مساء 14 آذار/مارس الفائت، عاش الصهاينة قلقًا ضخمًا. أكبر هجوم سيبراني ضرب البنية التحتية في كيان العدو.
شارک :
لطيفة الحسيني
مساء 14 آذار/مارس الفائت، عاش الصهاينة قلقًا ضخمًا. أكبر هجوم سيبراني ضرب البنية التحتية في كيان العدو. محاولات التقليل من حجم ما جرى لم تنجح. العملية تتعدّى حدود القرصنة الطفولية. استنفارٌ واستدعاء لطواقم وزارة الاتصالات وجهاز الأمن السيبراني وحتى جيش الاحتلال في الليلة نفسها لتطويق العطل الذي أدّى الى شلل المواقع الحكومية الرسمية.
التعتيم الإعلامي الذي يسعى العدو لفرضه فشل منذ اللحظة الأولى، خرج مصدر أمني صهيوني لوصف ما حصل بأنه ضربةٌ لم يشهدها الكيان سابقًا. المواقع العسكرية للشاباك والموساد لم تتأثّر، لكن مواقع وزارت الصحة والقضاء والداخلية ورئاسة الحكومة توقّفت عن العمل.
موقع وزارة الداخلية قد يُعدّ الأخطر وفق ما يعتبر الصهاينة، فاختراق البيانات الشخصية لآلاف الاسرائيليين مُصيبة. السجّلات والنفوس والتأشيرات لم تعد سرّية وهذا بحدّ ذاته نائبة للعدو.
رصد ردّات الفعل في الكيان الغاصب يقود الى صورة هشّة ظهر من خلالها الاسرائيلي: لا حسم للجهة التي أدارت الهجوم، والمسؤولون المعنيون مباشرة بالقطاع باتوا مُحلّلين في ظلّ افتقادهم للمعطيات البائنة، فبدؤوا يربطون الضربة بالعملية في أربيل، غير أنهم لم يجدوا دليلًا واحدًا يُثبت اتهامهم لإيران بالوقوف وراء العملية، على قاعدة أن حربًا قائمة بين الجانبيْن في هذا المجال، خاصة أن مسؤولين إسرائيليين سبق أن اتهموا طهران بمحاولة اختراق شبكة المياه الإسرائيلية في عام 2020.
قبل يوميْن، نقلت تقارير إعلامية عبرية عن مسؤول صهيوني قوله إن المديرية الوطنية الإلكترونية أعلنت حالة الطوارئ من أجل دراسة مدى الضرر الناجم عن الهجوم الهائل.
بحسب تقديرات العدو، أُزيلت المواقع الإسرائيلية من خلال هجوم رفض الخدمة.
ما جرى اذًا ليس عاديًا أو عابرًا. نحن أمام حدث استثنائي دفع بوزير الاتصالات الاسرائيلي يوعاز هندل للقول "إننا الآن في مرحلة استخلاص العبر ودراسة الهجوم وفهم كيفية التصرف لاحقًا".
العملية غير معهودة
لفهم العملية، يُقدّم الخبير في أمن المعلومات داود الحسن لموقع "العهد الإخباري" شرحًا قد يوضح ملابسات الهجوم، فيقول "اذا كان الهجوم كما أعلنت شركة "تشك بونت" هجومًا شائعًا جدًا لسهولة تنفيذه وله صدى إعلامي فقط، والمواقع المستهدفة هي مواقع إعلامية لا تتضمّن معلومات أمنية ويُستبعد سحب أيّة بيانات، فلماذا الذعر ووزارة الحرب تعلن حالة الطوارئ للتحقّق من البنية التحتية الحكومية على صعيد الكهرباء والمياه، ووحدة "الدفاع" السيبراني التابعة لشعبة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جيش الاحتلال تدخل على الخطّ لفحص الحدث؟".
ويسأل أيضًا "اذا كان الموضوع عبارة عن DDoS Attack (هجوم الحرمان من الخدمة/توجيه كمية كبيرة من الزيارات الى الموقع الالكتروني لاستنزاف موارده فيصبح خارج الخدمة والزوار لا يستطيعون الوصول اليه، واستُعيدت المواقع بعد ساعتيْن من العملية حسب ادعائهم، فلماذا كلّ هذا الاستنفار المنقطع النظير؟".
يُذكّر الخبير بحوادث الكترونية في المجال نفسه، لكنها ليست مُشابهة من حيث النتائج، ففي عام 2020 شركة التأمين "شيربيت" جرى اختراقها ونُشر جزء من بياناتها ومع هذا "اسرائيل" لم تستنفر ولم يتدخل الجيش، وفي عام 2021 سُجّلت عملية "عصا موسى" عندما اختُرقت بيانات مئات الجنود الصهاينة وحتى نُشرت صور شخصية مأخوذة من هاتف وزير الحرب بني غانتس ولم يحصل ما يحصل اليوم".
بتقدير الخبير، DDoS Attack لمدّة ساعتيْن متواصلتيْن لا يُعتبر هجومًا ضخمًا، لكنّ ردّة الفعل غير المسبوقة في "اسرائيل" تُبرهن أن العملية غير معهودة في تاريخ الكيان، ما أدّى الى فحص البنية التحتية بشكل خفّي عن الجمهور.
التغطية والتعمية عن حصيلة العملية في إعلام العدو لا تمرّ. برأي الخبير، مجرّد تسريب معلومة أن الضرر طال البنية التحتية فهذا يعني أن القصة برمّتها موجعة للصهاينة. القطارات ومصافي النفط والمصانع الكيميائية وسلاسل التوريد للشركات الأساسية كلّها مكامن تأثّرت بالعملية حكمًا.
مقاربة الخبير تتطابق مع ما ورد في "إسرائيل هيوم" التي نقلت عن مصادر صهيونية رفيعة المستوى أن هجوم السايبر الأخير كان الأوسع في "إسرائيل" وكتمانه لم يعد ينطوي على أحد في الأراضي المحتلة وخارجها.