تاريخ النشر2016 15 January ساعة 10:07
رقم : 218157

فيصل عبد الساتر لـ "تنا" : السعودية في مأزق والمجتمع الدولي بحاجة لايران

تنا-بيروت
اكد مدير مركز "دال" للإعلام المحلل السياسي فيصل عبد الستار ان الازمة المفتعلة بين ايران والسعودية ليست سببها الاعتداء على السفارة السعودية في طهران وانما المأزق الذي يعيشه النظام السعودي على المستوى الاقليمي والداخلي .
فيصل عبد الستار
فيصل عبد الستار

عقب إعلان وزارة الداخلية السعودية، تنفيذ حكم الإعدام  بحق 47 إرهابيًا بتاريخ: 2/1/2016 - على خلفية اتهامات تتعلق بالارهاب والتحريض على الدولة وومخالفة ولي الامر-  ومن بينهم الشيخ نمر باقر النمر، وبالمناسبة هو معارض سعودي كان يدعو لتحسين اوضاع الشعب السعودي ويعترض على بعض المواضيع الداخلية عبر الطرق السلمية،  الأمر الذي اعتبر استفزازا كبيرا لايران باعتباره عالم دين شيعي، فقد اشتعلت الأزمة بين الدولتين، وعمت التظاهرات المدن الايرانية وبالاخص في مناطق تواجد السفارة السعودية في طهران وممثليتها في مشهد، للاحتجاج على ما اعتبروه جريمة قتل واغتيال للشيخ النمر، فقام  المحتجون باقتحام مبنى السفارة وأضرموا النار فيها، كما أنزلوا العلم السعودي من فوق مبناها، هذا في حين هاجم متظاهرون اخرون مبنى القنصلية في مشهد وأحرقوا جزءا منه .

 إزاء ردة الفعل هذه، اعلنت السعودية عن قطع علاقاتها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع ايران، وفي السياق فقد طلبت من جميع الدول العربية القيام بالامر عينه، وبالفعل فقد استجابت بعض الدول لكن بوتيرة مختلفة، ما آثار المخاوف الدولية أزاء تداعيات هذا التوتر، فصدرت عن مختلف دول العالم دعوات التهدئة وعدم التصعيد والبحث عن الحلول الممكنة لتفادي الوقوع في الاسوأ.

حول هذه الازمة التي كان من الممكن ان تفتح باب الجحيم في المنطقة، استصرحت وکالة "تنا" مدير مركز دال للإعلام المحلل السياسي فيصل عبد الساتر، الذي قال أن المتابع للعلاقات الإيرانية السعودية والأزمات التي افتُعلت، يدرك تماما أن القضية ليست قضية ما سمّي بالإعتداء على السفارة السعودية في طهران أو على الممثلية القنصلية في مشهد، وإنما القضية أبعد من ذلك بكثير, مؤكدا أن السعودية في مأزق على كل المستويات لاسيما المستوى السياسي الاقليمي والداخلي.

السعودية تستفز ايران لاشعال حرب سنية شيعية
واعتبرعبد الساتر، الى  أن مثل هذه المحاولة أرادت منها السعودية اعادة شدّ العصب وإستثارة بعض الدول العربية والإسلامية لرفع الوتيرة في السجال الحاصل في المنطقة تمهيدا لمواجهة ساخنة، ربما يكون عنوانها المواجهة بين السنة والشيعة، وهذا ما يستدعي مقدمات قامت بها السعودية ظنا منها أن هذا الأمر ممكن أن يؤدي الى اجراءات من قبل ايران، وهذا ما لم يحدث .

واذ شدد عبد الساتر على ان إيران تدرك تماما أن هذا النوع من المواجهات ليس في مصلحة أحد ولا تريده على الإطلاق وبالتالي لم تبادر الى اجراءات مماثلة .

