ان الاسرائیلین يدركون الفجوة بين الوعود والاداء الفعلي وانه لا يمكن تحقيق النجاح
شارک :
كتب الخبير الصهيوني بالشؤون الامنية يوسي ميلمان في صحيفة هآرتس مقالة عالج فيها اخفاقات منطومة القبة الحديدية المضادة للصواريخ التي تطلق من قطاع غزة، وتوصل ميلمان الى نتيجة مفادها ان منظومة القبة الحديدية واجهت صعوبة في مواجهة الاطلاق المكثف للصواريخ. فقد نجحت في اعتراض ما بين اربعة الى خمسة صواريخ من حوالي ٣٠ صاروخ اصلقت مؤخرا من القطاع، ليطرح ميلمان سؤلا كبيرا حول ماذا يمكن ان ينبأ فيما يتعلق بقدرات صاروخ حيتس على مواجهة تهديد صواريخ شهاب من ايران؟ ميلمان كتب في مقالته ان المؤسسة الامنية الاسرائيلية نشرت هذا الاسبوع بواسطة المراسلين العسكريين مختلف الحجج التي وصفها بالخلاقة من اجل شرح الصعوبات التي تواجهها منظومة القبة الحديدية في اعتراض صواريخ غراد التي تطلق من قطاع غزة نحو جنوب اسرائيل. وعرض ميلمان جزء من هذه التبريرات حسبما تم تسجيلها من وسائل الاعلام ومن هذه التبريرات: ان بطارية القبة الحديدية نشرت في مدينة رحوفوت وهذا هو السبب لعدم اعتراضها لصاروخ غراد الذي اطلق نحو اشدود. تبريرات آخر عرضها ملمان تقول: كانت هناك ظروف جوية شكلت صعوبة امام اكتشاف الصواريخ، مواقع اطلاق صواريخ الغراد كانت مخبأة في باطن الارض، خلايا اطلاق الصواريخ كانت مدربة على تكنولوجيا اطلاق حديثة، الرادارات لم تعمل بسبب مشاكل تعيير، النشر المستعجل ادى الى خلل في الاعتراض. هذه التبريرات بحسب ميلمان لا تعدو كونها سوى فبركات اعلامية، مبررات لذر الرماد في عيون الجمهور. وشبه ميلمان هذه التبريرات بسلسلة الحجج المعتمدة لدى المحامين مثل: موكلي لم يكن في مسرح الجريمة، وحتى ان ثبت وجوده فسأدعي انه كان مخمورا بالمطلق، واذا لم يثبت انه كان مخمورا، سأدعي ان قدميه كانتا مكسورتين، واذا ثبث انه وقف على قدميه فسأدعي انه عانى من نوبة صرع، وهكذا دواليك. ميلمان اقر بأن ذلك لا يمكن ان يخفي الحقيقة العارية، فقد اُطلق نحو اسرائيل في الايام الاخيرة حوالي ثلاثين صاروخا. وقد اعترضت بالمقابل بطاريتي القبة الحديدية المنشورتين قبالة قطاع غزة ما بين اربعة الى خمسة صواريخ اي نسبة نجاح بحوالى ١٥ %. هذا مستوى منخفض جدا. وحسب كل الاراء فإن هذا يتناقض مع كل الوعود الكبرى التي اطلقتها وزارة الدفاع، ومنتجة المنظومة شركة الصناعات العسكرية رفائيل، والمسؤول عن المشروع يوسي دروكر. واضاف ميلمان انه وفق وتيرة التبريرات التي تساق فإن موظفي وزارة الدفاع وافراد شركة الصناعات رفائيل سيحمّلون وزير الدفاع السابق عمير بيريتس مسؤولية الفشل لأنه كان الروح الحية التي وقفت خلف القرار الاستراتيجي بوجوب حماية الجبهة الداخلية المكشوفة، وقرر اعطاء رفائيل حوالي مليار شيكل لتطوير المنظومة. الكاتب في صحيفة هآرتس دعا الى الاقرار بالحقيقة التي تقول ان القبة الحديدية تواجه صعوبة في اعتراض اطلاق الصواريخ. المنظومة قادرة على اعتراضها بشكل محدود. ففي شهر اغسطس آب الفائت اطلق على مدينة بئر السبع في رشقة واحدة خمسة صواريخ. وقد اعترضت القبة الحديدية ثلاثة منها. فيما اخترق صاروخين واديا الى مقتل شخص