عمارة: من يحمي المسيحيين العرب.. الإسلام أم الفاتيكان!
الاسلام كان ولا يزال وطبقا لسنة الرسول الاعظم (ص) يحمي المسيحيين ويؤكد على الحوار والتعايش السلمي , والفاتيكان يؤكد على التنصير وعدم الاعتراف بالاسلام وايجاد دويلات طائفية داخل الوطن الاسلامي تلبية للمشروع الصهيوني .
شارک :
وكالة أنباء التقریب (تنا) : لم يكن المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة يدري وهو يدفع بكتابه الجديد للمطابع أن هناك سجالًا سينشب بين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبابا الفاتيكان بندكت السادس عشر علي خلفية تفجيرات كنيسة القديسين بالإسكندرية، فقد طالب البابا بحماية الأقباط في مصر ورد عليه شيخ الأزهر واصفًا ذلك بأنه تدخل غير مقبول، وتساءل لماذا لم يطالب البابا بحماية المسلمين عندما تعرضوا لأعمال قتل في العراق.
ويحاول عمارة لفت النظر إلى أن النصارى العرب أبناء هذه الأوطان وينتسبون للحضارة العربية الإسلامية أكثر مما ينتسبون إلى الحضارة الغربية، وأنهم أبناء وطن وعروبة واحدة وهم مشترك مع أبناء الإسلام لا ينفصلون عنهم، وأن أصول الإسلام وحقائقه في التعامل مع أتباع الأديان واضحة جلية، وأن من يخرج عنها لا يفهم الإسلام فهمًا صحيحًا، ولا يدرك كيف أنه أعطى غير المسلمين حق العيش والأمان وممارسة دينهم وشعائرهم دون معاداة.
نصارى نجران ويقارن عمارة بين "وثيقة" النبي -صلى الله عليه وسلم- لنصارى نجران ووثيقة الفاتيكان الجديدة التي تنكر الإسلام وتحض علي التنصير وغلبة النصرانية وطرد المسلمين من دينهم وتغريب أبناء الأوطان عن أوطانهم. يبدأ عمارة كتابه ببعض النصوص من القرآن الكريم: “قل يا أَهل الْكتاب تعالَوا إِلَى كَلِمة سواء بيننا وبينكم أَلا نعبدإِلا اللّهَ وَلاَ نشرك به شَيْئًا وَلاَ يَتخِذ بَعضنَا بعضًا أَربابًا من دونِ اللّه فَإِن تَوَلوا فَقولوا اشْهَدُواْ بِأَنا مسلِمونَ” ومن السنة النبوية يذكر أنه في السنة العاشرة للهجرة جاء إلى المدينة المنورة عاصمة دولة النبوة وفد نصارى نجران، فاستقبلهم الرسول وصحابته. وفتح لهم -صلى الله عليه وسلم- أبواب المسجد النبوي فصلوا فيه صلاة عيد الفصح. وكتب لهم عهدًا دستوريًا، لهم ولكل من يتدين بدين النصرانية - عبر الزمان والمكان - جاء فيه: لنجران وحاشيتها، ولأهل ملتها، ولجميع من ينتحل دعوة النصرانية في شرق الأرض وغربها، قريبها وبعيدها، فصيحها وأعجمها، جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله، على أموالهم، وأنفسهم، وملتهم، وغائبهم، وشاهدهم، وعشيرتهم، وبيعهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير. إلى غير ذلك من الوثيقة الشهيرة.
خطر التنصير وينتقل عمارة إلى الحوار مع الفاتيكان حول ورقة العمل التي صاغها لتناقش في مجمع الأساقفة الكاثوليك الشرقيين، في حاضرة الفاتيكان من ١٠ إلى ٢٤ أكتوبر سنة ٢٠١٠م... للحوار مع الفاتيكان حول موقفه من القضايا التي عرضت لها هذه «الوثيقة»،ويذكر بموقف الفاتيكان من الإسلام وحضارته ليس في التاريخ القديم، الذي يعرفه الكافة، بل إلى مواقف الفاتيكان من الإسلام وأمته وحضارته في هذا العصر. مشيرًا إلى أن البابا ويوحنا بولس الثاني قال لرعيته عقب انتخابه في ١٦/١٠/١٩٧٨م "المسيح هو الحل، ولا بد من تنصير الثقافة"... وأن المعركة هي "من أجل الاستيلاء على عقول البشر" ومنذ ذلك التاريخ، تصاعدت جهود الفاتيكان - مع الكنائس الغربية الأخرى - لتنصير المسلمين.
انشغال الفاتيكان بالإسلام ويستشهد عمارة بمواقف بعض المسيحيين المتشددين قائلًا إنه في ١٨/٤/٢٠٠٦م نشرت صحيفة لوموند الفرنسية مقالًا للكاتب هنري تنك، تحدث فيه عن انشغال الفاتيكان بصعود الإسلام، وجاء في المقال على لسان البابا بنديكتوس السادس عشر: إن الإسلام ليس دين توحيد على نمط اليهودية والمسيحية، ولا ينتمي إلى الوحي نفسه الذي تنتمي إليه اليهودية والمسيحية! وكان هذا الموقف الفاتيكاني - الذي إن اعترف بالمسلمين. فإنه يرفض الاعتراف بالإسلام الذي يعترف بالمسيحية على عكس اليهودية التي لا تعترف بالمسيحية، ومع ذلك تعترف بها المسيحية وتتودد إليها! ويشير عمارة إلى أن هذه المواقف المسيحية المتكررة إنما هي امتداد لموقف قديم، يتم الإفصاح عنه في المناسبات.
