تساءل كبير معلقي صحيفة «يديعوت أحرونوت» الاسرائيلية ناحوم بارنيع عما إذا كان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك اتفقا وقررا مهاجمة المشروع النووي الإيراني عسكرياً. واعتبر أن هذا السؤال يشغل بال الكثيرين في المؤسسة الأمنية
شارک :
تساءل كبير معلقي صحيفة «يديعوت أحرونوت» الاسرائيلية ناحوم بارنيع عما إذا كان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه إيهود باراك اتفقا وقررا مهاجمة المشروع النووي الإيراني عسكرياً. واعتبر أن هذا السؤال يشغل بال الكثيرين في المؤسسة الأمنية والقيادات الحكومية العليا. كما أنه يقلق ايضاً حكومات أجنبية يصعب عليها ان تفهم ما يحدث هنا: فمن جهة توجد شائعات تتزايد عن فعل اسرائيلي مدبر يغير وجه الشرق الاوسط وربما يحسم مصير دولة اليهود للأجيال التالية. ومن جهة ثانية هناك غياب لأي نقاش عام على الاطلاق. فالهجوم على ايران هو الشأن الأكثر تكتماً عليه في الأجندة الاسرائيلية.
وبعد أن يعدد بارنيع الانشغالات الإسرائيلية بقضية جلعاد شاليت والحراك الاجتماعي وغلاء المعيشة وصواريخ غزة يؤكد أن هذه قضايا مهمة، لكنها ليست مصيرية. وأشار إلى أن الناس تنشغل بالأسهل فضلا عن أن المعلومات عن المشروع النووي الإيراني تقنية جداً وسرية جداً ينحصر نقاشها في دوائر صغيرة وليست جزءاً من السجال العام. ويقول إن هذا تقريبا كان شأن الهجومين الإسرائيليين على كل من المفاعل النووي العراقي والسوري واللذين نجحا لدرجة أنهما لم يثيرا احتجاج أحد لاحقاً.
وتساءل بارنيع: «هل ما نجح مرتين سينجح في المرة الثالثة؟ أجل، يقول مؤيدو العملية العسكرية؛ ولا أبداً، يقول المعارضون. فايران أمر مختلف تماماً، انها دولة من منطقة اخرى وذات نظام مختلف وثقافة مختلفة ومشروع ذري مختلف ومستوى مخاطرة مختلف».
وأشار إلى أن القيادة الامنية والسياسية الإسرائيلية تنقسم في هذا المجال إلى معسكرات أحدها يؤمن بمحدودية العملية العسكرية ومخاطرها المجنونة لأنها ستجتذب رداً صاروخياً مضاداً من إيران ولبنان وقد تنشب حرب إقليمية تجلب الخراب لإسرائيل. ويفضل هذا المعسكر الاكتفاء بالضغوط الدولية ولا يعتبر امتلاك إيران لهذا السلاح نهاية العالم.
ومعسكر آخر يقول إن إيران تحتاج إلى عامين آخرين قبل أن تتضح وجهتها النهائية وأن الإدارة الأميركية المقبلة قد تتحمل مسؤولية مهاجمة إيران أو قد تحدث أشياء أخرى خلال عامين.
وهناك معسكر ثالث تمثل بقادة الأذرع الأمنية: رئيس الاركان ورئيس الموساد ورئيس شعبة الاستخبارات ورئيس «الشاباك». عندما أُثيرت العملية العسكرية في جولة سابقة كان من تولوا هذه المناصب بالترتيب هم: غابي اشكنازي ومئير دغان وعاموس يادلين ويوفال ديسكن. وقد رفض الاربعة بشدة عملية عسكرية. وخلفهم بالترتيب، بني غانتس وتامير باردو وأفيف كوخافي ويورام كوهين. قد يكون لهذا التبديل معنى بعيد المدى، وصفقة شاليت مثال يشدّ الانتباه: فقد عارض ديسكن ودغان الصفقة؛ ومعارضتهما جعلت مواقف الحكومة متشددة؛ وأيّد كوهين وباردو؛ وتأييدهما أجاز الاتفاق.
