صرح رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية "آية الله سيد إبراهيم رئيسي"، أن معاداة الإسلام والفصل العنصري الثقافي لا يليق بالإنسان المعاصر، وأكد أن العالم يمر بمرحلة انتقالية لا رجعة فيها إلى نظام دولي ناشئ وان مشروع أمركة العالم قد باء بالفشل.
شارک :
وقال "رئيسي" في كلمته خلال اجتماع الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء : تبدأ الدورة الجديدة للجمعية العامة بينما يشهد العالم تغيرات غير مسبوقة وصانعة للتاريخ.
ادانة حرق القرآن الكريم
وأضاف: إن ما يضمن المستقبل المشرق للبشرية هو الاهتمام بالقيم السامية التي تقود الإنسان إلى الكمال والكرامة، وما أفضل من كلام الله تعالى في تعريف الإنسانية والقيم التي تسمو بالإنسان.
وأشار إلى تعاليم القرآن الكريم باعتباره الكتاب الذي جاء به خاتم الأنبياء (ص) ، وإدانة العمل المهين المتمثل في حرق القرآن الكريم، وقال: لقد نهى القرآن الكريم عن إهانة الأفكار والمعتقدات، واعتبر احترام الأديان احتراما لوجود رسول الله محمد (ص).
وأضاف آية الله رئيسي: هذه ليست المرة الأولى التي يحرقون فيها كلام الله ويتصورون بانهم قطعوا صوت الملكوت إلى الأبد، لكن تعاليم القرآن للمجتمعات البشرية لن تحترق أبدا، وان نيران الاساءة والتحريف لن تكون ندا للحقيقة.
وذكر أن معاداة الإسلام والفصل العنصري الثقافي بأشكاله المختلفة، مثل حرق القرآن ومنع الحجاب في المدارس وعشرات اشكال التمييز المخزية الاخرى لا تليق بالانسان المعاصر، وقال: هنالك مخطط اكبر وراء اثارة الكراهية هذه، وان ربطه بحرية التعبير امر مضلل.
الغرب يرى العالم غابة فيما يرى نفسه حديقة جميلة
وبين أن القرآن يعتبر الإنسان خليفة الله في الأرض وأن الرجل والمرأة متكاملان ومتساويان أمام الله رغم اختلافاتهما الطبيعية، ويدافع عن خصوصية الأسرة، وقال: الغرب الذي يواجه الآن أزمة هوية وظيفية، يرى العالم غابة فيما يرى نفسه حديقة جميلة!.
وأضاف آية الله رئيسي: بعض التيارات الشريرة ولكن القوية ترى الحل في خلق الأزمة وصنع الأعداء، وهذا الفصل العنصري الثقافي استهدف المجتمع المسلم، وخاصة المهاجرين. نحن نؤمن بأن احترام الأديان السماوية يجب أن يكون ضمن جداول أعمال النظام الدولي، وعلى الأمم المتحدة أن تضمن احترام الأديان السماوية من خلال وضع آلية لذلك.
وتابع: نطلب من كافة زعماء العالم وقادة الأديان السماوية القيام بواجبهم التاريخي في دعم الموقف الأصيل لمفهوم الأسرة ومواجهة الروايات الكاذبة. ونتوقع من الأمم المتحدة أن تضع احترام المكانة النبيلة للأسرة على رأس جدول أعمالها.
وقال رئيس الجمهورية: إن الوفاء بالوعد والعهد والصدق والأمانة والنزاهة في المعاملات وخدمة المحرومين ومحاربة الفقر والفساد الاخلاقي والظلم والتمييز هي مضامين القرآن الكريم.
وذكر آية الله رئيسي أننا نشهد اليوم، إلى جانب الحرب على الإسلام، حربًا ضد نظام الأسرة، واضاف: الأسرة هي المؤسسة الإنسانية الأكثر طبيعية التي تتعرض للتهديد اليوم، والهجوم على هذا الملجأ البشري الطبيعي هو أمر خطير وجريمة ضد الإنسانية. أريد أن تنظر الأمم المتحدة في احترام الأسرة وحماية خصوصية الأسرة والزواج باعتباره واقعا عالميا ينبغي أن يصبح جدول أعمال مشتركا للعالم.
العالم في مرحلة التغيير
وقال: أن العالم الان في مرحلة التغيير والانتقال إلى نظام دولي ناشئ، وهذا المسار لا رجعة فيه. إن معادلة الهيمنة الغربية لم تعد مناسبة للعالم، وتمت ازاحة النظام الليبرالي القديم الذي كان يخدم مصالح المهيمنين والرأسماليين الجشعين.
