تاريخ النشر2025 26 February ساعة 15:46
رقم : 669000
وقفة عند تشييع سيّد المقاومة؛

حديث التقريب.. علوّ في الحياة وفي الممات

تنـا - خاص
التشييع أظهر أن نصر الله قد تحوّل بعد استشهاده إلى شخصية لا يمكن أن تُمحى عبر التاريخ. فهو قد غاب عنّا بجسمه لكن مدرسته في المقاومة والصمود ستبقى مادام الظالمون مصرين على سحق الكرامات والاستهانة بالحرمات.
حديث التقريب.. علوّ في الحياة وفي الممات
شُيّع السيد حسن نصر الله إلى مثواه الأخير في ظاهرة قلّ أن نجد لها نظيرًا في التاريخ: في جماهيريتها.. وفي تنوعها وفي معنويات المشيعين فيها.

لقد تدفّقت الجماهير على محل انطلاق التشيع زرافات ووحدانا ليكتضّ الملعب الكبير واطرافه بالناس وسط حالة من الحزن والعزم والإرادة، وكان الحضور النسائي لافتًا مع أطفالهنّ، والتنظيم والتنسيق مدهشًا مع كلّ ذلك الازدحام والحضور الجماهيري.

نقلت لنا وسائل الاعلام صورًا من المحتشدين بمئات الآلاف رغم برودة الجوّ، قاطعين مسافات طويلة للوصول إلى مكان الاجتماع.

لقد أظهر حزب الله مقدرة فائقة في تنظيم مكان المشيعين وكان ذلك مثار إعجاب المتابعين في العالم.

والتنوع في المشيعين كان يحكي عن شخصية السيد حسن نصر الله في استيعابها لكل أطياف المجتمع اللبناني والعالمي، فلقد كان حضور علماء أهل السنّة كبيرًا، وهكذا الحضور المسيحي برجال الدين وبعامة الأطياف المسيحية بارزًا، إضافة الى حضور الاحزاب والتيارات السياسية بمختلف اتجاهاتها اللبنانية والعالمية.

لقد شارك في التشيع ممثلون عن أكثر من ستين بلدًا، وكان للجمهورية الإسلامية مشاركة على مستوى رئيس مجلس الشورى و وزير الخارجية.

على الرغم من الصعوبات التي واجهت هبوط الطيران الإيراني أخيرًا في مطار بيروت، وعلى الرغم من التهديدات الاسرائيلية اتجهت طائرتان ايرانيتان تُقل الأولى وزير الخارجية والوفد المرافق له، والثانية حملت على ظهرها رئيس مجلس الشورى الإسلامي والوفد المرافق له، متجاوزين التحديات والتهديدات الصهيونية.

ولابد من أن نذكر المعنويات التي بدت بجلاء على المشيعين فهم منذ وصولهم إلى مكان التشييع ثم إلى مكان مرقد السيد الشهيد كانوا في حماس شديد رغم الحزن في ذلك المشهد. لقد كانوا يكررون مرارًا إن حزننا ليس حزن انكسار وإنما هو حزن شحن الهمم والعزائم لمواصلة طريق نصر الله، كانوا طول هذه الساعات الطوال لا يكلّون ولا يملّون من تريد شعارات تأييد المقاومة والسير على نهجها كما كان الهتاف الأبرز هو هيهات منّا الذلّة.

التشييع أظهر أن نصر الله قد تحوّل بعد استشهاده إلى شخصية لا يمكن أن تُمحى عبر التاريخ. فهو قد غاب عنّا بجسمه لكن مدرسته في المقاومة والصمود ستبقى مادام الظالمون مصرين على سحق الكرامات والاستهانة بالحرمات.

العدو الاسرائيلي أمام هذه الظاهرة المدهشة من الصمود والتحدي والمعنويات الكبيرة في المشيعين أراد أن يكسر هذه الظاهرة، وحاول أن يمارس ارهابه وتخويفه في مشهد التشييع، فأرسل سربين من مقاتلاته لتحلق في ارتفاع منخفض فوق منطقة التشييع، لكن محاولته هذه باءت بالفشل أمام تصاعد أصوات الجماهير بالهتاف: الموت لإسرائيل!

ظاهرة مدهشة هي من نتاج مدرسة السيد حسن نصر الله التي انطلقت من القرآن الكريم لتقدم النموذج الأمثل للأمة التي تخشى الله ولا تخشى أحدًا سواه: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ، إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾.

يبدو أن العدوّ الصهيوني يحتاج إلى مزيد من الدروس كي يعلم بأن المقاومة وشعبها لا يمكن أن ترهبهم جيوش الظالمين حتى ولو جمعوا لهم.
سيبقى نصر الله حيًا وستبقى المقاومة حية مادام الظالمون المغتصبون يمارسون عدوانهم، ومادامت الوحوش تحاول أن تنهش في جسد الأمة الإسلامية. والنصر النهائي قريب بإذن الله تعالى.

المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
الشؤون الدولية 


انتهى 
 
https://taghribnews.com/vdcawoniw49niw1.zkk4.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز