40 باحثا يدعون لتكوين هيئة لبناء اتحاد اقتصادي إسلامي
تنا
دعا نحو 40 عالما وباحثا في الاقتصاد والتمويل الإسلامي، من 17 دولة، في ختام فعاليات المؤتمر الدولي الرابع للأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقتصاد الإسلامي (إيفي)، إلى تكوين هيئة عالمية لبناء اتحاد اقتصادي إسلامي، يهدف إلى تحرير الدول الإسلامية من أسر التبعية الاقتصادية.
شارک :
وقال المشاركون في الجلسة الختامية للمؤتمر، الذي انطلقت فعالياته السبت، واستمرت يومين متتاليين، إن التكتلات الاقتصادية هي الخطوة الأولى في طريق التحرر من أسر التبعية الاقتصادية وتحقيق الاستقلال الاقتصادي.
وأوضحوا أن الاستقلال الاقتصادي للدول الإسلامية لا يعني انفصامها عن العالم، مؤكدين أن العلاقات التجارية الدولية أمر لا مفر منه، لكن هذه العلاقات ينبغي أن تقوم على أسس اقتصادية سليمة، وفق مصالح متبادلة ومتوازنة، بعيدا عن التبعية والخضوع للدول الغربية، أو المؤسسات الدولية.
واستعرض المؤتمر 26 بحثا، وزعت على خمس جلسات، جاءت تحت العناوين التالية: الاستقلال الاقتصادي في الدول الإسلامية بين الواقع المشهود والواجب المنشود، الاستقلال والتبعية في الدول الإسلامية بين اعتبارات السياسات النقدية والشركات متعددة الجنسيات ومتطلبات التنمية المستدامة، دور الحكومات والمؤسسات الخاصة في تحقيق الاستقلالية الاقتصادية بالدول الإسلامية، دور مؤسسات الزكاة والوقف في تحقيق الاستقلالية الاقتصادية بالدول الإسلامية، التكامل الاقتصادي والاستقلال الاقتصادي في ضوء القرآن الكريم والسنة النبوية ومقاصد الاقتصاد الإسلامي.
وقال رئيس المؤتمر، ورئيس الأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقتصاد الإسلامي (إيفي)، أشرف دوابة، إن الدول الإسلامية تمتلك مقومات الاستقلال الاقتصادي، لكنها غير مفعلة، وهو ما يستدعي ضرورة تفعيلها، خاصة بعد ما كشفته أزمة الحرب الروسية الأوكرانية من هشاشة الأمن الغذائي للدول الإسلامية، واعتمادها على الخارج، رغم ما تمتلكه من مقومات وموارد غير مستغلة لصالح شعوبها.
وأكد دوابة أن أحد أبرز المعوقات أمام تحقيق الاستقلال الاقتصادي للدول الإسلامية هي الخلافات السياسية بين حكوماتها، مقترحا أن يتم التنسيق بشكل مبدئي بين القطاع الخاص والقطاع الثالث المتمثل في غرف التجارة واتحادات الصناعات وغيرها في هذا الإطار، لحين حل الخلافات البينية، وتتويج هذا التنسيق بدعم حكومي يمكن أن يغير الخريطة الاقتصادية العالمية لصالح البلدان الإسلامية.
وأضاف: إذا نحت الحكومات الإسلامية خلافاتها السياسية جانبا، وتخلت عن النظرة القطرية الضيقة، فستكون الصورة أفضل، وعندها ستتحقق الوحدة والقوة فيما بينها، ولا نريد أن يحدث لنا كما حدث للمسلمين في بلاد الأندلس".
ودعا دوابة إلى أهمية البناء على التكتلات التي انطلقت بين عدد من الدول الإسلامية، منها تركيا وماليزيا وقطر، وتوسيعها لتشمل كافة الأقطار الإسلامية خلال الفترة المقبلة. وخلص المشاركون في المؤتمر إلى مجموعة من التوصيات، على النحو التالي:
۱. الاستقلال الاقتصادي للدول الإسلامية لا يعني انفصامها عن العالم، فالعلاقات التجارية الدولية أمر لا مفر منه، لكن هذه العلاقات ينبغي أن تقوم على أسس اقتصادية سليمة، وفق مصالح متبادلة ومتوازنة، بعيدا عن التبعية والخضوع للدول الغربية، أو المؤسسات الدولية.
۲. الإنسان المسلم هو أساس التنمية وتحقيق الاستقلال الاقتصادي، ومن هنا تبدو حتمية الإصلاح السياسي، وتطبيق سياسات الحكم الرشيد، والشفافية، والإفصاح، في إطار الحوكمة لتحقيق الإصلاح الاقتصادي، مع التأكيد على أن الاستقلال الاقتصادي لن يتحقق بصورة متكاملة إلا من خلال إرادة سياسية مستقلة، ووجود سياسة اقتصادية، ومالية رشيدة، لإدارة الثروات، وتنمية الموارد، بصورة تحقق التخصيص الأمثل لها.
۳. إيلاء السلطات النقدية في البلدان الإسلامية موضوع استقلال السياسة النقدية اهتماما وعناية خاصة، لا سيما أن التحديات الدولية تفرض على السلطات النقدية في البلدان الإسلامية التنسيق من أجل التكامل والتعاون فيما بينها، والخروج من عباءة النظام النقدي العالمي، وتأسيس نظام نقدي عادل، بما يخدم اقتصاديات الشعوب في هذه البلدان.