وأكد قائلا: ان مشروع أمركة العالم باء بالفشل، والشعب الايراني يفتخر بأنه لعب، بمساعدة ثورته الإسلامية، الدور الأكبر والتنوير في إزالة القناع عن وجوه قوى الهيمنة في الشرق والغرب.
وأضاف آية الله رئيسي أن إيران تعتقد أنه لا ينبغي خلق شرق وغرب جديدين. لقد سجلت إيران فصلا جديدا من العلاقات المفيدة مع الدول المجاورة وسياسة الجوار التي تنتهجها الجمهورية الإسلامية هي سياسة تعود بالخير للمنطقة. إننا نعتبر أمن جيراننا بمثابة أمننا ونصافح بحرارة أي يد تمتد من أجل الصداقة.
وقال: ان الشعب الإيراني يفتخر بأنه، بمساعدة ثورته الإسلامية المجيدة، قدم أكبر قدر من التنوير في إزالة القناع عن وجوه قوى الهيمنة في الشرق والغرب، ولعب مع شعوب غرب آسيا الأخرى دوراً حاسما في إفشال نظام الهيمنة.
واضاف: الآن بعد أن تزايدت مقاومة وصحوة شعوب العالم أكثر من أي وقت مضى، وبرزت قوى ناشئة، فمن المؤمل أن يحكم العالم نظام جديد وعادل، والأمر الأساسي بالنسبة للنظام الدولي الجديد يتلخص في التخلي عن الهيمنة العالمية واستبدالها بالأنظمة والتعاون الإقليميين.
واكد ان جمهورية إيران الإسلامية تدعم أقصى قدر من التقارب الاقتصادي والسياسي داخل المناطق وفيما بينها، وهي مهتمة بالتفاعل مع العالم أجمع على أساس العدالة واضاف: الآن، وقد اتخذت دول العالم المستقلة خطوات نحو مزيد من التعاون والتقارب، نشهد مساعي بعض القوى لإشعال نار الصراع في مناطق مختلفة. وبعقلية الحرب الباردة، فإنهم يسعون إلى عرقلة العالم مرة أخرى. وهذه الحركة رجعية وتضر بأمن ورفاهية الشعوب.
واكد رئيسي ان جمهورية إيران الإسلامية تعتقد اعتقادا راسخا أنه لا ينبغي السماح بنشوء شرق وغرب جديدين.
السلسلة الشريرة
واضاف: إن زعزعة امن الممرات التجارية، وخفض مستوى الدول من حلفاء إلى دول تابعة، وإعاقة النمو الاقتصادي للدول المستقلة، وخلق حروب بالوكالة في آسيا وأوروبا، هي جزء من هذه السلسلة الشريرة. والمفارقة في القضية أن هذه الإجراءات تقترح باسم الدفاع عن الديمقراطية؛ لكن العالم كله، بما في ذلك شعوبنا، لمست المعنى الحقيقي للديمقراطية الغربية في غرب آسيا، وتعرف أنها مجرد كلمة السر للانقلاب والاحتلال والحرب.
وقال: إن موقف العالم من مشروع ومدرسة الديمقراطية الليبرالية واضح لأنهم يعرفون أنها ليست سوى قفاز مخملي تحته يد من حديد. أما الآن فالمدرسة التي أرادت أن تكون نموذجاً للعالم أصبحت عبرة وأوشكت على نهاية مطافها.
وفي سياقٍ التطورات التي يشهدها العالم، أوضح رئيسي أنّ "هيمنة الغرب لا تتماشى اليوم مع واقع العالم المعاصر والنظام الليبرالي الذي سعى لعولمة القيم الأميركية أصبح بائداً".
الامل باقامة نظام عالمي جديد ومنصف
وأضاف أنّ "هناك أمل بإقامة نظام عالمي جديد ومنصف مع ظهور قوى جديدة"، مشيراً إلى أنّ جمهورية إيران الإسلامية تدعو إلى تحولات اقتصادية وسياسية في العالم.
وأضاف آية الله رئيسي أن إيران تعتقد أنه لا ينبغي خلق شرق وغرب جديدين: لقد سجلت إيران فصلا جديدا من العلاقات المفيدة مع الدول المجاورة وسياسة الجوار التي تنتهجها الجمهورية الإسلامية هي سياسة خيرة للمنطقة. إننا نعتبر أمن جيراننا بمثابة أمننا ونصافح بحرارة أي يد تمتد من أجل الصداقة.
