وكالة أنباء التقريب (تنا): في الحديث عن حق العودة ويهودية الدولة، يتم الحديث عن الماء والنار، فكلاهما لا يجتمعان، وكلٌ منهما يدحض الآخر ويتقاطع معه.
شارک :
فالاعتراف بيهودية الدولة يعني بالضرورة عدم الاعتراف بحق العودة لستة ملايين لاجئٍ فلسطيني، يدور لب الصراع العربي الصهيوني على حقيقة الاعتراف بحقهم بالعودة إلى ديارهم التي أخرجوا منها قبل ما يزيد على ستة عقود من الزمان.
يعيش ثمانون في المئة من اللاجئين الفلسطينيين في الدول المتاخمة للأراضي الفلسطينية، أغلبهم في الأردن، ثم سورية ولبنان، فضلاً عن وجودِ عددٍ لا بأس به من اللاجئين في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، وقبل هذا وذاك فإن نكبةً جديدةً تنتظر فلسطينيي عام ٤٨، فالحكومة الصهيونية تسعى لطرد السكان العرب من داخل الخط الأخضر، فإما الولاء للدولة اليهودية القادمة، وإما سحب بطاقات إقاماتهم، ليكون الباب مشرعاً دون أي خياراتٍ مطروحة أمامهم بالهجرة خارجاً وإلى الأبد.
يمثل استكمال بناء ٣٦٠ وحدة استيطانية في القدس المحتلة، (بعد اتفاق واشنطن الأخير)، المسمار الأخير في نعش الدولة الفلسطينية العتيدة التي يحلم عرابو أوسلو في مناماتهم الطويلة بأنها ستكون ذات سيادة وحدود وسكان ومن دون أي منغصات صهيونية بالجوار، وكأني بالعالم قد تبدل وأصبحت الضباع المفترسة الجائعة، تسير بأمن وأمان مع فرائسها الوديعة.
دائماً ما تنادي الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة قيام دولة فلسطينية، جنباً إلى جنب مع "إسرائيل"، والعرب أيضاً ينادون بما تنادي به أمريكا، لكن صوت الأخيرة يعلو بدرجاتٍ أشد، حين الحديث عن حقوق اليهود في فلسطين، ومن ذلك حقهم في امتلاك دولةٍ قومية يهودية، وهو حق –بحسب أمريكا-، لا يجوز الجدال فيه وخط أحمر لا يحق لأحد الاقتراب منه، كيف لا وأوباما نفسه قدم لبنيامين نتنياهو -في حال تجميد الاستيطان شهرين إضافيين- وعوداً أمنيةً وسياسيةً ما كان أشد المتفائلين الصهاينة يحلم بها أن تصل من واشنطن على طبق من ذهب.
في الوقت الذي تتدحرج فيه كرة الثلج الصهيونية من القمة إلى السهل بسرعة قياسية، لتسجل في كل جولة مفاوضاتٍ تنازلاً جديداً للفلسطينيين، حتى وصل الأمر بالطلب منهم الاعتراف بـ"إسرائيل" كدولةٍ يهودية، فإن كرة الثلج الفلسطينية في طريقها إلى الذوبان والتلاشي.
أي تقدم أحرزه رئيس حركة فتح محمود عباس وفريقه المفاوض منذ سنواتٍ؟، فالقضية الفلسطينية تتقزم "بفعل هؤلاء"، فمن صراعٍ أممي إلى صراع قومي– عربي، وصولاً إلى صراع وطني، انتهاءٍ بمفاوضاتٍ هزلية في كل جولة حوار منها لا يكون الحديث سوى عن تجميد مؤقت لمستوطنات الضفة الغربية، أما قضايا الحل النهائي فمصيرها للأجيال القادمة والتي تليها.
الجرأة في الخطاب الذي تفوه به المدعو ياسر عبد ربه، بالاعتراف بيهودية دولة الاحتلال، لم يكن من أول السطر، فقد سبقه إلى ذلك قادة فلسطينيون كمحمود عباس وياسر عرفات، وما خفي كان أعظم وأشد ذلا.
يبدو المشهد الفلسطيني قاتماً ويسير في طريق مستقيم نحو الهاوية!، فأمام مشهد مجموعة من ناشطي اليمين الصهيوني من الذين أقدموا على رشق ملصق للرئيس الأميركي باراك أوباما بالأحذية والبيض استنكاراً لما يسمى بـ"الضغوط" التي يمارسها من أجل تجميد "شهرين" للتوسع الاستيطاني في الضفة، فإنه يتبادر إلى ذهن أحد أسرى حركة فتح في سجون العدو، في بداية تسعينيات القرن الماضي، من أن حركة حماس تنادي بتحرير فلسطين كاملةً من بحرها إلى نهرها، وبالتالي أين سيعيش اليهود حينها؟!! سؤال يطرق آذاننا بشدة أيها الفتحاويون!. مقالة بقلم: حبيب أبو محفوظ