۴. تفعيل دور نظام المدفوعات الثنائية والمتعددة في المراحل الأولى للتكامل بين الدول الإسلامية، انتهاء بالوصول إلى الوحدة الاقتصادية المنشودة.
۵. تحقيق التكامل بين أسواق رأس المال الإسلامية، ووضعها تحت مظلة سوق مالية إسلامية موحدة، بما يعزز التكامل المالي والاستثماري للدول الإسلامية.
۶. الأمة الإسلامية في حاجة إلى الاستقلال الاقتصادي، ليس على المستوى النقدي أو المالي فحسب، بل الأهم من ذلك هو انتقالها من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الإنتاجي الهيكلي، الذي يلبي حاجات أبنائها من الغذاء، واللباس، والدواء، والسلاح، ونحوها، بالتركيز على القطاع الزراعي والصناعي، لاسيما الصناعات التحويلية، واستخدام في ذلك كافة الوسائل التكنولوجية المطلوبة، مع تعزيز دور المشروعات متناهية الصغر، والصغيرة، والمتوسطة.
۷. تعزيز مكانة المؤسسات المالية الزكوية في البلدان الإسلامية، لقدرتها على تحقيق الاستقلال الاقتصادي المنشود، من خلال تكوين تيارات مالية داخلية، وإعادة توزيعها في مكان تكوينها، ومحاولة التقليل من التفاوت في توزيع الدخول بشكل حقيقي.
۸. تدعيم دور مؤسسة الزكاة، ومؤسسة الوقف، والتكامل بينهما، بصورة تحقق الكفاءة الاقتصادية، والنمو، وتحفيز الإنتاج، والاستثمار، والعدالة الاجتماعية، مع المساهمة بفعالية في قطاعي التعليم، والصحة، ما يسهم في تحقيق التنمية، والاستقلال الاقتصادي للدول الإسلامية.
۹. ضرورة تأسيس صندوق عالمي للزكاة يجمع زكاة المسلمين في كافة أنحاء العالم الإسلامي، وينفقها في مصارفها، وفق الضوابط الشرعية الحاكمة لذلك، ما يحقق الوحدة بين الدول الإسلامية، ويسهم في استقلالها الاقتصادي في الجانب الإنساني، والاجتماعي، والخيري، ويعمل على رفع مستوى معيشة شعوبها، وتقوية مركزها أمام التكتلات الاقتصادية المعاصرة، ويخرجها من التبعية.
۱۰. أهمية توجيه القطاع الخاص في الدول الإسلامية، برؤية تكاملية مشتركة، للإحلال محل الواردات، وتنمية الصادرات، فضلا عن التكامل بين مؤسسات القطاع الخاص، وكذلك منظمات العمل غير الربحي في البلدان الإسلامية، بصورة تعزز الاستقلال الاقتصادي.
۱۱. عمل خرائط لجميع الأراضي الموات، ووضع خطة لإحيائها، بصورة تحقق التخصيص الأمثل للموارد، وذلك من خلال هيئة مختصة بذلك، بما يدعم من تكوين الأصول الإنتاجية الزراعية، والصناعية، ويسهم في الخروج من نفق التبعية.
۱۲. أهمية التخطيط الاستراتيجي للأمن الغذائي، كإحدى الخطوات الرئيسة لمواجهة الأزمات المتوقعة وغير المتوقعة، وبناء شراكات استراتيجية تراعي التفاوت في القدرات والإمكانات في الدول الإسلامية.
۱۳. دعوة البنك الإسلامي للتنمية، لتعزيز دور المؤسسة الإسلامية الدولية لتمويل التجارة التابعة له، لتنمية التجارة البينية بين الدول الإسلامية، مع أهمية تعزيز الالتزام الشرعي لعمليات البنك الإسلامي للتنمية.
۱۴. ضرورة الاستفادة من تجارب البلاد غير الإسلامية فيما يتعلق بالوحدة، وواقع التكامل الاقتصادي فيما بينها، كما هو الحال في تجربة الوحدة، والتكامل في القارة الأوروبية، الممثلة في الاتحاد الأوروبي، لتملك الأمة غذاءها، وملبسها، ودواءها، وسلاحها.
۱۵. العمل على تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي في الدول الإسلامية، لأنه الخيار الوحيد لإخراج الأمة الإسلامية والعالم الإسلامي من الأزمات الاقتصادية، وتحقيق الأمن المادي والنفسي للشعوب، بعيدا عن الأنظمة الاقتصادية الوضعية، التي رسخت للمادية، وجعلت أمتنا تسير في طريق التخلف والتبعية بآلياتها وأسس عملها التي لا تتفق مع المنهج الإسلامي، مع الاستفادة بصورة فعالة من العلوم الحديثة، في إطار نظامنا الاقتصادي الإسلامي، بصورة تجمع بين فقه النص وواقع العصر.
۱۶. تكوين هيئة عالمية للاقتصاد الإسلامي، من العلماء، والباحثين، والممارسين العمليين، في الدول الإسلامية، برعاية من الحكومات، والقطاع الخاص، والقطاع الثالث، لوضع خطة واضحة المعالم، ومتدرجة الخطوات، لبناء اتحاد اقتصادي إسلامي يحقق الاستقلال الاقتصادي للدول الإسلامية، ويحررها من أسر التبعية الاقتصادية.