وأشارت «هآرتس» إلى أن زيارة دمبسي المقررة هي جزء من محاولة أميركية لتنسيق الخطوات مع "إسرائيل" في الشأن الإيراني واستيضاح نوايا القيادة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بالهجوم العسكري على المنشآت النووية الإيرانية.
شارک :
قبل أيام من وصول رئيس قيادة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتين دمبسي إلى "إسرائيل"، جرى الإعلان عن تأجيل المناورة العسكرية الأكبر للدفاع الجوي بين الدولتين. وقد أشارت مصادر أميركية إلى أن مهمة دمبسي في تل أبيب تتمثل في محاولة الحصول على تعهدات بألا تفاجئ "إسرائيل" أميركا بالهجوم عسكرياً على إيران. وليس صدفة أن تأجيل المناورة العسكرية المشتركة التي كان مقرراً إجراؤها في نيسان المقبل تم تبريره برغبة أميركا في تخفيض حدة التوتر مع إيران.
وأشارت «هآرتس» إلى أن زيارة دمبسي المقررة هي جزء من محاولة أميركية لتنسيق الخطوات مع "إسرائيل" في الشأن الإيراني واستيضاح نوايا القيادة الإسرائيلية في كل ما يتعلق بالهجوم العسكري على المنشآت النووية الإيرانية. يذكر أن «هآرتس» سبق أن نشرت أن كلاً من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك رفضا التعهد أمام وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا بعدم مهاجمة إيران من دون تنسيق مسبق مع الولايات المتحدة.
من جانبها أشارت «يديعوت أحرونوت» في تقرير لمراسلتها في واشنطن إلى أن الإدارة الأميركية تعمل بإلحاح في جبهات عدة من أجل منع هجوم إسرائيلي على إيران، في الوقت الذي تعزز فيه قواتها في المنطقة تحسباً لضربة إيرانية مضادة. ونقلت الصحيفة عن مصادر أميركية تأكيدها أن "إسرائيل" تتملص بمنهجية من تقديم تعهدات للأميركيين، مما خلق لديهم انطباعاً بأن الغموض يخفي نية لدى نتنياهو بمهاجمة إيران.
وفي هذا السياق تم الإعلان في "إسرائيل" وواشنطن عن تأجيل المناورة المشتركة الكبرى «لأسباب عملياتية». وأشارت جهات إسرائيلية إلى أن هناك خلافاً بين المسؤولين حول توصيف القرار وهل أنه مجرد تأجيل أم أنه إلغاء فعلي للمناورة. وأشارت مواقع إعلامية إسرائيلية إلى أن التأجيل أصاب "إسرائيل" بـ«الذهول». ونقل موقع «والا» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى قوله «علمنا في نهاية الأسبوع بإلغاء مناورة الدفاع الجوي وتلقينا البلاغ بذهول». وأكد هذا المصدر أنه لا تقف خلف التأجيل «أسباب ميزانية».
وأشار المراسل العسكري للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إلى أنه حتى ظهر يوم الخميس الفائت كانت الاستعدادات تجري كالمعتاد لإتمام المناورة ولكن الأمور تغيرت بعد ظهر ذلك اليوم. واعتبر المراسل أن المناورة المشتركة ربما تكون أول ضحية لمحاولات أميركا خلق أجواء للحوار مع إيران.
ومن جهة أخرى أشار المراسل العسكري للقناة العاشرة إلى أن المناورة ستجري في النصف الثاني من العام الحالي. ولكن من المحتمل أن يكون التوتر أشتد مع إيران خصوصاً في ظل اعتبار وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أن هذا العام هو الفرصة الأخيرة للعمل ضد المشروع النووي الإيراني. وألمح إلى أن "إسرائيل" قد تستغل وجود بطاريات الصواريخ الأميركية بكثافة على أراضيــــها لإحراج أميركا بهجوم على إيران والحـــصول في الوقت ذاته على غطاء جوي ناجع ضد الصواريخ الإيرانية.
وتم التخطيط لهذه المناورة منذ عامين، وأطلق عليها اسم «التحدي الجدي ١٢» (AC١٢) والمعدة لتحسين أداء منظومات الدفاع الجوي والتعاون بين الجيشين الأميركي والإسرائيلي. وجاءت هذه المناورة كبديل لمناورة «جونيفر كوبرا» التي كانت تجري بين الجيشين في الماضي. وإلى ما قبل أيام كانت المناورة المشتركة هذه توصف بأنها «المناورة المشتركة الأكبر في تاريخ الجيشين الأميركي والإسرائيلي».
وبحسب ما كان معلوماً فإن المناورة كانت تشمل مشاركة ثلاثة آلاف من الجنود الأميركيين الذين يحضرون محملين بمئات الأطنان من بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات والصواريخ والرادارات الخاصة فضلا عن السفن البحرية. وكان يفترض أن تشمل المناورة أيضاً إطلاق أنواع جديدة من الصواريخ المضادة للصواريخ. وأن تتضمن كذلك مهمات دفاع جوي، إنذار، منظومات أقمار صناعية ومكونات أخرى لساحة القتال المستقبلية.
ومن المؤكد أنه لا يمكن قراءة الإعلان بتأجيل المناورة المشتركة الأكبر في تاريخ الدولتين إلا في هذا الإطار. وتحاول جهات رسمية إسرائيلية تقديم تبريرات غير مقنعة لهذا الإعلان، بينها أن الدوافع تتعلق بالميزانية، وأن القرار كان مشتركاً بالتنسيق بين الطرفين. ولكن المعطيات المتوفرة تظهر أن القرار كان أميركياً بامتياز ويتنافى مع ما يريده الإسرائيليون. فإسرائيل لا تخفي حقيقة ارتياحها للتصعيد في التهديدات الأميركية الإيرانية المتبادلة. وهناك إشارات كثيرة على أن إسرائيل تحث الإدارة الأميركية على العمل ضد إيران. وبالتالي فإن التبرير الأميركي الذي أعطي لتأجيل المناورة يناقض الرؤية الإسرائيلية، إذ نشر أن التأجـــيل يعــود لرغبة الأميركيين في تخفيض حدة التوتر مع إيران.
وقد اعترفت جهات إسرائيلية بأن طلب التأجيل جاء من أميركا التي أرادت من جهة تخفيض التوتر مع إيران ومن جهة أخرى عدم إظهار التلاحم الأميركي الإسرائيلي في هذا الوقت البالغ الحساسية بالذات للشعوب العربية. ولاحظ البعض أن طلب التأجيل جاء أيضاً بعدما أدانت الإدارة الأميركية اغتيال العالم النووي الإيراني وبعد ما نشر عن تجنيد "إسرائيل" لعملاء إيرانيين تحت غطاء الاستخبارات المركزية الأميركية.