من حياة محدثة آل طه و كريمة اهل البيت فاطمة المعصومة (س)
تنا
للسيدة فاطمة بنت الامام موسى بن جعفر "عليه السلام"، مكانة مرموقة بين اقرانها من سيدات بيت النبوة، الذين يمثّلون المستوى الأعلى في البشرية، في كلِّ معاني الطهر والعصمة والإنسانية والرسالة والانفتاح على كل المحرومين والمستضعفين والمظلومين، والمواجهة لكل الظالمين والمستكبرين.
شارک :
يوافق العاشر من شهر ربيع الثاني ذكرى وفاة السيدة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى الكاظم عليهما السلام، فبهذه المناسبة الأليمة نسلط الضوء على شخصيتها العظيمة، ومكانتها الرفيعة.
وهذه الإنسانة العظيمة التي لم تقتصر عظمتها على أنها ابنة الامام موسى بن جعفر الكاظم "عليه السلام"، والتي عاشت في قلبه وروحه، وامتزجت به منذ طفولتها حتى اندمجت به اندماجاً جعلها تعيش كل مشاعره وأحاسيسه، لم تكن العلاقة بينها وبين الامام موسى بن جعفر علاقة بنت وأب، ولكنها كانت علاقةً تمتزج فيها المحبة بالرسالة، والتي ورثت عنه الكثير من الصفات والشمائل وهذا ما قد يكون سبباً في ان تحتل هذه السيدة الجليلة تلك المكانة الرفيعة.
وان عراقة نسب السيدة فاطمة الكبرى لسيد الكائنات النبي الاكرم محمد "صلى الله عليه واله"، وهو الشرف العظيم والفخر الكبير خاصة اذا ما اقترن بما اضافة لها ابيها الامام موسى بن جعفر الكاظم "عليه السلام" من مزايا وخصائص.
تشير الروايات التاريخية، ان السيدة فاطمة المعصومة قد احتلت من بين اخواتها المكانة العالية والمنزلة الرفيعة، وقد كانت السيدة المعصومة عالمة جليلة القدر حتى انها لقبت بألقاب كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر "الطاهرة" ، و"محدثة اهل البيت" "عليهم السلام"، فضلا عن انها كانت من رواة الحديث النبوي .
وكانت السيدة فاطمة المعصومة الإنسانة العالمية العلمية، فهي فقيه منذ نعومة أظافرها وهذا ليس بالغريب، لأنها عاشت وترعرعت في بيت العصمة، ونشأت وتتلمذت على يد الامام علي بن موسى الرضا "عليه السلام"، حيث تبين الروايات التاريخية، ان جمعاً من الشيعة وردوا المدينة وجاءوا برسالة تحوي عدداً من الاسئلة الى الامام موسى بن جعفر الكاظم "عليه السلام" فوجدوه مسافراً، فقرر هؤلاء العودة الى وطنهم في حالة من الحزن والغم لأنهم لم يحظوا برؤية الامام فتأثرت السيدة فاطمة المعصومة فأخذت الرسالة واجابت عن اسئلتهم فترك هؤلاء الشيعة المدينة مسرورين والتقوا الامام موسى بن جعفر الكاظم خارج المدينة، فقصّوا على الإمام "عليه السلام" ما جرى معهم وأروه خط السيدة فاطمة ففرح الامام بذلك وقال "عليه السلام ": "فداها أبوها " .
وتشير المصادر التاريخية، أن السيدة فاطمة المعصومة اشتهرت بأنها محدثة آل طه والمحدثة، وهو ما يدل على حفظها ونقلها للاحاديث الشريفة بصورة مستفيضة، فحرصت عليه اشد الحرص في حفظه وتعليمه، غير ان التاريخ ظلمها فلم يحفظ لنا الا القليل من تلك الاحاديث ، التي وثقها لها اصحاب السنن والاثار واكد بصحتها الفريقين الخاص والعام، اذ قالوا :" ان احاديثها في مرتبة الصحاح الموجبة والجديرة بالقبول والاعتماد والتوثيق والعمل، وعدم مخالفة نصوصها ومضامينها لأنها تروي عن صالحاً بعد صالح وصادقاً بعد صادق والخيرة بعد الخيرة " .
