لماذا تم انتخاب “السنوار” رئيسا للمكتب السياسي لحماس؟
تنـا
ان اختيار يحي السنوار قائدا لحماس بعد الشهيد هنية، له دلالات مهمة في تماسك القرار في قيادة حماس، واهمها ان القيادة السياسية والميدانية متماسكة وان هدفها واحد وقرارها واحد وان ما يشاع عن تفتت تلك القيادة او تصدعها هو ما دحضه قرار انتخاب السنوار بالأجماع.
شارک :
المرحلة التي تعيشها حماس بعد استشهاد هنية تستوجب قائد يستطيع ان يكون بين قيادة الميدان “عسكريا” وقيادة الدفة السياسية ويكون على قدر من المعرفة التامة بقوة حماس من حيث العدد والعدة ويستطيع ان يتوقع مقدار القوة التي تمتلكها حماس في السبيلين الاول السياسي وثانيا مقدار الزخم الذي يجب ان تحققه القيادة في الميدان من ناحية وادامة المباحثات ” المزعومة ” لوقف اطلاق النار في غزة من ناحية اخرى.
لقد تابعنا لئم ومراوغة العدو ورئيس وزراء تل ابيب، حيث انه يرمي بحمى اسلحته ويدعي ان وفدا من الصهاينة يذهب للمباحثات لأنهاء مأساة غزة واهلها لذا يجب ان يستخدم مع هذا العدو السياسة الحازمة التي تخلط بين ميدان المعركة وميدان السياسة لأنه من الضروري ان نغلق على نتنياهو باب التبجح في ايجاد فرص للسلام وبين اجباره على الرضوخ والجلوس الى طاولة المباحثات في مستقبل غزة وان قرار سياسي سيكون مرهون بقناعات “ابو ابراهيم” لأنه مع رجاله هو من يستطيع ان يحدد أطر النصر وتحرير الارض.
ومن الضروري ان نعلم ان المرحلة التي تعيشها حماس هي من اصعب المراحل في تاريخها السياسي والنضالي منذ تأسيسها في عام ١٩٨٧، وذلك لان حماس اليوم مكشوفة الظهر بعد ان تجرد العرب “الا من رحم ربي” من الوقوف معها في حربها المقدسة ضد الكيان المحتل ، وكما هو معلوم لم يكن الوضع العربي في مرحلة قبل عام ١٩٩٠ بهذا السوء ولم يكن لدى الكيان المحتل قاعدة علاقات عربية (المطبعين) كما نشهده اليوم بل كان الشعب العربي معبأ للوقوف مع فلسطين في كل شاردة وواردة، اما اليوم فأننا قد شاهدنا ومنذ عشرة اشهر اننا امام حالة فريدة من تفكك القرار العربي ولاحظنا ان العرب كقادة قد تخلوا عن فلسطين الا من تبقى منهم على موقفه المشرف مع القضية الفلسطينية، فتساقطت الاقنعة وتسابق القوم الى تشويه انتصارات حرب غزة في طوفانها المبارك واصبح الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي تعج بذباب بعض الحكام الكترونية للتشكيك في اهداف ونوابا قادة المقاومة ، واصبحت امة العرب منقسمة على نفسها بين صامته كصمت اهل الكهف واخرى معارضة لهذا النصر وثلة قليلة تمسك على الجمر لتكون في فلك طوفان الاقصى.
وعليه فان اختيار قائد ميداني لحماس ليجمع بين رئاستها السياسية والميدانية امر مهم جدا في تجاوز اي امر قد يحيل بينها وبين اتخاذ القرارات المصيرية المهة.
ان اختيار يحي السنوار قائدا لحماس بعد الشهيد هنية له ايضا دلالات مهمة في تماسك القرار في قيادة حماس، واهمها ان القيادة السياسية والميدانية متماسكة وان هدفها واحد وقرارها واحد وان ما يشاع عن تفتت تلك القيادة او تصدعها هو ما دحضه قرار انتخاب السنوار بالأجماع.
نحن نعلم ان قادة حماس لم تهمهم كراسي الزعامة وان همهم الاول والاخير تحرير ارضهم والنضال من اجل الوصول الى هدفهم السامي في الخلاص من هذا الاحتلال ، وجميع قادة حماس منذ تأسيسها كان هدفهم النصر او الشهادة او كلاهما وقد نال من تزعم هذه الحركة كلا الحسنيين.
وربما يسال من يسال كيف سيقود السنوار قيادة حماس نحو المفاوضات والتفاوض وهو يقود ميدان المعركة بعيدا عن قاعات الاجتماع، ونسي من نسي ان لحماس مكتب سياسي مكون من قادة لهم باع كبير في فن التفاوض وان اي مفاوضات كان يجريها المكتب السياسي مع اي مبادرة لم يكن الشهيد اسماعيل هنية هو صاحب القرار الوحيد فيها بل كان لا يوافق على اي قرار او مبادرة مالم يمرر على قيادة الميدان في غزة وعلى اعضاء المكتب السياسي، وهذا هو نظام قيادة المقاومة في غزة، فجميع قادتها كانوا قادة ميدانين منذ تم تأسيسها فلم يكن الشهيد احمد ياسين خارج غزة وهو يقودها او من خلفه من القادة في حماس.
نحن واثقون ان المقاومة في غزة تستطيع ان تفاوض وتقاتل في ذات الوقت؛ وبغض النظر عن كل ما يجري فأننا لاحظنا ان العدو ليس جادا في اي مفاوضات وانه ماض في تحقيق اهدافه في ابادة الشعب الفلسطيني وكان يعتقد ان استشهاد اسماعيل هنية او اي قائد من قادة المقاومة سيفسح له المجال لتحقيق مأربه ونسي ونسى ان قادة حماس متوارثين الشهادة وانهم ماضين واحد تلو الاخر نحو نصر مبين او شهادة في سبيل ارضهم ولا يخفى علينا اننا امام قيادة تهيأ قادة لتستمر في نضالها ولسنا امام قيادة تحافظ على كرسي قادتها، وهذا هو ديدنهم وهو طريقهم الى النصر بعون الله.
والله المستعان
انتهى
_____________________________
* كاتب وباحث عراقي