لن ننسى دم الشهيد الحاج قاسم سليماني
وتابع: إن أمن بعض دول الجوار في المنطقة اليوم يعود إلى شجاعة قائد الاسلام الشهيد البطل الحاج قاسم سليماني، ولولا شجاعة هذا البطل في الحرب على الإرهاب لاحترقت مناطق كثيرة بنيران داعش ولكن هل شاهدتم صور هذه الشجاعة والبسالة والوقوف ضد الإرهاب في الإعلام وأفلام هوليوود؟!.
وأضاف رئيس الجمهورية: إن اغتيال الشهيد الحاج قاسم سليماني كان بمثابة مكافأة لداعش، والذي، بحسب المسؤولين الاميركيين، هو صنيعتهم ، وحتى انهم فرضوا مقص الرقابة على مراسم التشييع المهيبة لقائد مكافحة الإرهاب التي شارك فيها 25 مليوناً، وكانت تعبيرا عن الحزن والغضب والشعور بالانتقام لدى سكان إيران البالغ عددهم 85 مليون نسمة ضد مخططي ومرتكبي هذا العمل الإجرامي.
وتابع متسائلاً: "هل سمعتم مرة عن الذين أصيبوا بالسلاح الكيميائي الذي استخدمه صدام ضد شعبنا؟"، مردفاً أنّ "الكثير من إنجازات إيران في المنطقة جاءت من تضحيات الشهيد قاسم سليماني البطل في محاربة الارهاب".
وبيّن الرئيس الإيراني أنّ "الكثير من الدول في المنطقة كانت لتدمر بسبب إرهاب داعش التي حاربها سليماني"، مضيفاً أنّ استشهاده "كان هدية لتنظيم داعش لأنّه بدل الاعتراف ببطولاته تم اغتياله".
وفي إشارة إلى اغتيال اميركا للقائد الشهيد سليماني، قال : إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تتوقف عن استخدام كافة الوسائل والإمكانات لتحقيق العدالة ومحاكمة الضالعين والمرتكبين لإرهاب الدولة هذا حتى تحقيق النتيجة النهائية,
الاتفاق النووي
وفي جزء آخر من كلمته، وصف آية الله رئيسي انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي بأنه انتهاك واضح لمبدأ الالتزام بالاتفاق، وقال: إن الحكومة الأميركية بنقضها الصريح لاحكام قرار مجلس الامن رقم 2231 تتهرب من الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي وبهذا السلوك تكون أمريكا قد انتهجت بالفعل الخروج على القانون والغطرسة بدلا من التعاون، وهو ما يتعارض مع ادعاءاتها.
وذكر أن على أمريكا أن تثبت من خلال بناء الثقة أن لديها نوايا حسنة ولديها إرادة حقيقية للوفاء بالتزاماتها واستكمال المسار، كما حذر الأوروبيين قائلا: الأوروبيون الذين، بعد سنوات من عدم الوفاء بالتزاماتهم، ومن ضمنها الغاء الحظر ينتهكون الآن خطة العمل الشاملة المشتركة وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231، ويجب عليهم أن يفهموا أنهم سيخسرون من خلال تسريع مسار المواجهة المكلف.
واكد رئيس الجمهورية بأن الأسلحة النووية لا مكان لها في العقيدة الدفاعية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقد أثبتت تقارير الجهات الدولية المعنية وحتى أجهزة الاستخبارات الغربية مرارا وتكرارا حقيقة هذا الأمر، واضاف: ان الجمهورية الإيرانية لن تتنازل عن حق لشعبها في استخدام التكنولوجيا النووية ، وقد حان الوقت لأمريكا لإنهاء أزمة اتخاذها القرار واختيار الطريق الصحيح.
وبالحديث عن خطة العمل الشاملة المشتركة، أشار رئيس إيران أنّ "أميركا غادرت خطة العمل الشاملة المشتركة وارتكبت جريمة بحق المشهد العالمي".
وتابع أنّ "على الولايات المتحدة أن تعترف ما إذا كانت تريد خطة العمل المشتركة أم لا"، مشدداً على أنّ "الأسلحة النووية ليس لها وجود في العقيدة الإيرانية".
