التفت الإمام الخميني رحمه الله الى اهداف الكيان الصهيوني المحتل للقدس الشريف مبكرا و حذر من اهدافه؛ تلك الاهداف التي اراد هذا الكيان الغاصب استخدامها كوسائل للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط مما دعا الامام الى التصدي للاطماع الصهيونية ولذلك خصص يوما عالميا للقدس الشريف، وفي هذا الخصوص حاورنا محمد صالح صدقيان مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية الذي أكد بأن الامام الخميني رحمه الله نجح في ربط القضية الفلسطينية بضمير الامة الاسلامية ، واخرجها من اطارها القومي ودعا صدقيان جميع النخب في الدول العربية والاسلامية الى تحمل مسؤوليتها الكبيرة في استنهاض ضمير الامة وتذكيرها بالعدو الاساس في هذه المنطقة وهي اسرائيل، و فيما يلي نص الحوار: ماذا تعني مناسبة یوم القدس العالمي؟ و هل تحقق المطلوب من ذلك؟ لقد نجح الامام الخميني رحمه الله في ربط القضية الفلسطينية بضمير الامة الاسلامية، واخرجها من اطارها القومي التي سارت عليه منذ الاحتلال عام ١٩٤٨ وجعلها قضية اسلامية تهم كل الشعوب الاسلامية، وبالتالي اعطاها بعدا اسلاميا عندما اعلن الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك يوما عالميا للقدس الشريف، وبذلك ضخ فيها دماء جديدة لتصبح قضية كل المسلمين في انحاء الوطن الاسلامي الكبير . واذا كان الفلسطينيون قد قدموا الدماء والتضحيات من اجل استرجاع الاراضي الفلسطينية المغتصبة، فان الامام الخميني اعطاها بعدا جديدا لتلتحم الجهود العربية بالجهود الاسلامية من اجل نصرة الشعب الفلسطيني، بعدما قررت الجمهورية الاسلامية غلق السفارة الاسرائيلية في طهران وتحويلها الی سفارة فلسطينية حيث كانت السفارة الاولی في العالم ، وحملت الخطوة هذه العديد من الدلالات سواء علی الصعيد الفلسطيني، او علی الصعيد الاقليمي والدولي، وبالتالي وضعت ايران نفسها في اطار دول المواجهة لاسرائيل من خلال امكاناتها وطاقاتها ، وما الانجازات التي حققها الشعب الفلسطيني خلال العقود الثلاثة الماضية في مواجهته لمخططات العدو الاسرائيلي الا ثمرة من ثمار الوقفة التي وقفها الامام الخميني رحمه الله مع القضية والشعب الفلسطيني.
کیف انعکست مناسبة یوم القدس العالمي علی القضیة الفلسطینیة و عموم قضایا الأمة الراهنة؟ لقد اراد الامام الخميني في اطلاقة يوم القدس علی الجمعة الاخيرة من شهر رمضان تحريك ضمير الامة وجعل القضية الفلسطينية حية في ضمير الامة ، وعلی الرغم من تحفظ البعض من توظيف هذا اليوم لمقارعة اسرائيل، لكن الايرانيين استطاعوا ان يعملوا علی تجذير مفهوم مقارعة الاحتلال الاسرائيل ، بالشكل الذي اصبحت القضية الفلسطينية ويوم القدس من ثقافتهم ومن سياستهم الاستراتيجية التي بنيت عليها كل تحركاتهم سواء علی المستوی الداخلي او الاقليمي او الدولي.
كيف وهل يمكن عقد تحالف إسلامي بین اقطاب الدول الاسلامیة لمواجهة مؤامرات اعداء الامة؟ يمكن ذلك عندما تكون قضايا الامة هي محور الثقافة الاسلامية ووعيها عندها ترتكز كل تطلعاتها علی هذه الثقافة ، وهذا ما اراده الامام الخميني رحمة الله عليه ، فالعلاقات الاسلامية عندما تستند علی وعي الشعوب الاسلامية بمخططات العدو ، فمن الطبيعي جدا ان تتلاقی الجهود لمواجهة هذه المخططات ، ولذلك سعی العدو الى تفكيك هذه الامة من خلال اشاعة الطائفية والمذهبية والقومية لتمزيق هذه الامة والحؤول دون اجتماعها والتفافها حول مبادئها الاساسية ، لذا يجب علينا تذكر الانتصارات التي حققتها المقاومة اللبنانية في حرب تموز ٢٠٠٦ والمقاومة الفلسطينية في حرب غزة والتي كانت من خلال وعي الامة بمخططات الاعداء والالتفاف حول راية لا اللة الا الله استجابة لقوله سبحانه وتعالی من ينصر الله ينصره.
