بقيت أيام معدودة ويظلنا شهر كريم عظيم، شهر الصيام والقيام والقرآن، شهر الرحمات والغفران، شهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النيران. ولا عجب فرمضان شهر كريم وهذا دأب الكرام.
شارک :
وكالة انباء التقريب (تنا) : "عن رسول الله (ص) قال: "أتاكم رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فينزل الرحمة ويحط الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرُم فيه رحمة الله عز وجل". بقيت أيام معدودة ويظلنا شهر كريم عظيم، شهر الصيام والقيام والقرآن، شهر الرحمات والغفران، شهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النيران. ولا عجب فرمضان شهر كريم وهذا دأب الكرام. وقد كان رسولنا الحبيب (ص) يشتاق إليه وينتظره ويدعو الله تعالى أن يمد في عمره حتى يبلغه، وكان يبشر الصحابة الكرام بقدومه، ويشجعهم على التنافس فيه حتى يكونوا من الذين يتباهى بهم رب العزة وتحتفي بهم الملائكة في السماوات العلا. ويتجدد رمضان ومعه تتجدد الدعوة إلى كل مسلم بالجد والاجتهاد حتى يكون من الذين صلوا وصاموا وتعبوا وقاموا، وعرفوا لرمضان جوهر حكمه وأسراره، فخلصت نياتهم وزكت أنفسهم وصفت أرواحهم فنالوا رحمة ومغفرة ورضواناً من الله عز وجل، وأولئك هم الفائزون. * رمضان فرصة.. فاغتنم رمضان فرصة للغافل أن يتذكر، وللجاهل أن يتعلم، وللعاصي أن يتوب، وللمؤمن أن يتعرض لنفحاته الإيمانية، فيشد من مئزره ويشمر إلى الله الطاعات والقربات. "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلّقت أبواب النار، وصفدت الشياطين". فيا من تكالبت عليه ظلمة المعصية، وحرم لذة المناجاة، وحلاوة الدعاء، وطعم القرب من مولاه، لا تحرم نفسك في هذا الشهر من لذة الاستغفار في الأسحار وأنس التضرع في الليل، ودمعة خاشعة في النهار. فالمؤمن يجدُّ في العبادة ويطلب من خالقه الغفران، والمذنب يلح بين يدي ربه ويبكي تائباً نادماً على ما فرط فيه وأسرف في العصيان. إن الحسنة في رمضان عظيمة ولها أثرها البالغ في القلب، فتشرح الصدر وتقوي الجسد، وتبيض الوجه وتنور الفؤاد، وتصفي النفس، ولها أثر واضح في المجتمع، فتقوي الرواط بين الناس، وتجعل المحبة شعارهم، والتقوى دليلهم والبركات، والإيمان زادهم. * مواسم الحسنات عندما يقبل شهر رمضان بإشراقاته الندية ونفحاته المباركة، يتعين على كل مسلم أن يقبل على الله تعالى بنية صالحة مخلصة وعزيمة قوية صادقة، وأن يفتح مع ربه صفحة جديدة بالتوبة من الذنوب والمعاصي، ويجدد النية لصيام شهر رمضان، إيماناً واحتساباً لوجه الله الكريم. وليعلم أن من علامات قبول التوبة في رمضان، الندم الذي يجرد الإنسان من ثوب العصيان، والعزم الذي يدفعه إلى حب الرحمن، والإصرار الذي يقربه إلى فعل الإحسان والمجاهدة، التي تحرره من كيد الشيطان، والاجتهاد في العمل الصالح الذي يعمر قلبه بالإيمان. على الصائم أن يجعل سفينته في رمضان تقوى الله، وعدته التوكل على الله، وزاده الإحسان والإيمان. فمن أجمل ما يزين الصائم صيامه تلاوة القرآن الكريم، خاصة ونحن نعلم أن رسول الله (ص) كان يأتيه جبريل في رمضان، فيدارسه القرآن. وإن سعة الدنيا وسعة الرزق، ونور القلب ونور الوجه، من الحسنات التي نجمعها في رمضان فمن قام في ظلمة الليل نوّر الله وجهه بنور الإيمان، فإننا نلمح النور في قسمات وجوه القائمين في رمضان، أما الفساق فظلمة الذنوب قد سودت وجوههم، كما أظلمت الآثام نفوسهم وقلوبهمن فعلينا بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين من قَبلنا، ومقربة لنا عند ربنا، ومطردة للداء من الجسد، كما قال رسولنا الكريم (ص). الصدقة في رمضان دواء للجسد، وتطهير للقلب، وانشراح للصدر، وزيادة في المال، ترضي الرحمن، وتطفئ غضب الرب، فتغفر الذنوب، وتيسر الأمور، وتكثر من الحسنات، وتقي عذاب النار، كما أنها تقي مصارع وميتة السوء. قال ابن القيم رحمه الله: إن للصدقة تأثيراً عجيباً في دفع البلاء، ولو كانت من فاجر ظالم، بل من كافر، فإن الله تعالى يدفع بها أنواعاً من البلاء، وهذا معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه. وهكذا فإن شهر رمضان موسم ربح عظيم لا يضيعه إلاّ خاسر، ولا يقعد عن المنافسة فيه إلاّ خائر، ولا يحرم فضله إلاّ شقي. وهذه العظمة وتلك البركة يجب أن تُشدَّ إليهما الرحال، وأن ترتب لهما الظروف والأحوال، وأن تعدّ لهما العدة وأن تشحذ لهما الهمة. فإن الله تعالى جعل لنا محطات في حياتنا لتتزود فيها القلوب بالإيمان، حتى يقوى الجسد على القيام بالعبادات بقية شهور السنة. ومن أعظم هذه المحطات شهر رمضان، الذي تُفتح في أول يوم من أيامه أبواب الجنة، ولا يغلق منها باب، وتغلق أبواب جهنم ولا يفتح منها باب، وتصفد الشياطين، وتنزل البشائر والرحمات، فينادي منادٍ يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر اقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة من ليالي رمضان. اللهم تقبل منا صيام رمضان، واعتق رقابنا من النيران، وأدخلنا الجنة من باب الريان، وبلّغنا أعلى درجات الجنان.