معركة قصيرة لم تدم ساعات قليلة بين جبهتين ، الجبهة الاولى تمثلت فيها كل قيم الحق والشرف والعزة والكرامة والانسانية والجبهة الثانية مثلت كل قيم الشر والعدوان والوحشية والنزعة السادية .
شارک :
الكاتب : خليل حسن
معركة قصيرة لم تدم ساعات قليلة بين جبهتين ، الجبهة الاولى تمثلت فيها كل قيم الحق والشرف والعزة والكرامة والانسانية والجبهة الثانية مثلت كل قيم الشر والعدوان والوحشية والنزعة السادية .
معركة قصيرة حدثت في التاريخ كشفت الوجه المشرق لجبهة رفعت راية تحرير الانسان من العبودية و اعطت درسا في التضحية من اجل هذه القيمة الانسانية و في المقابل اماطت اللثام عن الوجه السيء و الشنيع لجبهة ابت الا ان تقوم بدور الساحق للانسانية وقيمها و تلتحق باسلافها في التاريخ قامت بذات الادوار الفاضحة و انتهت دون ان يذكرها احد الا باللعن والذم !
معركة عاشوراء الامام الحسين عليه السلام هي من اقصر معارك التاريخ ولكنها الاكثر اثرا في مجراه دخلته من اوسع ابوابه و كرست قيمها باروع الامثلة التي ضربها اصحابها وهم الشهداء الابرار الذين قادهم اطهر رجل في عصره على وجه الارض وهو الامام الحسين ع ليواجهوا جيشا جرارا بحجم كل جيوش الباطل و هزموها هزيمة نكراء في قيمها الباطلة دوت اصداءها ومازالت تدوي في كل زمان ومكان و هي تتحدث عن نفسها كانت في ازمة الضمير والانسانية وان هذه الازمة فشلت في ان تظهر يزيد و من هو على شاكلته بانهم "نماذج" قابلة للتعامل والتلميع !
في يوم عاشوراء كان الحسين عليه السلام يمثل الانسانية بكل قيمها و مبادئها ولم يكن السيف لوحده من يحكم الميدان بل كان الضمير الانساني هو سيد الموقف و عنوان المعركة وحتى حديث الامام ع وخطابه لأعدائه وبكاءه عليهم كان مظهرا من مظاهر الناصح الامين لهم لم يكن يتمنى لهم ان يدخلوا النار و يتورطوا باراقة دمه لعلمه انه ابن بنت نبيهم وان حبه من حب النبي ص وبغضه هو بغض النبي ومن ابغض النبي ابغض الله الم يقل صلى عليه واله " حسين مني وانا من حسين احب الله من احب حسينا " ؟
في معركة عاشوراء انتصرت الانسانية بكل قيمها ولم يستطع جيش يزيد بكل عدته وعتاده و امتلاكه لكل وسائل التشويش الاعلامي و التزييف ان يقف حائلا دون تفوقها و انتشارها و تلامسها للضمير الانساني على مر التاريخ .
عاشوراء هي معركة حقيقة ترتبط مناسبة احياءه وذكراه بامر سماوي لا يظنن البعض ان ذلك من افرازات " عقيدة الغلوا" ! اذا كان الامام الحسين ع فلذة كبد فاطمة ع بنت رسول الله صلى الله عليه واله وهو القائل ص في حقها "فاطمة بضعة مني فمن اذاها فقد آذاني ومن احبها فقد احبني" - متفق عليه - فان الحسين السبط عليه السلام هو ليس حفيده فحسب وانما جزء منه وامتداد له " حسين مني وانا من حسين احب الله من احب الحسين " .
هذه العلاقة الجدلية - بعيدا عن فلسلفة هيجل وكارل المادية - بين رسول الله ص وحفيده الامام الحسين ع يفرضها منطق السماء لها بعد غيبي اثبتته وقائع الاحداث التاريخية حيث من تلك العلاقة الرسالية والنبوية التي تربط بين الرسول ص وحفيده اراد الله ان يخلد ذكر الحسين ع كما اراد لرسوله الكريم ذلك ففي سورة الشرح اية ٤ يقول الله عز وجل في حق نبيه الاعظم ص " وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ".
هذه المنزلة العظيمة لم ينلها الا رسولنا الاكرم ص في ان يرفع الله ذكر نبيه في كل زمان ومكان وفي كل محطات التاريخ في الماضي والحاضر والمستقبل وفي كتابه الكريم اخص الله لرسوله سورة باسمه وهي سورة محمد ص ، هنا تاتي اهمية حديث الرسول ص في حق حفيد " حسين مني وانا من حسين احب الله من احب حسينا " وكأن رسول الله ص يريد بذلك القول ان الحسين هو امتداد طبيبي للرسالة وللبيت النبوي وان ذكره هو ذكره .
من هنا فالحسين له ذكرى خالدة وانه يتجدد في كل لحظه و ان اسمه مخلد لم يستطع اي من طغاة التاريخ طمسه و جل ما فعلوه انهم هدموا ضريحه ولم يستطيعوا هدم اسمه وذكره بقي مخلدا يقض مضاجع الظالمين وينير الدرب للمظلومين وان سماه يملأ الافاق على مر العصور و لكل الاجيال .