وشدّد على أنّ "إيران لن تتنازل عن حقها في الحصول على طاقة نووية تستخدم في الأغراض السلمية"، مفيداً بأنّ العقوبات الأميركية على إيران لم تأتِ بأي نتائج، وعلى واشنطن التوقف عن هذه العقوبات".
حالة حقوق الانسان في الغرب
كما انتقد آية الله رئيسي حالة حقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة في الغرب، وقال: هل تستطيع أمريكا، التي لديها أكبر سجن للأمهات في العالم، أن تقلق بصدق بشأن حقوق المرأة؟ حقائق مهمة عن إيران خضعت للرقابة في العالم ولم يُقال حتى الآن أي شيء عن القصف الكيماوي للشعب الإيراني، الذي أهداه بعض الأوروبيين لصدام، لكن خلال هذه الفترة كانت الصورة التي نقلت عن إيران إلى العالم نتاج قمع معلومات صحيحة ونشر معلومات خاطئة.
وأكد أن نظرتنا للمستقبل مفعمة بالأمل وأن العدالة ستصبح عالمية، وأوضح: الاحتلال والإرهاب والتطرف من أخطر التهديدات، والقضاء على الإرهابيين يعتمد على محاربة شاملة وهادفة وجذرية ضد عوامله الأساسية ومعاقبة الارهابيين في جميع أنحاء العالم دون تمييز. ولا يمكن للحكومة الوحيدة في العالم التي تعتمد على الفصل العنصري أن تكون شريكة للسلام.
وفيما يخصّ ما شهدته إيران في الفترة الأخيرة، أوضح رئيسي أنّ البلاد "تخلّصت من أسس الإرهاب واستحدثت فرصاً جديدة لمنطقة غرب آسيا".
وأضاف أنّ "أعداء إيران سعوا لفرض إراداتهم علينا لكنّ شعبنا هزم سياساتهم وانتصر"، مشيراً إلى أنّ "بعض الاجهزة الاستخباراتية تنقل المجموعات الإرهابية من منطقة إلى أخرى".
وتوجّه إلى الدول الغربية بالسؤال: "لماذا وفرتم ملاذاً آمناً لمجموعات إرهابية قتلت 17 ألفاً من الإيرانيين".
وأدان الرئيس الايراني شن الحرب في المنطقة وقال إن أي وجود أجنبي من القوقاز إلى الخليج الفارسي ليس فقط جزءا من الحل بل هو نفسه مشكلة في الاساس.
ايران تدعم اي مبادرة لانهاء الحرب في اوكرانيا
وتابع: الحرب ليست طريق الحل للقضية ولا نعتبر الحرب في أوروبا لصالح أي طرف أوروبي ونؤمن بان رفض أي خطة لوقف إطلاق النار في الحرب الأوكرانية من قبل الولايات المتحدة يظهر بان لها خطة طويلة المدى لإضعاف أوروبا.
وبناء على ذلك أكد آية الله رئيسي أن الجمهورية الإسلامية تدعم أي مبادرة لإنهاء هذه الحرب وبدء العملية السياسية وتعلن استعدادها للعب دور بناء.
ولفت الرئيس الإيراني في هذا الخصوص، إلى أنّ "بعض الدول تسعى إلى نشر الفتن في مناطق مختلفة من العالم".
واكد ان المجتمع الدولي ودول في غرب آسيا "اكتشفت اليوم حقيقة الديمقراطيات الغربية التي تسعى لإطالة أمد الحروب".
سياسة حسن الجوار
وصرح بان سياسة إيران، تقوم على اساس "حسن الجوار التي تسعى إلى زيادة التعاون الإقليمي وحظر التدخل الخارجي من القوقاز إلى الخليج الفارسي".
وشدّد على أنّ "استقرار المنطقة يصب في مصلحة جميع دولها"، مشيراً إلى أنّ ما تشهده الدول مثل سوريا وفلسطين واليمن وأفغانستان يُبين أنّ "مستقبل المنطقة سيتحسن عبر الثقة المتبادلة والتعاون".
وصرّح رئيسي بأنّ "أمن الجوار جزء من أمن إيران"، مؤكّداً أنّ أي "وجود أجنبي في المنطقة هو أصل المشكلة".
كما تابع متسائلاً: "ألم يحن الوقت لإنهاء الاحتلال لفلسطين والاعتراف بها كدولة مستقلة؟ وألم يحن الوقت لإنهاء احتلال الأراضي اللبنانية والسورية من قبل الكيان الإسرائيلي؟".
وختم رئيسي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقول: نحن نمثل المستقبل.