تاريخ النشر2012 8 August ساعة 14:21
رقم : 105126
صحيفة الأخبار

من كانت أهدافه مكشوفة... فليصمت

تنا - بيروت
إن الحديث فقط عن الكهرباء الإسرائيلية - في الحرب المقبلة - يوجب على تل أبيب أن تستحضر المثل القديم "من كان بيته من زجاج فالأولى به ألا يرمي الناس بالحجارة" ونزيد على المثل "من كان بيته من زجاج فالأولى أن يصمُت، ويُخفي حجارته" !
من كانت أهدافه مكشوفة... فليصمت
تقليص إسرائيل لأضرار الحرب المقبلة مع أعدائها مهمة شاقة، لكن لا بد منها.
وهي ضرورية في سياق التهديدات، المفعّلة أخيراً ضد إيران وحزب الله وسوريا.
حديث رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، عن أن إيران لا تصدق جدّية الخيار العسكري ويجب العمل على تغيير ذلك بسرعة، إستنفر المؤسسة الامنية الاسرائيلية، ومحلليها ورواد الحرب النفسية لديها، فتدفقت المواقف والتقارير المؤكدة
للقدرة والجدية الاسرائيليتين. 

في الوقت نفسه، حاولت تل أبيب إفهام الحلفاء، كما الأعداء، أن أضرار ردّ الفعل الايراني على إعتدائها الموعود، كما ردّ فعل كل من حزب الله وسوريا، ستكون مقلّصة إلى حد تقوى على تحمله. 

وكأن الجيش الاسرائيلي في الحرب المقبلة، لن يواجه إمكان تساقط الصواريخ المتنوعة والمدمرة الموجهة الى كل نقطة في إسرائيل، كأنه سيواجه عصابات ألفونس آل كابون في شيكاغو، في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، مع أسلحتها الفردية البدائية. 

نشرت صحيفة «يديعوت احرونوت» بتاريخ ٢٩/٠٩/٢٠١١، خلاصة كلمة ألقاها اللواء غيورا إيلاند، في معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، شدد فيها على أن صاروخاً واحداً يسقط على محطة الخضيرة للكهرباء، سيبقي إسرائيل في عتمة طوال ستة أشهر، مضيفاً
أن هذا الصاروخ، وحده، سيجبي من إسرائيل أثماناً لا يمكن تحملها.
بهذه الكلمات، عبر إيلاند عن عدم إستعداد إسرائيل لأن تخوض حرباً جديدة مع حزب الله. 

وإيلاند، الذي شغل سابقاً منصب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، ورئيس شعبتي العمليات والتخطيط في هيئة أركان الجيش، طالب مسؤوليه بتلافي الحرب قدر الإمكان، أما إذا فرضت عليهم، فلتكن حرباً قصيرة؛ إذ لا طائل من حرب تطول، بلا تحقيق نتائج. 

ركز الضابط الاسرائيلي في إستدلالاته، على هدف واحد من أهداف المقاومة، خلال الحرب المقبلة، إذا إستهدفت إسرائيل فعلاً، البنى التحتية للبنان. والمعروف أن الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، كان قد أكد معادلة إستهداف البنى
التحتية لإسرائيل: الموانئ مقابل الموانئ، والمطارات مقابل المطارات، والكهرباء مقابل الكهرباء. 

والواقع أن إسرائيل تدرك جيداً معنى التغيير في مبنى القوة لدى المقاومة. والمسألة ــــ المعضلة، لا تتعلق فقط بكميات وعدد الصواريخ وأحجامها، التي تراكمت وإزدادت بالفعل، ولا بمداها ولا برؤوسها الحربية، التي كبُرت أيضاً، بل إن التغيير الأكثر أهمية وتأثيراً من ناحية اسرائيل، هو أن دقة إصابة الصواريخ قد إزدادت، بل باتت دقيقة للغاية، كما يعترف ويحذّر الجيش الاسرائيلي.

يشير إيلاند في كلمته إلى أن «دقة الإصابة لدى صواريخ حزب الله، تعني أنهم لن يطلقوها بإتجاه هدف كبير بحجم مدينة تل أبيب، بل سيطلقونها بإتجاه أهداف نقطوية ومحددة، سواء كانت محطة طاقة كهربائية، أو محطة قطار،
أو مقر قيادة وسيطرة عسكرية، أو مطاراً مدنياً أو عسكرياً... هذه هي الاهداف (الاسرائيلية) في الحرب المقبلة». 

ولو كانت المقاومة تمارس الدعاية كما يمارسها العدو، حتى التخمة، ولا تعتمد سياسة الصمت والمفاجآت، لقالت كلمتها وأوضحت. ولو أرادت الحديث، لركزت على الهدف الذي أشار إليه إيلاند، من دون الدخول في العشرات، أو المئات، من الاهداف الاسرائيلية المماثلة. 

محطة الخضيرة للكهرباء، التي تسمى إسرائيلياً محطة «أوروت رابين»، تنتج ما يقرب من ٢,٥٩٠ ميغاوات من الطاقة الكهربائية، أي أكثر بكثير مما ينتجه لبنان من كل محطات توليد الطاقة لديه. 

والمحطة توفّر لإسرائيل بين ٣٥ و ٤٠ في المئة من الطاقة الكهربائية الكلية. وفي المحطة ست وحدات إنتاج، وتمتاز للناظر إليها من بعيد، بثلاث مداخن كبيرة جداً، يبلغ إرتفاع إحداها ٣٥٠
متراً. 

وهي أُنشئت على مساحة تزيد قليلاً على ١٠٠٠ متر مربع، (علماً بأن الإسرائيليين يقدرون بأن هامش خطأ صواريخ المقاومة بات عشرين متراً). 

في المحطة مبنيان أساسيان لإنتاج الطاقة، إن إستُهدف أحدهما بصاروخ واحد فقط، بزنة ١٠٠ أو ٢٥٠ أو ٥٠٠ كيلوغرام من المواد المتفجرة، فإن الكهرباء ستنقطع ــ بالتأكيد ــ عن إسرائيل لأشهر طويلة. 

إنطلاقاً من محطة الخضيرة، فقط، تأتي الاسئلة برسم من يهدد بالحرب، وضرب البنية التحتية للبنان: هل محطة الخضيرة محمية من إمكان تساقط الصواريخ؟ بل هل ٦١ وحدة إنتاج للكهرباء، منتشرة في ١٧ موقعاً في أرجاء إسرائيل، محمية من الصواريخ؟ الحديث فقط عن الكهرباء الاسرائيلية، في سياق الحرب المقبلة، يوجب على تل أبيب أن تستحضر المثل القديم: من كان بيته من زجاج، فالأولى به ألّا يرمي الآخرين بالحجارة. ونزيد على المثل: من كان بيته من زجاج، فالأولى أن يصمت، ويخفي حجارته. 

صحيفة الأخبار -يحيى دبوق
https://taghribnews.com/vdcewn8zpjh87zi.dbbj.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز