وجه الرئيس الأمريكي أمر استدعاء لثلاثة زعماء عرب للحضور إلى واشنطن في مطلع شهر ايلول/سبتمبر الحالي،
شارک :
والزعماء العرب الثلاثة يعانون من مشاكل كبيرة، حسني مبارك حاكم مصر يصارع امراضه البدنية وأمراض التوريث، شعب مصر تحت قيادته فقد الهيبة والمكانة السياسية في المجتمع الدولي، نهر النيل في طريقه إلى الجفاف بعد تقاعس جمهورية شرم الشيخ عما يجري في السودان، والقفز المصري من فوق الخرطوم إلى جوبا جنوبا لن يجدي نفعا، والتملق لإسرائيل والرضوخ لارادتها لن يجعل النيل ينساب عبر الأراضي المصرية كما كانت طبيعته منذ النشأة، إسرائيل تعلم علم اليقين بان شعب مصر عاجلا أم آجلا لن يقبل بوجود الكيان الصهيوني إلى جواره مهما فعل الحاكم المصري مبارك.
جمهورية شرم الشيخ تحاصر غزة بموجب أوامر إسرائيلية والمجتمع المصري يئن تحت ندرة الكهرباء لقلة تزويد مؤسساتها بالطاقة اللازمة من الغاز المنتج من أراض مصرية والذي يزود إسرائيل بكل احتياجاتها من تلك الطاقة بابخس الأثمان، بطالة متفشية وفقر مدقع وغنى فاحش لإفراد لا تزيد نسبتهم عن ۲ ' من الشعب المصري ۹۰ مليون نسمة. في ظل هذه الظروف يستدعى حسني مبارك إلى واشنطن لحضور ما سمي إطلاق 'المحادثات المباشرة بين إسرائيل ومحمود عباس' بإشراف وتوجيه أمريكيين، والمطلوب من حسني شرم الشيخ ان يمارس كل التهديد والوعيد لعباس لكي يوافق على المطالب الاسرائيلية وكذلك يكون شاهدا على توقيع على وثيقة التنازل عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بصفة مصر اكبر دولة عربية وأكثرها تأثيرا في مجريات تاريخ المنطقة، وفي مقابل ذلك يحصل السيد حسني على التعهد بتنفيذ مشروع التوريث ولا مانع لديه من إعطاء التنازلات، وكما قلت مرارا باني اتشاءم من خروج الرئيس مبارك إلى خارج مدينة شرم الشيخ لان كل خطواته إلى خارج مصر تكون نتائجها وبالا على امتنا العربية والإسلامية.
الملك عبدالله الثاني استدعي أيضا إلى واشنطن لنفس الأسباب وفي ذات التاريخ، كلنا نعرف حال الأردن وتخوفاته، انه الوطن البديل كما يقول به الصهاينة، وهذه المسألة في حد ذاتها تربك الأردن وتعمي بصره، وهذه المسألة تستدعى من قبل الأمريكان والصهاينة كلما أرادوا ابتزاز النظام السياسي في عمان، المعضلة الحقيقية في عمان هي أن الجبهة الداخلية كما يجمع المراقبون مضطربة لأسباب اقتصادية وإدارية وعشائرية واختراقات متعددة كلها تنهش في امن واستقرارالحال في الأردن الأمر الذي تعلمه أمريكا وإسرائيل، ومن هنا تبدأ عملية الابتزاز للنظام السياسي الأردني ..إذا كان هذا حال أهلنا في الأردن الشقيق فما هو الحل؟
الرأي عندي هو تعميق مفاهيم الوحدة الوطنية الداخلية والرفض المطلق لتقسيم المجتمع إلى فئتين متناطحتين (أحزاب سياسية، ضباط متقاعدون، نظام عشائري ثأري أناني، أردني من أصول فلسطينية، اردني سلطي، أردني كركي، الخ) واذا قبلنا بهذه التقسيمات فلا بد أيضا من التذكير بان رأس النظام حجازي من أشراف قريش. ما أردت قوله في هذا الشأن أن إسرائيل لا تفرق بين مكونات الشعب الأردني ولا مكونات الشعب الفلسطيني فالاثنان في نظر إسرائيل عدوان يجب مقاتلتهما. إننا في حاجة ماسة في الأردن الشقيق إلى الوحدة الشاملة لمواجهة مشاريع إسرائيل التوسعية، إن سياسة الاسترضاء لذلك الكيان لا تجدي نفعا ولا دبلوماسية الاستجداء من أمريكا نافعة.
محمود عباس جلب إلى واشنطن بأمر إسرائيلي وتنفيذ أمريكي والهدف من ذلك هو إتمام مشروع اوسلو الذي وقع على وثائقه في الثالث عشر من ايلول/سبتمبر عام ۱۹۹۳ وهو إعطاء إسرائيل كامل الحق للحصول على هوية المنطقة وعضويتها التي ظلت عصية عليها لأكثر من ستين عاما وهي تعيش بدون وجه حق على التراب الفلسطيني، وفي مقابل حفنة من الدولارات تعطى لعباس وحزبه على ان يكّون حزبه جيشا ثانيا لحماية اسرائيل من غضب الشعب الفلسطيني صاحب الحق الشرعي في فلسطين، والمطلوب اليوم في واشنطن أن يوقع عباس على الوثائق النهائية القاضية بإنهاء مطالب اللاجئين الفلسطينيين في حقوقهم المشروعة، وترك قضية القدس تحت الطلب حتى تنتهي إسرائيل من عملية التهويد وإخراج أهلها منها، عندئذ يمكن إجراء استفتاء ما إذا كانت القدس عربية أم يهودية وذلك بحضور قادة عرب على وجه التحديد الاردن ومصر .
آخر القول: محمود عباس لم يعد لنا امل في اصلاحه، وحسني مبارك مصاب بمرض التوريث، والملك عبد الله الثاني في موقف لا يحسد عليه، واجزم بان عقل بعض الحكام العرب راح يبحث عن المصالح الذاتية ولم يعد الوطن الشغل الشاغل وما علينا الا ان نقول حسبنا الله ونعم الوكيل.
د . محمد صالح المسفر ۲۰۱۰-۰۸-۳۰ مرکز باحث للدراسات