بينما تقدم القوات الأمريكية حاملات الطائرات وتصدر الأوامر لقواتها وموظفيها في العراق بالاستعداد لحالة الطوارئ، يقول الإيرانيون بهدوء أن الحرب لن تحدث ويزيدون الطين بلة بالرفض القاطع للمفاوضات؛ فما هو سر هذا الارتياح الإيراني؟
شارک :
عند النظر إلى أي حدث سياسي يجب أن ننظر إلى جانبي الحدث وهما اللاعب الذي ينفذ والثاني هو الإرادة والقرار خلف كواليس الحدث. ويجدر بنا أن ننظر إلى كل منهما على حدة؛ فعلى سبيل المثال رغم أن الشعب المصري يؤمن بالقضية الفلسطينية إلا أن الجيش المصري حاصر غزة خلال عهد مبارك.
إذا فرضنا أن الإدارة الأمريكية تريد الهجوم، فيجب أن ننظر إلى الأمر من زاوية غرف القرار الأمريكية؛ التجربة الأمريكية منذ حرب فيتنام عام 1955، ثم أفغانستان 2001، والعراق 2003، تكشف أن الحرب بالنيابة هي الخيار الأفضل للأمريكان في ظل وجود أدوات اقليمية يمكنها شن الحرب بدلاً من الأمريكان أنفسهم.
من الذي يمكنه مهاجمة إيران في المنطقة؟ الحكومة السعودية ونظيرتها الاماراتية لا تحظى بالدعم الشعبي الكافي من أجل شن حرب على إيران، فالشعب السعودي تعب من الحرب اليمنية بما يكفي، وما يزال محمد بن سلمان عاجزاً عن التصدي للطائرات والصواريخ اليمنية، لذلك يحاول حث أمريكا على دخول الحرب ضد إيران بنفسها، وسينأى بنفسه عن خوض مواجهة مباشرة ضد إيران؛ أما الإمارات فهي تخشى أن تطالها ألسنة اللهب فينهار اقتصادها القائم على الاستثمارات الأجنبية.
الحرب الأمريكية على إيران ستؤدي إلى تهديدات حقيقية للنفط والسعودي والإماراتي مما سيقود إلى خروج أسعار النفط عن سيطرة الأمريكان. ومن جهة أخرى فإن قوات تنظيم داعش كانت أفضل عدة وعدداً من الجيش السعودي والإماراتي وأكثر اندفاعاً في المعارك واستطاعت احتلال مساحات واسعة من بلدين مهمين، إلا أنها انكسرت وهربت أمام قوات محور المقاومة.
الكيان الصهيوني هو الآخر يبذل كل ما في جهده من أجل أن يدفع أمريكا للقتال بدلاً عنه فهو محاصر أساساً من قبل المقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان وليس بحاجة للمزيد. فآخر مواجهة عسكرية بين الكيان الصهيوني وحركة حماس اسفرت عن خضوع الكيان لشروط وقف الصلح التي فرضتها حماس، لتكون أسرع هزيمة صهيونية منذ احتلال فلسطين.
كما أن آخر مواجهة إيرانية صهيونية تتمثل في الرد الإيراني على قصف قاعدة تيفور العسكري في سوريا، حيث أمطرت إيران والمقاومة الإسلامية الجولان بعشرات الصواريخ وقصفت مقراً سرياً للموساد في تأكيد على الاختراق الاستخباري.
إذن لا تستطيع أمريكا الاعتماد على أدواتها الاقليمية من أجل شن حرب على إيران، إذ أن كل منها عرضة للاشتباك مع طرف أو عدة اطراف من محول المقاومة، كما أن هذه الأدوات خسرت كل المعارك الأخيرة. ماذا لو دخلت أمريكا الحرب بنفسها؟
ماذا لو دخلت أمريكا الحرب بنفسها، كما حصل في أفغانستان والعراق؟ كلما اقتربت القوات الأمريكية من إيران أكثر، كلما كانت أنواع وأعداد الصواريخ الإيرانية التي تطالها أكثر، وهذا ينطبق أيضاً على الطائرات المسيرة عن بعد والزوارق الحربية السريعة. في حين لا ترغب أمريكا أن تنقل وسائل الاعلام العالمية صور غرق حاملات طائراتها وقصف معداتها.
وأخيراً على الرغم من الدعاية الكبيرة التي أحاط بها الكيان الصهيوني قبته الصاروخية؛ إلا أنه لم يتمكن من التصدي لصواريخ حركة المقاومة الإسلامية، حماس؛ أما حاملات الطارات فستكون أهداف ضخمة وسهلة للقوات الإيرانية. لذلك لن تحصل الحرب ما دامت تكاليفها كبيرة للأمريكان.