سرّ فشل معظم عمليات الإذلال التي تُمارس بحقّ أمتنا، هو ان "كل داعية لإحياء الأمة قديمًا وحديثًا، يشكل درسًا لأمتنا في الاستنهاض، وكل شهيد في هذه الأمة يدخل دمه في شرايين المسلمين ليحركهم نحو استعادة عزّتهم وكرامتهم".
شارک :
معسكر الاستكبار العالمي يهمّه جدًا أن يبقى العالم الإسلامي قابعًا تحت هيمنته؛ محاولا عبر إقامة القواعد العسكرية في بلاد المسلمين وتنصيب الرؤوس العميلة الخاضعة له، وتسليط جيوش الغزو الثقافي عليه، أن يعمّق شعور الأمة بالهزيمة أمام الطغاة العتاة المتجبرين.
ويتضاعف ذلك الاهتمام من هذا المعسكر تجاه كل ظاهرة عزّة وكرامة بين أمتنا.. من هنا فإن الصحوة الإسلامية في أية بقعة ظهرت توجّه إليها سهام العدوان بشكل مكثف، كي يعيدوا النهضة إلى ركود وسبات - هذه هي محاولاتهم طبعًا، وهل نجحوا في هذا المسعى؟، الظواهر المشهودة في الساحة لا توحي بهذا النجاح، فالاخفاق تلو الاخفاق يلاحقهم خاصة على مستوى الشعوب، حتى الشعوب التي شاء الحاكمون فيها أن يتقبلوا الإذلال.
لكن هذا الفشل لا يثنيهم عن ممارسة عملية الاذلال في كل فرصة تتاح لهم. ونقف عند ظاهرتين شهدناها أخيرًا؛ الأولى في قطر والثانية في فلسطين.
في مونديال قطر تصرف الفريق الألماني بأسلوب يمثل عنجهية الغرب واستهانته بالقيم الإسلامية بل الإنسانية. فقد صدرت منه حركات تدل على عدم احترامهم للبلد المضيّف واستهانتهم بمقدسات الشعب القطري بل بالشعوب الإسلامية المشاركة في هذا المهرجان الرياضي. لقد تحركوا بشكل فجّ وقح هُم والوزير الذي رافقهم للاعتراض على حظر (المثلية) نعم المثلية في قطر.
إنه ليس اعتراضًا على قطر فحسب، وليس استهانة بثقافة الشعب القطري فحسب، بل هو اعتراض على القيم الإسلامية الإنسانية التي يؤمن بها المسلمون، بل التي يؤمن بها كل من يحمل اسم (الإنسان).. (الإنسان).. على ظهر الأرض.
أية دناءة هذه التي سقط فيها الغرب، وأية وقاحة في محاولته فرض هذه الدناءة على شعوب العالم!!!
ومن المضحك المبكي أن هؤلاء المنحطين يتباكون على حقوق الإنسان، ويتظاهرون بالدفاع عن الحرية والديمقراطية وهم يسحقون الإنسان والإنسانية بهذا الدمار الثقافي والعسكري الذي يمارسونه على الساحة البشرية.
الظاهرة الأخرى إعدام الشهيد عماد مفلح في أرض فلسطين.. بدم بارد، وإطلاق النار عليه من مسافة الصفر؛ "عماد" رضوان الله تعالى عليه أراد أن يتخلّص من جنود الاحتلال الصهيوني الذين انقضوا عليه، فأطلقوا عليه النار وأردوه شهيدًا يشكو إلى الله ما ينزل يوميًا بشعبه من ظلم واستباحة وإذلال.
ظاهرة إذلال الأمة يمارسها الطغاة في فلسطين وغير فلسطين من أصقاع العالم الإسلامي، محاولين بذلك قتل روح العزّة في النفوس.. لأن العزّة هي الحياة والإسلام دين الحياة ودين النور وأعداء الأمة ظلاميون مولعون بممارسة كل ما وسعهم من أجل فرض حالة الذل على أمتنا. لقد مارسوها منذ أن دنّست أقدامهم بلاد المسلمين. مارسوها عسكريًا وثقافيًا وإعلاميًا في أفريقيا وفي آسيا وركزوا هذه الممارسة في غرب آسيا، وزرعوا الغدة السرطانية لتحقيق هذا الهدف.. الإذلال.
لكن هذه الأمة تقاوم هذه الممارسات بدافع من كتابها العزيز الذي يدعو إلى العزّة ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ وبدافع من سيرة نبيها والسائرين على طريق الرسالة من الشهداء والصديقين والصالحين.
كل داعية لإحياء الأمة قديمًا وحديثًا يشكل درسًا لأمتنا في الاستنهاض، وكل شهيد في هذه الأمة يدخل دمه في شرايين المسلمين ليحركهم نحو استعادة عزّتهم وكرامتهم. وهذا هو سرّ فشل معظم عمليات الإذلال التي تُمارس بحقّ أمتنا ﴿ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية/
الشؤون الدولية