لكن رأيهم في القضية الايرانية يلائم رأي أسلافهم: فالأربعة كلهم كما يبدو يرفضون عملية عسكرية الآن. والفرق هو في الاستعداد للنضال: فالسابقون جاءوا الى المباحثات بعد سنين نجاح، كل واحد في منظمته، متمتعين بمكانة عامة صلبة. وأوحوا تجاه الساسة بالتصميم والثقة بالنفس. والجدد أقل شهرة وأقل حزماً وأقل تبلوراً.
تقسيم العمل في اسرائيل في القرارات الأمنية واضح: المستوى السياسي يقرر والمستوى التنفيذي ينفذ. لكن المسار أكثر تعقيداً مما تعلمه دروس المدنيات: فالمستوى التنفيذي شريك مساوي القيمة في المباحثات. ولا يبدي رأيه في موضوعات في مجال مسؤوليته، فحسب بل في كل شأن يثار للنقاش. وتتلاشى خطوط الفصل بين المستويين. فرئيس الحكومة لا يستطيع اتخاذ قرار مصحوب بمخاطرة إذا عارضه وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان ورئيس الموساد ورئيس «الشاباك»، كلهم أو أكثرهم. وهو لا يتجرأ على ذلك حتى لو كان يتمتع بتأييد أكثر المجلس الوزاري المصغر. وهو يأخذ في حسابه أنه اذا فشلت العملية فقد يصل الى لجنة التحقيق عارياً مفضوحاً بلا وثائق تبرهن على انه حظي بتأييد المستوى المختص.
لهذا توجد أهمية كبرى لسؤال عن كيف يعبر المستوى المتخصص عن رأيه: هل يضرب المائدة بقبضته كما اعتاد ان يفعل مئير دغان أم يتحفظ بلطف وارتياح؟ وهل هو لاعب نشيط في مسار اتخاذ القرارات أم أنه رأس صغير في خدمة رؤسائه؟
وهذا يقود الى المعسكر الرابع: الى بنيامين نتنياهو وايهود باراك التوأمين السياميين لقضية ايران. تحدث هنا ظاهرة نادرة بمفاهيم السياسة الاسرائيلية وهي رئيس حكومة ووزير دفاع يعملان كجسم واحد لهدف واحد ودعم متبادل ومدائح متبادلة. يتم تصوير نتنياهو وباراك بأنهما يبحثان العملية. وقد صاغ نتنياهو المعادلة في بداية ولايته: فاحمدي نجاد هو هتلر؛ واذا لم يوقف في الوقت المناسب ستحدث كارثة. وهناك من يصف حماسة نتنياهو في هذا الشأن بأنها وسواس فقد حلم طوال حياته بأن يكون ونستون تشرشل، وإيران تعطيه فرصة. ان الشعبية التي حظي بها على أثر صفقة شاليت لم تهدئ نفسه بل بالعكس منحته شعوراً بالقوة.
لا يستعمل باراك تلك النعوت، لكنه يحثّ على عملية عسكرية: فهو على يقين من انه كما احبطت اسرائيل مشروعات ذرية في الماضي فإنه يجب عليها ان تحبط هذا المشروع. هذه هي الاستراتيجية وهذا هو التراث. يوجد بين الوزراء من يشكون في ان بواعث باراك شخصية: فليس له حزب وليس له ناخبون. والهجوم على ايران سيكون الانفجار الكبير الذي يُمكّن نتنياهو من ادخاله في العشرة المتقدمين من الليكود في الانتخابات المقبلة. وهكذا يستطيع الاستمرار في ولاية وزارة الدفاع. يبدو هذا الشك مبالغاً فيه في ظاهر الأمر، وباراك غير محتاج الى آية الله خامنئي للانضمام الى الليكود بل يستطيع عضو الكنيست شالوم سمحون أن يرتب هذا الأمر بطرق سلمية.
الآن خاصة والشعور في العالم ان تقدم الايـــرانيين تباطأ، تتحدث الشائعات عن ضغـــط للعملية. ان احدى القضايا هي حالة الطـــقس: فالشتاء يقترب وللشتاء قيود. وينــظر آخـــرون الى الأمام: يقـــولون إنه بعـد الشــتاء يأتي الربيع وبعده الصيف.