واضرار في الممتلكات، فيما اشار ميلمان في مقالته الى انه وفي هذا الاسبوع ووفقا لشريط الفيديو الذي نشره الجهاد الاسلامي تم اطلاق رشقة من عشرة صواريخ، وكما هو معروف فإن صاروخا او صاروخين تم اعتراضهما من هذه الصواريخ. واستنتج ميلمان ان كثرة الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة تضع صعوبات امام القبة الحديدية، فالمشكلة تتضاعف كلما كان عدد الصواريخ اكبر. وتكهن باحتمال استعانة مهندسي حماس بمهندسين وتوجيه تقني ايراني وهم يبحثون عن نقطة ضعف هذه المنظومة. ورغم الخيبة الواضحة في كلام ميلمان من اداء القبة الحديدية فقد اشاد بمهندسي شركة الصناعات رفائيل على تطويرهم في فترة زمنية قصيرة للمنظومة الحديثة من اجل تلبية الحاجات الامنية وحماية دولة اسرائيل. ليرى انهم يستحقون الاشادة على تطوريهم لصاروخ "تامير" الاعتراضي الذي هو ثمرة تكنولوجيا فريدة ومتطورة، الا انه اشار الى وجود فجوات واضحة في مفهوم المنظومة. وتكمن المشكلة حسب ميلمان بأن المتحدثين باسم رفائيل ومسؤولي وزارة الدفاع وجماعات الضغط من قبلهم رفعوا سقف التوقعات المعقودة على القبة الحديدية. فمن اجل صد الانتقادات التي اطلقت ضدهم اثناء عملية التطوير اطلقوا وعودا كبيرة وانعشوا الامال التي تبين فيما بعد انها مجرد اوهام، بأن المنظومة ستوفر ردا للحد الاقصى على اطلاق النار نحو المستوطنات والكيبوتسات حول قطاع غزة وبالاخص لمدينة سديروت، التي طورت المنظومة بعد اطلاق الصواريخ نحوها. واتهم ميلمان مطوري المنظومة بعدم الوقوف عند هذا الحد، فقد واصلوا حسب ميلمان تضليل الجمهور بأقاویلهم، بأنه لا يمكن توفير حماية مطلقة، فحسب الظاهر يضيف میلمان هذه هي التصريحات المعتدلة والموزونة والسليمة التي تدل على انهم يدركون الفجوة بين الوعود والاداء الفعلي وانه لا يمكن تحقيق نجاح مئة بالمئة. وواصل ميلمان هجومه ليضيف ان الحقيقة هي ان مستوى الحماية التي تتوفر بواسطة القبة الحديدية ابعد بكثير عن الانطباع الذي تولد نتيجة هذه التصريحات. القبة الحديدية تستطيع فقط توفير حماية جزئية وحتى هذا يمكن ان يقال بصورة مجازية. وخلص ميلمان الى نتيجة مفادها انه من الجيد ان لدى اسرائيل القبة الحديدية، ويجب ان تنتج بطاريات اضافية منها وتنشرها لحماية المزيد من المستوطنات في الجنوب، لكن على الجمهور الاسرائيلي ان يستوعب الوضع والتسليم بالواقع المرير، لأن القبة الحديدية لا تمثل كل شيء. فهي مثل مدفع الليزر المضاد للصواريخ وليس اقل اهمية، وطالب المؤسسة الامنية الاسرائيلية بتخصيص سريع للمیزانيات المتعلقة بالتحصين وبناء الملاجىء، وربما حتى على حساب انتاج منظومة جديدة من القبة الحديدية فبكلفة منظومة واحدة التي تبلغ اكثر من ٢٠٠ مليون شيكل يمكن بناء ملاجىء وغرف آمنة تحمي اكثر من ٣٠ الف شخص على الاقل. ووصل ميلمان في ختام مقالته الى نتيجة تحمل ابعادا اكثر عمقا حيث كتب انه من الممكن ان نستخلص من اداء القبة الحديدية حتى الآن عبرة مؤلمة اضافية وهي انه من الممكن الافتراض ان يصطدم صاروخي حيتس ٢ الحالي وحيتس ٣ المستقبلي بمشاكل مشابهة مقابل اطلاق الصواريخ وسيجدان صعوبة في مواجهة تهديد صواريخ شهاب الايرانية.