ومن تلك الاحاديث التي روتها السيدة فاطمة المعصومة "عليها السلام"حول مكانة بيت النبوة أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ، ولما لمهم من فضل على العباد، فقد ورد : عن فاطمة بنت الحسين الرضوي، عن فاطمة بنت محمد الرضوي، عن فاطمة بنت إبراهيم الرضوي ، عن فاطمة بنت الحسن الرضوي ، عن فاطمة بنت محمد الموسوي، عن فاطمة بنت عبدالله العلوي، عن فاطمة بنت الحسن الحسيني، عن فاطمة بنت أبي هاشم الحسيني، عن فاطمة بنت محمد بن أحمد بن موسى المبرقع، عن فاطمة بنت أحمد بن موسى المبرقع، عن فاطمة بنت موسى المبرقع، عن فاطمة بنت الإمام أبي الحسن الرضا "عليه السلام "، عن فاطمة بنت موسى بن جعفر "عليهما السلام"،عن فاطمة بنت الصادق جعفر بن محمد "عليه السلام "، عن فاطمة بنت الباقر محمد بن علي "عليه السلام "،عن فاطمة بنت السجّاد علي بن الحسين زين العابدين "عليه السلام "، عن فاطمة بنت أبي عبدالله الحسين "عليه السلام "، عن زينب بنت أمير المؤمنين "عليه السلام "، عن فاطمة بنت رسول الله "صلى الله عليه وآله" قالت: قال رسول الله " صلى الله عليه وآله " :" ألا من مات على حب آل محمد مات شهيداً " .
وذكر بعض الباحثين، ان اسم السيدة فاطمة المعصومة "عليها السلام" ورد في سند الاحاديث التي تربي الانسان على الاخلاق الحميدة وحسن المعاشرة وهو ما دأب عليه اهل بيت النبوة في تعليمهم لشيعتهم، كان من ابرز هذه الاحاديث على سبيل المثال لا الحصر هو "ترويع المسلم" .
فقد روى محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي قال: حدثنا علي بن محمد بن عيينة قال: حدثني أبو الحسن بكر بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن زياد بن موسى بن مالك الأشج العصري قال: حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى "عليه السلام" قالت سمعت أبي عليا يحدث عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه وعمه زيد عن أبيهما علي بن الحسين عن أبيه وعمه عن علي بن أبي طالب "عليهم السلام" قال : "لا يحل لمسلم أن يروع مسلما".
ونستنتج من ذلك، ان السيدة فاطمة المعصومة "عليها السلام" تمثل الشّخصيّة النّسائيّة المقدَّسة في الإسلام لدى المسلمين كلّهم، فإنّنا إذا قرأنا ما كتبه علماء المسلمين من السنّة والشّيعة، نجد أنهم يتحدَّثون عنها بكلّ تعظيم واحترام ومحبّة، من خلال عناصر شخصيّتها المميّزة.
ومن هنا، فإنّنا نستطيع أن نقدِّمها إلى المسلمين جميعاً كامرأةٍ يلتقي المسلمون عليها، بالرّغم من اختلاف مذاهبهم، لا لأنها ابنة الامام موسى بن جعفر الكاظم "عليه السلام" ، ولكن لأنّها عاشت في شخصيَّتها شخصيّة الامام "عليه السلام" في كثيرٍ من عناصرها المميَّزة المستلهمة من عناصر شخصيّته المميّزة.
و في الختام نعزيكم بوفاة السيدة المعصومة (س)عظّم الله اجوركم و عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ:سَأَلْتُ أَبَا اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا(عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ)، عَنْ زِيَارَةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ(عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ)بِقُمَّ،فَقَالَ: ((من زَارَهَا فَلَهُ اَلْجَنَّةُ)). كامل الزيارات ص536"