واردف قائلاً، أنه سبق وأن قامت السعودية باعتداءات كثيرة موصوفة على الإيرانيين، سواء الحوادث المتكررة في مواسم الحج والتي يذهب ضحيتها أعداد كبيرة من المواطنين الايرانيين، او احداث تفجير سفارات ايران في اكثر من بلد عربي، ولم تبادر ايران الى قطع العلاقات الدبلوماسية على الإطلاق , مشيرا الى أن مثل هذا الأمر أصبح مكشوف للقاسي والداني وحدوده سوف تبقى في اطار ما سمي لبيان جامعة الدول العربية الذي يمكن أن يتخذ شكلا من أشكال التشريع الدولي عبر الذهاب الى الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي.

الانصياع الخليجي للسعودية عدا عمان
وردا على سؤال عن أسباب جرّ الدول العربية الى نفس الموقف بدل احتواءه, قال عبد الساتر، أن المشكلة تكمن في أنه لم يعد هناك منظومة للدول العربية , لافتا الى أن الدول الخليجية أصبحت برمتها قابعة تحت تأثير السعودية إلا عدد قليل جدا، لكنه في هذه الخطوة الأخيرة، أيضا تنازل وأيدّ ما ذهبت اليه السعودية وتحديدا سلطنة عمان التي كانت دائما مواقفها متميزة في هذا الإطار .

وأضاف عبد الساتر، ليس هناك مجموعة للدول العربية الآن، فليبيا وسوريا غائبتان، ولبنان ممتنع، والعراق تحفّظ، فيما بقيت السودان والأردن والدول الخليجية تحت تأثير السعودية، لأن هؤلاء يدركون تماما أنه بمجرد قطع التمويل من السعودية، ربما سيلحق بهم الكثير من الأذى على المستوى الإقتصادي, معتبرا أن هذه المواقف هي مشتراة سلفا ومسبقا من قبل السعودية، لأن مثل هذه الدول لم يعد لديها القابلية والقدرة على البقاء بعيدا عن التمويل السعودي , ومتسائلا هل سيبقى التمويل السعودي قائما الى ما لا حدود له ؟ فالأمور لن تستقم على ما أرادته السعودية وسوف نواجه الكثير من المتغيرات في الأيام القادمة.

"الاسرائيلي" هو الرابح من قطع العلاقات الايرانية العربية
وحول من هو المتضرر أكثر من قطع العلاقات ،رأى عبد الساتر أن أي نوع من أنواع المواجهة  أو الإجراءات، فإن الجميع سيتضرر ولكن بدرجات متفاوتة، معتبرا أن ايران ربما لن تتضرر مثلما ستتضرر به الدول الأخرى لأنها دولة قوية ولها موارد, مشددا على أن هذا لا يعني أن ايران لا يهمها مثل هذا الأمر.

وتابع عبد الساتر نحن ندرك تماما أن هذه الدول متجاورة، وإيران لا تريد علاقات متوترة مع دول الجوار، إلا اذا كانت ردا اجرائيا على ما تقوم به بعض هذه الدول من اشعال الكثير من الأزمات والمشكلات, مشددا على أنه في النهاية الجميع سيتضرر من بقاء هذه الأمور على ما هي عليه، فيما سيكون الرابح الوحيد العدو الإسرائيلي الذي تعمل لصالحه الكثير من الدول وعلى رأسها السعودية التي تقاطعت مصالحها مع مصالح الصهيوني في هذه الفترة بشكل واضح.

المواجهة مستبعدة لان الكل يحتاج لايران
وردا على سؤال الى أين ستذهب الأمور بعد الموقف الذي صدر عن الجامعة العربية , أكد عبد الساتر أن الأمور لن تذهب الى المواجهة المكشوفة ولن تتبنى الدول العربية مواجهة ما، بل ستذهب الى مجلس الأمن عبر الأمين العام للجامعة العربية، وربما تحرز شيئا ما على مستوى مجلس الأمن الدولي، أو على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة، بدلا من أن يكون هناك قرار ادانة لإيران وتحميلها مسؤولية عما حدث في موضوع السفارة السعودية في طهران .