استفزازات بنديكتوس للإسلام ويربط عمارة بين ذلك التعنت وما بدر من البابا بنديكتوس السادس عشر من هجوم على الإسلام ورسوله وقرآنه في محاضرته الشهيرة بجامعة ريجنسبورج الألمانية يوم ١٢ سبتمبر سنة ٢٠٠٦م وهي المحاضرة التي فجرت ردود فعل عالمية حينما بدأ البابا حديثه بالهجوم على الإسلام وأفرد لذلك ربع وقت المحاضرة رغم أن موضوعها وعنوانها لم يكونا عن الإسلام! ورغم ردود الفعل الغاضبة التي قوبلت بها هذه المحاضرة البابوية المستفزة للمسلمين، والمتهجمة على الإسلام في الشرق والغرب، حتى إن مجلة «نيوزويك» الأمريكية وصفتها بالحماقة! فقد استمر البابا في تحدي الإسلام واستفزاز المسلمين. ففي مارس سنة ٢٠٠٨م، قام البابا في احتفالات عيد الفصح الذي تنقله كل محطات التلفاز العالمية بتعميد صحفي مصري يعيش في إيطاليا اسمه مجدي علام لم يعرف عنه سابقة تدين بالإسلام، فكان تعميده بواسطة البابا وفي هذا العيد، الذي يشاهده العالم استفزازًا كبيرًا ومتعمدًا من البابا لمشاعر مليار وستمائة مليون من المسلمين.
ويمضي عمارة في إيراد مواقف البابا المستفزة للمسلمين مشيرًا إلى أنه في صيف سنة ٢٠٠٧م، بادر (١٣٨) عالمًا من علماء الإسلام في محاولة لتهدئة العلاقات بين المسلمين والفاتيكان.. فأرسلوا إلى البابا رسالة من خلال مؤسسة آل البيت بالأردن يطلبون فيها الحوار للوصول إلى كلمة سواء، فكان الرد الفاتيكاني هو تصريح ممثل الفاتيكان بأن الحوار مع المسلمين صعب؛ لأنهم يؤمنون أن القرآن من عند الله! وفي إسرائيل زار متحف المحرقة وتحدث عن اليهود باعتبارهم الإخوة الأعزاء. ودعا إلى تعميق المصالحة مع اليهود.. وزار أسرة الجندي الصهيوني جلعاد شاليط الذي أسر وهو يقهر شعبًا فلسطينيًا يرزح تحت نير الاحتلال! وتجاهل البابا الذي يتحدث كثيرًا عن العدالة أن أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني بينهم نساء وأطفال يقبعون في سجون الدولة الصهيونية، لا لشيء إلا لأنهم يريدون تحرير وطنهم من قهر الاحتلال. وفي المرة التي أشار فيها البابا إلى حقوق الفلسطينيين بمدينة بيت لحم في ١٣ مايو سنة ٢٠٠٩م أكد حقهم في وطن داخل حدود معترف بها دوليًا، ولم يذكر مصطلح الدولة!.. وترك حدود هذا الوطن الذي ابتلعت المستوطنات الصهيونية في القدس والضفة الغربية أكثر من نصف بقاياه للمجتمع الدولي الذي يتحكم فيه الفيتو الأمريكي، والمسيحية الصهيونية الغربية!. ويشير عمارة إلى أن البابا نسي كل هذه الحدود والحقوق إكرامًا لعيون الصهيونية وهو الذي جعل عنوان كتابه عن مريم: ابنة صهيون، وأطلق على اليهود لقب الإخوان الأعزاء ومع هذه الحدود والحقوق الفلسطينية، تجاهل البابا وكنيسته حقوق الإسلام والمسلمين الذين يعترفون بالمسيحية وبكل النبوات والرسالات والكتب والشرائع، والذين يعظّمون رموز المسيحية أكثر مما يعظمها كثير من المسيحيين! والذين يتلون في صلواتهم آيات القرآن الكريم التي تصف الإنجيل بأن "فيه هدى ونور".
مسيحيون في ديار الإسلام ويستشهد الدكتور عمارة بموقف المسيحيين عبر التاريخ من الإسلام ويذكر أن الأسقف يوحنا النيقوسي شهد بأن الفتح الإسلام لمصر كان إنقاذًا لها ولمسيحيتها من الاضطهاد والظلم الروماني، كما شهد الأسقف ميخائيل الأكبر صاحب كتاب الحوليات على الاضطهاد الروماني للمسيحية الشرقية ونهب الكنائس والأديرة، وأن الخلاص جاء علي أيدي المسلمين، وأن الإسلام حل محل القوة والقسوة والأذى والحنق، كما شهد العلامة الإنجليزي سير توماس أرنولد أن السماحة الإسلامية مع غير المسلمين امتدت حتى العصر الحديث، وأن الاضطهاد الذي قاسى منه بين الحين والآخر علي يد المتزمتين والمتعصبين كان من صنع ظروف محلية ويزيد الدكتور عمارة من شهادات أقباط عرب وأوربيين محدثين وقدامي في محاولة لتأصيل كيف يكون واقع غير المسلمين في ديار الإسلام ليؤكد علي منهج الإسلام السلمي وليس العدائي في التعامل مع أتباع الديانات الذين يشاركون في الوطن الواحد. ض: صالح عبدالفتاح المدينة - ملحق الرسالة