تاريخ النشر2011 13 March ساعة 09:34
رقم : 41467

الغرب وارتدادات الثورات العربية

بقلم: حازم عيّاد
على الغرب أن يدرك أن هناك مخاوف شعبية في العالم العربي لا تقل خطورة عن المخاوف الغربية مما يسمى الإرهاب تتعلق بالتدخل العسكري الأوروبي والتعاون الأمني مع الأنظمة غير الديمقراطية في العالم العربي
الغرب وارتدادات الثورات العربية

وكالة أنباء التقریب (تنا)

بعد ثورة الشباب التونسي والثورة المصرية التي امتدت إلى ليبيا والبحرين واليمن، ووصلت أصداؤها الأردن وعُمان، استقالت وزيرة الخارجية الفرنسية ميشيل اليو ماري، المتهمة بدعمها الفاضح للرئيس المخلوع بن علي، وهي لم تكتف بالإفصاح عن تحالفاتها مع الدكتاتوريات في العالم العربي بل امتد صلفها إلى فلسطين المحتلة بتعاطفها مع الأسير الصهيوني شاليط وتجاهلها أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني، وفي اللحظة التي كانت تجري فيها لقاءات في فلسطين المحتلة قام جيش الاحتلال الصهيوني بقتل فلسطيني في الأراضي المحتلة عام 4۸ دون مبرر ولم تعلق على ذلك وكأن الأمر لم يكن.

وزيرة الخارجية الفرنسية تمثل نموذج للصلف الذي تتعامل به السياسة الخارجية الأوروبية والأمريكية مع العالم العربي، حيث نجد برلسكوني ووزير خارجيته لافرتيني الذي تبنى وجهة نظر الدكتاتور القذافي وأخذ يدافع عن النظام، وكان هناك علاقة نسب وقرابة تربطهما علاقة قائمة على استباحة الدم العربي باعتباره دما رخيصا لا قيمة له، وهي ذات السياسة التي عبر عنها الفيتو الأمريكي مؤخرا على مشروع ادانة الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة عام 6۷ طبعا في الوقت الذي تسارع فيه الولايات المتحدة إلى استصدار قرار كانت تتمنى أن يتضمن اشارة صريحة تعطيها الحق في التدخل وإرسال القوات الغازية إلى الاراضي الليبية، رغم معارضة الثوار الليبيون لأي تدخل اجنبي في بلادهم، فأين كانت أمريكا عندما قصفت غزة، أم أن عطش أمريكا للنفط وللدم العربي كان ولا زال اكبر بكثير من عطشها للعدالة وحقوق الانسان.

في الوقت الذي يتدارس فيه الأوروبيون سياستهم الخارجية ويعملون على مراجعة شاملة لسياسة الاتحاد الأوروبي، فإن الولايات المتحدة تقف متحفزة مرة أخرى مستعينة بحاملات الطائرات والبوارج في البحر المتوسط مستعرضة عضلاتها ومغيبة لعقلها، فالقوة المفرطة في كثير من الأحيان تنمو على حساب قوة العقل والفكر.
ليس من المعلوم إلى ما ستنتهي اليه المراجعات التي يسعى الأوروبيون إلى إجرائها على سياساتهم الخارجية، الا ان هذه المراجعات يجب ان تتم تحت ضغوط حقيقية من الشارع العربي، ولا بد أن تتضمن التحركات الشعبية رسائل واضحة يجب إيصالها إلى الأوروبيين، فهذه المراجعات يجب أن ترتقي إلى مستوى التحول القائم في العالم العربي، وإلى مستوى القضايا التي يمكن وصفها بأنها الأساسية في صياغة علاقة طبيعية ومتوازنة مع العالم العربي، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والعلاقات الاقتصادية والنفط وأمن المتوسط، وما يتضمنه من ملفات كـقضية الهجرة والأقلية المسلمة في أوروبا التي يتجاوز تعداده الآن 25 مليون نسمة.

على الغرب أن يدرك أن هناك مخاوف شعبية في العالم العربي لا تقل خطورة عن المخاوف الغربية مما يسمى الإرهاب تتعلق بالتدخل العسكري الأوروبي والتعاون الأمني مع الأنظمة غير الديمقراطية في العالم العربي، والتي شكلت بطريقة او أخرى معادلة ما يسمى الإرهاب في العالم العربي، فالتدخلات الغربية في العالم العربي أورثتنا الإرهاب والتطرف الذي نرفضه ولا نرغب فيه، ما الذي يضمن للعرب أن لا يؤدي التدخل الأمريكي والأوروبي المباشر أو غير المباشر في ليبيا إلى جذب اهتمام المتطرفين في العالم العربي، فحيثما وجدت الولايات المتحدة وجد ما يسمى الإرهاب، فهذه المعادلة مقلقة في العامل العربي ولا يمكن إغفالها.

القضية الفلسطينية وملف العلاقة مع الكيان الصهيوني والاتفاقات الأمنية مع الأنظمة الدكتاتورية في العالم العربي ملفات مقلقة للشعوب العربية، يبررها الغرب بحفظ مصالحه المتعلقة بإمدادات النفط وأمن المتوسط والهجرة ومستعمرته المسماة “إسرائيل” والتي لا أساس قانونيا لوجودها على ارض فلسطين، وهو موضوع كان بإمكان الولايات المتحدة أن تخطو خطوة قانونية مهمة لمعالجته في إطار من العدالة لو أنها لم تستخدم الفيتو لرد مشروع القرار المتعلق بنزع شرعية الاستيطان الصهيوني.

نتمنى أن يسقط المزيد من الساسة الغربيين في أوروبا والولايات المتحدة، وأن تجري مراجعات حقيقية للعلاقة بين الشرق والغرب على أسس جديدة ومعلنة، بعيدا عن الاتفاقات الأمنية السرية التي تدفع الشعوب العربية ثمنها من حريتها وأمنها ورفاهها، ونعلم أن هذه المعادلة لن تتحقق بالأمنيات بل بحراك شعبي عربي يرقى إلى مستوى التحرر ليس فقط من الدكتاتوريات بل ومن أعوانها في الغرب.
https://taghribnews.com/vdcd5o0o.yt0f96242y.html
الإسم الثلاثي
البريد الإلكتروني
أدخل الرمز