وتابع عبد الساتر، أن هذا الأمر قامت به ايران استباقيا فهي أرسلت رسالة الى الأمم المتحدة بمثابة اعتذار وهي تقوم بمحاكمة الذين ارتكبوا مثل هذا الإعتداء , لافتا الى أنه ربما يكون هناك من المعتدين من هو مخترق ومندفع على المستوى الشخصي، أو ربما يكون مرتبط بدوائر معينة , مشيرا الى أن هذا الأمر سيكشفه التحقيق الذي تجريه السلطات الإيرانية .

وأضاف عبد الساتر، ان مجلس الأمن لن يكون متهورا في اصدار قرارات من شأنها أن تعمق الأزمة، وبالتالي فالجميع يحتاج الى ايران في هذه الآونة تحديدا في الكثير من الملفات السياسية التي تدور في المنطقة , معتبرا أنه اذا صدر أي تصعيد من مجلس الأمن فهذا سينعكس بالضرورة على تسويات مرتقبة بشأن الملف النووي اليمني أو السوري أو غيرها من الملفات الأخرى.

إشادة للموقف اللبناني وانتقاد للموقف العراقي
وأشاد عبد الساتر بالموقف اللبناني المعبر عن وحدة البنانيين، وعن نظرة الحكومة اللبنانية، بغض النظر عن الشرح الذي قاله رئيس الخارجية جبران باسيل وعن استنكاره للإعتداء الذي قال بأنه مستنكر أيضا من قبل الإيرانيين , موضحا أن باسيل يذهب الى ما تعودت عليه الحكومة اللبنانية في كثير من المواقف المشابهة وهذا في مصلحة لبنان واللبنانيين .

 كما أعرب عبد الساتر عن استغرابه من الموقف العراقي  , مشيرا الى أنه على الرغم مما يعتري العراق من كثير من المشكلات وعلى الرغم من التبرير الذي قام بشرحه وزير الخارجية العراقي الدكتور ابراهيم الجعفري الا أن التحفظ لم يكن هو المطلوب في مثل هذه الحالة ولكن ربما يكون للعراق مصالح وأمور معينة هو أكثر علما بها .

قرارات الجامعة العربية الاخير غير ناجز
ولفت عبد الساتر الى أنه بحسب ميثاق جامعة الدول العربية إن أي قرار يمكن أن يصدر عن الجامعة لا يمكن أن يكون الإ بالإجماع الكامل وبالتالي اذا اعترضت أو امتنعت دولة واحدة لن يصبح هذا القرار ناجزا ولن يستطيع أحد أن يقول أن هذا القرار صادر عن جامعة الدول العربية , معتبرا أن الذي حصل هو في طور من الأطوار بمثابة بيان أو رسالة من جامعة الدول العربية أكثر منه قرار صادر عن جامعة الدول العربية .

وحول مدى استمرار السعودية بسياسة حافة الهاوية , لفت عبد الساتر الى أن السعودية تعتمد سياسة الهاوية نفسها , متساءلا من سينقذ السعودية من هذه الهاوية التي أصبحت في قلبها , معتبرا أن المطلوب الآن أن يُدلى حبل النجاة للسعودية حتى تنقذ نفسها مما أدخلت نفسها فيه في كثير من التسويات وهذا الأمر لا يمكن أن يكون الإ بمراجعة المواقف والكف عن ارتكاب مثل هذه الأخطاء والإرتكابات الكبيرة على مستوى السياسي فإذا لم يقتنع السعوديون بأنهم على خطأ فيما يفعلونه في كثير من القضايا في المنطقة فإستحالة أن يخرج السعوديون من هذه الهاوية. 
 
 
https://taghribnews.com/vdcdkj0x5yt0ff6.422y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز