بعد التجاذبات السياسية، دخلت قضية إخلاء سبيل المدانين بالعمالة لإسرائيل في نفق الاجتهادات القانونية، مع مخاوف من «التمييع». أمس، قصد حزب الله وزير العدل والقاضي سعيد ميرزا، معلناً على لسان النائب نوار الساحلي تصوّره لـ«تدارك الخطأ»
شارک :
وصلت رسالة المدّعي العام لدى محكمة التمييز، القاضي سعيد ميرزا، إلى حزب الله وكل من يهمه الأمر. فبعد إعرابه عن «صدمته» من قرار محكمة التمييز العسكرية الذي قضى بإخلاء سبيل مدانين بالعمالة لإسرائيل، حطّ الحزب رحاله في مكتب القاضي لفهم الحيثيات التي أدّت إلى ما حصل. قصده في مكتبه، أمس، النائب نوار الساحلي ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا. خرجا من عنده من دون الإدلاء بتصريح، وكذلك فعلا بعد اجتماعهما مع وزير العدل شكيب قرطباوي للغاية نفسها، لكنّ الساحلي توجّه مباشرة إلى مجلس النواب ليعقد هناك مؤتمراً صحافياً.
أبرز ما جاء في مؤتمر الساحلي كان إشارته إلى المادة ٨٨ من قانون القضاء العسكري، التي «تلزم بتّ الملفات خلال شهرين بعد إخلاء السبيل، ورئاسة المحكمة يمكنها أن تقرّب موعد الجلسات لاستدراك الخطأ الفادح الذي حصل، والذي، للأسف، في الحالة التي شهدناها يشجع على العمالة». رفض الساحلي أن يخوض أكثر في رؤية حزبه لتدارك المشكلة، مكتفياً بما أشار إليه. إذاً، هي رسالة غير مباشرة إلى رئيسة محكمة التمييز العسكرية، القاضية أليس شبطيني، ومعها الضباط الأربعة في هيئة المحكمة، للاستعجال في إصدار الحكم المبرم بحق العملاء المخلى سبيلهم، وبالتالي إعادتهم إلى السجن لتنفيذ العقوبات.
وفي السياق ذاته، علمت «الأخبار» أن ميرزا ما زالت تشغل باله مسألة «موافقة الضباط الأربعة في المحكمة على إخلاء السبيل». وبحسب أحد المتابعين، فإن ميرزا لا يريد أن يكون كل الضغط منصبّاً على شبطيني، بل يريد توزيع المسؤولية على كل أعضاء هيئة المحكمة الذين أجمعوا على قرارات إخلاء السبيل.
وفي سياق الحديث عن صوابية قرار القاضية، الذي رأى البعض أنه جائز من الناحية الإجرائية، فإن مصدراً قضائياً أكّد لـ«الأخبار» أن القرار «تشوبه بعض العيوب، إذ إن المادة ٩٢ من قانون القضاء العسكري تنص على أن تمييز الحكم لا يوقف التنفيذ إذا كان جناية، بينما يجيز لمحكمة التمييز إخلاء سبيل مستدعي التمييز إذا كان محكوماً بجنحة مقابل كفالة». وهنا، يذكر أن المحكومين المخلى سبيلهم محكوم عليهم بجنايات، وبالتالي «لا يمكن إخلاء سبيلهم». يذكر أن إخلاء السبيل حصل مقابل كفالة مالية قدرها مليونا ليرة.
من جهة أخرى، شكّك المصدر نفسه في تبرير شبطيني بأن ثلاثة من المخلى سبيلهم مرضى، مشيراً إلى وجوب «التثبّت من ذلك. فهي قبلت الطعن منذ نحو ٦ أشهر، إذاً لماذا لم تفصل بالدعوى وتصدر حكمها؟ فالحالة الصحية الصعبة توجب الإسراع في الحكم لا إخلاء السبيل». هكذا، دخلت القضية في إطار الاجتهادات القانونية المختلفة، فضلاً عن السياسية التي سبقت، إلى حدّ تخوّف بعض المتابعين من «تمييع» القضية، بحيث تؤجل المحاكمة إلى أمد غير محدد، بنحو مشابه لما حصل في قضية «الماكدونالدز» العالقة منذ عام ١٩٩٩.