie8.caa2.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز