إيران تقول أن السعودية "عدوّها" الأول: إنها "الطامّة" التي خيّبت آمالنا بها.. ولكن!
تنا
لا يهمنا في الحقيقة إن كانت إسرائيل هي العدو الثاني، الثالث، الرابع، بالنسبة لإيران بعد السعودية، فالجمهورية الإسلامية، لطالما دعمت حركات المقاومة، وباعتراف المقاومة ذاتها، ودون شرط، ولم تتخلّ عنهم، تحت أي ضغوط، في مقابل أن السعودية، لا يذكر التاريخ لها، أن أقدمت في يوم من الأيام، على دعم بندقية المقاومة، ولم تُشجّع منذ تاريخ تأسيسها نهج مشروع المقاومة .
شارک :
خالد الجيوسي
ذلك الاستغراب “العجيب” الذي يُصيب بعض العرب، وتلك “الخيبة” غير المفهومة، يُعبّر عنها أيضاً بعض العرب، حول تصريح اللواء محمد علي جعفري، حين قال أن العربية السعودية هي العدو الأول لإيران، ذلك الاستغراب والخيبة يطرحان ذلك التساؤل في عقول بعض العرب، هل يُعقل أن السعودية باتت العدو الأول للجمهورية الإسلامية، فأين إسرائيل؟ وأين يأتي “العدو” ضمن قائمة أولويات إيران، التي “تدّعي” مُحاربتها الشيطانين الأمريكي، والإسرائيلي؟
قناة “العربية” المملوكة للسعودية، بالطبع كانت ضمن أولئك “العرب”، وسارعت لبث الخبر “التاريخي” على أنه خطأ جسيم وفضيحة، بل والطامة الكبرى التي ارتكبها اللواء جعفري، فهي أي السعودية تمثل الخط الأول للدفاع عن العرب، وهي التي طالما دافعت عن قضاياهم المصيرية، وقدّمت مصالح فلسطين على مصالحها، وربما قدّمت “المبادرة العربية” لحل القضية، كدليل واضح على حُسن نواياها، وهذا بالطبع كله بحسب “المُندهشين”، من اعتبار إيران “بلاد الحرمين”، عدوها الأول، فكيف هذا يا هذا؟
يذهب بنا أحد الكتاب السعوديين أيضاً، وهو من أولئك العرب، ويتحدث لنا عن انكشاف الوجه الحقيقي لإيران، فها هي الجمهورية “الشيعية”، تُعلن وعلى الملأ أن عدوتها، ودون حياء، المملكة السعودية، ولو كانت بحسب الكاتب معنية بشأن قضايا الأمة، لما تجرأت على البوح بذلك، على الأقل علناً، ويضيف الكاتب “إنها مجرد دولة فارسية، لها أطماع توسعية، على مبدأ مشروع “ولاية الفقيه”، وعلى السعودية التنبه لذلك، ومحاربته، يُحذّر الكاتب بحجة أنها تُعلن العداء القاتل لبلاده.
السعودية، بشقيها السياسي والإعلامي، يبدو أنها اتخذت خيار التصعيد مع الجمهورية الإيرانية، وهذا واضح وجلي، لأي متتبع للتصريحات السياسية، والإعلامية “الصقورية” التي تنتهجها المملكة، ولا يقتصر فقط على ما ألفناه من تصريحات للمسؤولين، وتهديدات “صوتية”، بل إن ذلك يتعدى إلى أن السعودية تفكر ملياً، بل وتعمل فعلياً على إسقاط النظام الإيراني، ودعم المعارضة خلال مؤتمرات تتعالى فيها صيحات إسقاط النظام بشكل صريح ومستفز، وتثوير الأحواز، وغض الطرف وتمويل التنظيمات المتطرفة لضرب العمق الإيراني، والترويج بأن إيران تسعى لضرب أمن الخليج كله، وتوجيه الاتهامات لها، حول ضلوعها بمحاولة “تهريب” متفجرات كافية لنسف العاصمة البحرينية المنامة، أمر من قائمة تطول، وتطول يتم طبخها، والتحضير لها للتخلص من “الشيطان الإيراني”.
هذه الأمور التي ذكرناها، بالتأكيد لا تخفى على اللواء جعفري، وعليها لا بد أن يقول اللواء أن السعودية هي العدو الأول لبلاده، وهو أمرٌ طبيعي، لا ملامة فيه، يفرضه منطق “العداء” والخصومة الذي تصر عليه السعودية، وعليه سيكون هناك بالتأكيد مع الأقوال أفعال، تثأر إيران لنفسها بها، وأي كائن على وجه هذه الخليقة، لا بد أن يعتبر من يُعاديه، ويكن له الكره، ويعمل على قتله، إسقاطه، يجب أن يُبادله ذلك الكره، ويصفه بأنه عدوه الأول، حتى لو كان له أعداء آخرين، ويبدو أن السعودية في القاموس الإيراني، لها مصلحة في إسقاط إيران أكثر من إسرائيل نفسها، فما هي خيارات الإيراني البديلة في تلك الحالة؟
لا يهمنا في الحقيقة إن كانت إسرائيل هي العدو الثاني، الثالث، الرابع، بالنسبة لإيران بعد السعودية، فالجمهورية الإسلامية، لطالما دعمت حركات المقاومة، وباعتراف المقاومة ذاتها، ودون شرط، ولم تتخلّ عنهم، تحت أي ضغوط، في مقابل أن السعودية، لا يذكر التاريخ لها، أن أقدمت في يوم من الأيام، على دعم بندقية المقاومة، ولم تُشجّع منذ تاريخ تأسيسها نهج مشروع المقاومة، وهذا بالطبع لأنها تصنف نفسها ضمن منظومة دول الاعتدال، ولهذا لا يحق برأينا لكائن من كان أن يُشكّك بعداء إيران لإسرائيل، لمجرد أنها اعتبرت السعودية عدواً أولاً لها، إيران وحدها من تحتفل بيوم القدس، إيران وحدها من لم تتخلّ عن حركات المقاومة في مفاوضتها النووية، إيران يحق لها أن تُصنّف أعداءها حسب أولوياتها، وحينما يقدم غيرها ما تقدمه لقتال إسرائيل، له الحق أن يلومها، ويلومنا على الوقوف في خندقها المُدافع عن بلادنا فلسطين.
لا أدري بماذا سيخرج علينا الإعلام السعودي، في تفسير زيارة اللواء المُتقاعد أنور عشقي للقدس المُحتلة على رأس وفد غير رسمي “رفيع المستوى”، ربما سئمنا أن يُقال لنا أنه لا يمثل شيئاً رسمياً في بلاده، وهو يتصرف من نفسه، ولا تسعى بلاده “للتطبيع″ مع العدو الصهيوني، فلم لا تُحاسبه مثلاً، فمن يُصافح عدونا، فهو عدونا، وحينما يمتعض الشعب السعودي على إثر زيارة عشقي لإسرائيل، فهو شقيقنا الأول، كما إسرائيل وغيرها من أنظمة عميلة عدوتنا الأولى، هرمنا من أجل هزيمة عدوتنا إسرائيل، ربما علينا التخلص من المُنافقين بيننا أولاً، فهم علتنا المُستديمة، وعدونا الأول، أليس كذلك؟!