کیف یمکن ربط المسلمین بالاهداف و القضایا الکبری للامة الاسلامیة كالقضية الفلسطینیة و تعزیز الوحدة بینهم أكثر فأكثر؟ لعل القضية الفلسطينية هي من اهم القضايا التي يمكن ان تكون العامل الاساس في جمع المسلمين لتوفرها علی الاسس الممكنة للوحدة الاسلامية، فاسرائيل عدو مكشوف للجميع، ولايختلف اثنان من الامة الاسلامية علی نوايا هذا العدو الذي باتت واضحة للجميع فهو يريد توظيف العالم الاسلامي لخدمة قضاياه العدوانية ، وبذلك فان اجماع الامة علی مواجهة هذا العدو يمكن ان يكون ارضية مناسبة لجمع شمل الامة وذوبان خصوصياتها في بودقة مواجهة العدو الذي يتربص بها الدوائر .
على الرغم من مرور ٢١ سنة على رحيل الامام الخميني الا أن افكاره لا تزال حية خاصة تلك التي تتعلق بقضايا الامة الاسلامية كالقضية الفلسطيينة و تحرير القدس فما هي قرائتك لما قام به الامام في هذا المجال؟ لقد ادرك الامام الخميني عدة حقائق ليس بعد نجاح الثورة الاسلامية وحسب وانما عاش هذه الحقائق منذ ان قرر التصدي لنظام الشاه عام ١٩٦٥ ، وبذلك نبه الی هذه الحقائق التي كانت بمثابة السكة التي سارت عليها الثورة الاسلامية ، وفي مقدمة هذه الحقائق هو تحديده وتعريفه للعدو الحقيقي لهذه الامة ، وتركيزه علی القضية الفلسطينية باعتبارها جوهر المشكلة في الشرق الاوسط ، وبذلك دعا الی تسخير كافة طاقات الامة وامكانياتها وجعلها في خدمة مواجهة اسرائيل باعتبار اسرائيل راس الحربة الذي يسير به الاستكبار العالمي لضرب مرتكزات هذه الامة ويمنعها من التطور والرقي ، ولذالك فانه عندما دعا الی ازالة اسرائيل من الوجود كان يعني مايقول بكل صدق واخلاص ، وليس شعارا لتحقيق مصالح انية ووقتية وقومية.
برأيك ما هي مسؤولية الاعلاميين و المثقفين و الجمعيات الاهلية و النقابات المهنية و ايضا الحكومات الاسلامية تجاه المسجد الاقصى و ما آلت اليه أحوال أولی القبلتین وما الذي يمكن ان تقدم الأمة الإسلامية في هذا الشأن؟ تتحمل النخب في الدول العربية والاسلامية مسؤولية كبيرة في استنهاض ضمير الامة وتذكيرها بالعدو الاساس في هذه المنطقة وهي اسرائيل، وعندما تكون اقلام المثقفين الی جانب حناجر المواطنين تقف الی جانب المجاهدين عندها يمكن تحقيق احلام الاجيال الاسلامية في تحرير المسجد الاقصی من دنس الصهاينة الذين عاثوا في الارض الفساد ، وما الجمعيات الاسلامية ومنظمات المجتمع المدني في بعض الدول الاسلامية التي وقفت ضد ظاهرة التطبيع مع الكيان الاسرائيلي الا ثمرة من ثمار هذا الوعي الذي يجب ان يتجذر عند كافة افراد الامة وهذه مهمة من مهمات النخب بما في ذلك الاعلاميين والمثقفين لتحرير المسجد الاقصی ، وهنا يجب الاشادة بالجهود التي قام بها المسلمون ومعهم احرار العالم عندما قادوا اسطول الحرية لتحطيم الحصار علی الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ، والتي استطاعت تذكير الراي العام العالمي بما يعانيه الشعب الفلسطيني من حصار ودمار وموت يمارسة الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني .