الوحدة والمصلحة الاسلامية في منهج الامام الصادق (ع)
تنا
وحدة المسلمين ضرورة شرعية وعقلية ؛وتتجلى الوحدة بوضوح في وحدة الموقف العملي الحوار في محل الاتفاق و الاشتراك ،يقرب القلوب.
شارک :
بقلم : سعيد العذاري
ولنقتد بالعترة النبوية الطاهرة في مواقفهم الوحدوية وبمناسبة مولد الامام الصادق عليه السلام نتطرق الى موقفه الوحدوي ومراعاته للنقاط المشتركة وللمصلحة الاسلامية العليا ؛ فقد كان يحث أنصاره واتباعه على المشاركة في صلاة الجماعة والجمعة التي تقام من قبل الولاة حفظاً على الالفة والاخوة وتحقيقاً للوحدة في أحد مجالاتها وهي ممارسة العبادة جماعة فيقول: ((من صلّى معهم في الصف الأول كان كمن صلّى خلف رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في الصف الاول)).
وقال (ع) ايضاً: ((ما من عبد يصلّي في الوقت ويفرغ، ثم يأتيهم ويصلي معهم وهو على وضوء إلاّ كتب الله له خمساً وعشرين درجة)).
وكان يدعوهم إلى تعميق العلاقات مع المذاهب الاخرى ومشاركتهم في آمالهم والامهم حيث يقول: ((كونوا لمن انقطعتم إليه زيناً ولا تكونوا عليه شيناً، صلّوا في عشائرهم وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم)
وقال: ((اوصيكم بتقوى الله عزّ وجلّ والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث واداء الامانة... صلوا عشائركم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم، وأدّوا حقوقهم، فانّ الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدّى الأمانة وحسن خلقه مع الناس، قيل: هذا جعفري فيفرّحني ذلك ويدخل عليّ منه السرور وقيل، هذا ادب جعفر، وإذا كان على غير ذلك دخل عليّ بلاؤه وعاره وقيل: هذا ادب جعفر...))
ونهى عن التعصّب لأنه أحد أهم أسباب وعوامل التشاجر والتناحر والاختلاف والفرقة بين المسلمين لأنه يمنع من اللقاء والاجتماع في النقاط المشتركة وفي الآفاق العليا.
قال الامام جعفر الصادق (ع): ((من تعصّب أو تعصِّب له، فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه)).
وقال : ((من تعصّب عصّبه الله بعصابة من نار)).
ودعى (ع) إلى اصلاح العلاقات بين الناس والتقريب بينهم، ليكونوا أخوة متآزرين متعاونين فقال: ((صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا وتقارب بينهم إذا تباعدوا).
ووجّه الانظار إلى الموازين السليمة في التقويم والتقديم، والقائمة على أساس القرب من الله تعالى، وهي أهم ميزان للعلاقات.
قال: ((من أوثق عرى الإيمان أن تحبّ في الله وتبغض في الله وتعطي في الله، وتمنع في الله))
فقد قدّم الحبّ في الله والبغض في الله على جميع الوان ومجالات الحب والبغض القائمة على أساس الانتماء والولاء للعشيرة أو الوطن أو اللغة أو المذهب، لأنها انتماءات وولاءات ثانوية، لا تصح ان تكون بذاتها محببة بل بدرجة تأثيرها الايجابي الواقع ضمن قاعدة الحب في الله والبغض في الله.
وكانت علاقاته مع أئمة المذاهب قائمة على المحبة والمودة والاحترام المتبادل، وفي ذلك قال مالك بن أنس: ((كنت ادخل إلى الصادق جعفر بن محمد، فيقدّم لي مخدّة، ويعرف لي قدراً، ويقول: يا مالك انّي احبّك، فكنت اسرّ بذلك وأحمد الله عليه)المصدر بحار الانوار ج47 ص16.
وهذه الرواية تنسجم مع أخلاق الإمام جعفر الصادق (ع) في علاقاته مع الآخرين، وفي تحركه نحو تقريب القلوب، وقد وردت في كتب الاسلامية.
وكان الفقهاء وأئمة المذاهب الأخرى يتوجهون لزيارته واللقاء به وأخذ العلم عنه.
فقد كان سفيان الثوري يقول: ((حدّثني جعفر بن محمد))و ((سمعت جعفراً يقول)).
وكان يقول له: ((لا أقوم حتى تحدثني )).
وكان الامام ابو حنيفة يقول: ((لولا السنتان لهلك النعمان))، ويرى الشيخ محمد أبو زهرة انّ هاتين السنتين كانتا عندما خرج أبو حنيفة من العراق مهاجراً للمدينة، فانه أقام ببلاد الحجاز، ولعلّه قد لازم الإمام الصادق في هذه المدّة.
وكان يشجع طلاب العلم للحضور في حلقة مالك بن أنس الدراسية وأخذ العلم منه، لإزالة الحواجز والفواصل بين المسلمين عموماً وطلاب العلم خصوصاً، وهذا ما يساهم مساهمة فعالة في تعميق أواصر الإخاء والمودة، وفي تقريب وجهات النظر لاتخاذ المواقف الواحدة تجاه الاحداث والوقائع، ومن الامثلة على ذلك انّه قال لعنوان البصري ((أن يجلس إلى مالك).
ومن اجل انهاء الاضطراب الفكري والبلبلة العقائدية وقف الإمام موقفاً حازماً تجاه الغلاة فحاربهم ولعنهم.